إنّ الفن والمسرح هما سبيلان إلى الحوار والانفتاح على الآخر. هذه القناعة التي تحفّز عملنا في «مجموعة كهربا»، نسائلها ونضعها تحت المجهر كل يوم. أي معنى ما زالت تكتسيه في خضم العنف الذي يحوطنا، والانحرافات التي تعشش في مجتمعنا وشريعة الغاب التي تتحكّم به؟ لعلّ المسرح هو ــ أكثر من أي وقت مضى ــ آخر مساحات اللقاء المتبقية في مجتمعنا. بل إنّه من الحكمة ــ أكثر من أي وقت مضى ــ تقديم هذه التجربة لجماهير لا تملك ترف الوصول دوماً إلى هذا النوع من الفن، أو تعاني من أوضاع وظروف صعبة، خصوصاً في مخيمات اللاجئين. أكان في بيروت أو أي مكان آخر، لا بد لنا من إعادة خلق فسحة للشعر، والثقافة، والتعبير الفني.
الثقافة عنصر أساسي
في تعزيز الكرامة الانسانية

من خلال جولات العروض على مختلف المناطق اللبنانية، أو عبر تنظيم مهرجان «نحن والقمر والجيران» المجاني، إنما نريد التوكيد على أنّ الثقافة عنصر أساسي في تعزيز الكرامة الانسانية، وأنّ التنوّع الثقافي وحده الضمانة لمناخ من التواصل والاحترام المتبادل مهما كانت اختلافاتنا.
أن تكون فناناً مسرحياً اليوم، يعني أن تلعب دوراً جوهرياً في تعزيز فرص اللقاء، ومد جسور التواصل، والتعاون، وتشارك الأحلام، والتساؤلات، والالتزامات، ومناهج التفكير. يعني أن تحثّ كل فرد على أن يكون خزّاناً للإبداع في محيطه. إنّه بابنا المشرع على مساءلة الحياة، بالعناصر التي تكوّنها وتلك التي اندثرت، على تاريخنا، وصراعاتنا، وإعادة مدّ الجسر مع هواياتنا المتعددة، وارثنا عبر استعادته بطريقة معاصرة، وتجديده بطريقة فنية.
نحنُ على يقينٍ بأنّ هذه الأعمال الفنية ليس سوى نجومٍ مضيئةٍ في عالمٍ يكتنفُه الظلام، لكنّنا نؤمن بضرورة المثابرة على رسمها في سماء حياتنا من أجل التذكير دائماً بأنّنا كائنات مجبولة بالفضول والخيال والأحلام والطموحات والتأمل والحسّ النقدي وروح العيش المشترك. يمنحنا الغوص في عالم المسرح فرصةً لتذوّق شيء من هذا الإحساس ومنح الأجيالِ الصاعدة إثباتاً على وجود بدائل عن الخطابِ الأحاديّ والفكرة الواحدة وأشكال التطرف والانحياز كلّها. يولّد فنُّ التواصل مع الآخر مشاريع جديدةً كفيلة بتطوير مخيّلتِنا وفضولنا وحسّنا النقديِّ بهدف المساهمة في بناء ثقافة السلام. إنّها مسؤولية مشتركة يجب على كلّ مواطنٍ أخذَها على عاتقِه.
* «مجموعة كهربا»