بصمت ومن دون الضجيج الذي يرافق رحيل النجوم عادةً، انطفأ الشاعر والكاتب المسرحي السوري عبد الفتاح قلعه جي (1938 ــ 2023/ الصورة) قبل أيام في حلب، بعد معاناته مع المرض. كأنّه راح باتجاه الخيار النهائي للتخلّص من ضنك الحياة وجلافتها والقسوة المفرطة التي صارت تسم اليوميات السورية، وخاصة في مدينة مكلومة مثل حلب التي لم يغادرها يوماً رغم كل ما عانته من لؤم الحرب. لكن سبق للرجل الذي عاش عمره وهو ينجز، أن اشتكى مثلاً مراراً من انقطاع التيار الكهربائي في بيته لأيام عدّة، وعتب على المسؤولين وأصحاب القرار على هذا الإهمال، وتوجّه لهم بالقول: «أهكذا، يتم تكريم الأدباء في بلادنا؟». وعلى الرغم من نعيه رسمياً من قبل وزارة الثقافة السورية، ونشر خبر وفاته في وكالة الأنباء الرسمية «سانا» وتأبينه من قبل عدد من المثقفين والمسرحيين السوريين، إلا أن الراحل لم يأخذ حقه كما ينبغي وهو صاحب مشوار طويل صاغه على قالب الإبداع والشغل بصمت وبدون ادعاء أو جلبة.
قلعه جي شاعر وكاتب مسرحي. وُلد في حلب ونشأ فيها. درس فيها حتى نال الشهادة الثانويّة، قبل أن يتخرّج من «دار المعلّمين» ويلتحق بكلية التربية ويكمل دراسته فيها، ثم ينال إجازة في الأدب العربي من «جامعة دمشق» (كلية الآداب). عمل مدرّساً في مدارس حلب ثم توجّه إلى الصحافة، إلى جانب تولّيه مهاماً في الإذاعة السورية. كذلك، كتب العديد من المسلسلات التلفزيونية والإذاعية. وعُيّن رئيساً لـ «فرقة المسرح الشعبي» في حلب عام 1968، وقد نشر شعره وأدبه في الصحف والمجلّات السورية وشارك في العديد من الندوات والمهرجانات في سوريا والوطن العربي، بصفته باحثاً ومحكّماً. له مؤلفات قصصية للأطفال ودواوين وأعمال مسرحية ودراسات في الفكر والأدب والفن. كما أنّه عضو في «اتحاد الكتاب العرب»، وهيئة تحرير مجلة «الحياة» المسرحية، وهيئة مجلة «الشهباء» الحلبية، وجمعية «العاديات». وقد صدرت له ثلاثة دواوين شعرية، هي: «مولد النور» (1971)، و«القيامة» (1980)، و«مسافر إلى أروى» (1994). أما رصيده المسرحي، فيضمّ مجموعة كبيرة من النصوص، من بينها: «ثلاث صرخات» (1966)، و«السيّد» (1967)، و«عرس حلبي»، و«حكايات سفر»، و«السهروردي».
وفي مجال القصة، نذكر من إصداراته: «أحاديث وقصص» (1978)، و«سلسلة أحسن القصص»، و«معراج الطير».
وعلى صعيد الدراسات الأدبية، فتناول العلامة خير الدين الأسدي، والشاعر أمين الجندي، وحافظ الشيرازي، ومسرح الريادة، وغيرها.
علماً أنّه نال في حياته جائزتَيْ: «مجلس مدينة حلب للإبداع الفكري» عام 1998، و«الباسل للإبداع الفكري» في العام نفسه. كما فاز بـ «جائزة الدولة التقديرية» في الآداب عام 2015.