صحيح أنّ لا كتاب تاريخ موّحداً للبنانيين، لكن تاريخ اندحار الإحتلال الإسرائيلي، قبل عشرين عاماً في 25 ايار (مايو) ما زال ماثلاً أمامنا وقابعاً في ذاكرتنا. امس، حلّت الذكرى العشرون لإندحار جيش الإحتلال الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، وتزامن ذلك مع مشهد إعلامي اتصف بعضه بالخزي. بعدما رُبطت المقاومة ووجودها وسلاحها، بحالة الإفقار التي بلغها اللبنانيون، كما حصل على المنصات الإجتماعية أمس حين رُبط ملف الإنهيار الإقتصادي بسلاح المقاومة، والترويج بأن الحل يكون عبر تطبيق قرارات «الشرعية الدولية»، كنا على موعد مع إعادة ترويج ونشر الأخبار الإسرائيلية. إذ حرصت mtv، في نشراتها المسائية والنهارية، على الاكتفاء بالاحتفال بذكرى التحرير على طريقتها، من خلال تكرار ما هدّد به وزير الخارجية الصهيوني غابي أشكينازي للبنان، وقوله بأن «المواجهة مع لبنان لم تنته». هكذا حلّت الذكرى العشرون للتحرير على «شاشة المر»، باستخدام مصطلح «انسحاب الإحتلال»، الذي اعتمد بعد عملية اندحار جنود الإحتلال، لكسر فعالية وجدوى المقاومة وإجبارها هؤلاء على الخروج من الجنوب اللبناني، وتصوير الأمر على أنه بحت إرادة ذاتية منه! هكذا، غابت عن هذه الشاشة كما على شاشات اخرى، ومواقع إخبارية، كـ «الكتائب» (عنونت «في الذكرى الـ20 لتحرير الجنوب... إسرائيل تؤكد: المواجهة لم تنته») معاني الذكرى وآلالام التي رافقتها، مع التأريخ لها كحدث مفصلي في تاريخ لبنان بل في العالم العربي، في دحر الإحتلال. أمر لم يكن كثيرون يتوقعونه في الداخل اللبناني. ليس عبثاً، أن يساق بعض الإعلام اللبناني الى هذه المستنقعات، واللعب على الذاكرة، ومحاولة محو تاريخ مشّرف من المقاومة والتضحيات. ووسط هذه السوداوية في مشهد الأمس، برز ما خصصته شاشة otv، لهذه الذكرى، التي قد يفاجأ بعضهم بما تضمنته مقدمة نشرة اخبارها التي فاقت السبع دقائق. مقدمة حماسية، احتفلت فيها على طريقتها بالذكرى، وانتقدت بشدة من «يتحدث بخبث وجبن مكبوت ونفاق معلن وكراهية عن مسؤولية المقاومة في الأزمة التي نعيش». مرة جديدة ينقسم فيها الإعلام اللبناني، لكن هذه المرة كان يفترض أن تكون مناسبة جامعة، وإذ ببعض الإعلام يمعن مجدداً في تبني سياسة دفن الرؤوس في الرمال، والحنين الى الزمن الإسرائيلي الذي انتهى قبل عشرين عاماً!