غيب الموت في بغداد صباح اليوم الروائي عبد الرحمن مجيد الربيعي (1939) بعد مسيرة أدبية طويلة أثرى خلالها المكتبة العربية بعدد كبير من الأعمال الروائية والقصصية والشعرية والنقدية وكتب السيرة. ولد الراحل الراحل في السليمانية، وعاش في بغداد وبيروت وتونس، وكانت مجموعته الاولى «السيف والسفينة» صدرت سنة 1966 ولفتت إليه الانتباه وكتب عنه آنذاك الروائي الفلسطيني الراحل غسان كنفاني مقالاً أشاد فيه بهذا الكاتب الذي جاء إلى الأدب من الفنون الجميلة.تعددت أعمال الربيعي، لكنّ الخيط الرابط بينها كان رصد تحولات المجتمع العراقي والعربي. وكانت روايته «الوشم» التي طبعت في عشرات الطبعات من أبرز الأعمال العربية التي عبرت عن مناخ الهزيمة والأنكسار بعد حرب حزيران 1967.
ومن أبرز أعماله أيضاً نذكر: «الأنهار»، و«القمر والأسوار»، و«نحيب الرافدين» و«من سومر إلى قرطاج».
الربيعي الذي توفي في بغداد بعدما عاد إليها منذ حوالي سبع سنوات، غادر العراق اواخر السبعينيات وعمل في السلك الديبلوماسي العراقي في بيروت وشهد الاجتياح الاسرائيلي وتفجير السفارة العراقية في بغداد، وهي المأساة التي توفيت فيها بلقيس زوجة الشاعر نزار قباني لينتقل بعد ذلك مطلع ثمانينيات القرن الماضي إلى تونس لإدارة المركز الثقافي العراقي. بعد فترة وجيزة، انتقل إلى بغداد من جديد لكنه فضل هجر الوظيفة والعيش في تونس.
عاش الربيعي في تونس وكتب في معظم الصحف التونسية ونشر أعمالاً روائية وقصصية ونقدية وتزوج من القاصة التونسية رشيدة الشارني التي أنجب منها أصغر أبنائه سومر.
كان الربيعي تونسي الهوى وحصل على الجنسية التونسية منتصف التسعينيات وعمل لحوالي عشرين عاماً في وزارة الثقافة (مجلة الحياة الثقافية). وطيلة سنوات حصار العراق كان الربيعي بمثابة الواجهة الثقافية لبلاده رغم تقاطعه مع النظام العراقي، لكنه لم ينخرط في المعارضة العراقية ولم يعد للعراق إلا في السنوات الأخيرة فقط. وكان من المثقفين العراقيين الذين أدانوا الغزو العراقي رغم معارضتهم لصدام حسين.
عاش عبد الرحمن مجيد الربيعي بين المثقفين التونسيين كواحد منهم وقدم خدمات كبيرة للثقافة التونسية، وكان دائم العناية بالأصدارات التونسية والكتاب التونسيين في المنابر العربية.
بوفاة الربيعي تطوى صفحة أخرى من صفحات الروائيين الذين أغنوا الثقافة العربية في زمنها الجميل.
سلاماً لروح الربيعي الذي عاش بقلبين بغداد وتونس.