يوندي لي… من خلف البيانو إلى خلف القضبان

  • 0
  • ض
  • ض
يوندي لي… من خلف البيانو إلى خلف القضبان
يوندي لي رأس حربة البيانو الكلاسيكي في الصين

اعتقلت السلطات الصينية قبل أيام مواطنها، عازف البيانو العالمي يوندي لي، بتهمة «شراء خدمات جنسية»، حيث يواجه عقوبة 15 يوماً من السجن، بحسب القانون، بعد اعترافه بالأفعال المنسوبة إليه. يوندي لي (1982) ليس موسيقياً عادياً، فهو يشكّل، إلى جانب مواطنه السوبر ستار لانغ لانغ ومواطنته البارعة يوجا وانغ، رأس حربة البيانو الكلاسيكي في الصين، علماً أنه الألمع في الثلاثي الشهير الذي غزا العالم بدءاً من مطلع الألفية. أضف إلى أنه يُعتبر، عالمياً، الأكثر جدّية والأعمق فنياً بين مواطنيه من الزملاء الكثر. أمّا محلياً، فهو رمزٌ تفتخر به الدولة وتعدّه مثالاً أعلى للأجيال الصاعدة، بعد توجّه الصين إلى سياسة داعمة للموسيقى، الكلاسيكية الغربية بشكل محدّد، تعويضاً عن التأخّر الذي أصابها في هذا المجال بسبب «الثورة الثقافية» الشهيرة، أي الخطأ الفادح الذي ارتكبته الدولة الشيوعية الشاسعة. فمع دخولنا الألفية الثالثة، والتبدّي الواضح لإرهاصات الصعود السريع للصين على المستويات كافةً، بدءاً وانطلاقاً من الاقتصاد، شكّل يوندي لي أحد مؤشرات هذا الصعود بنيله المرتبة الأولى في «مسابقة شوبان» للعزف على البيانو، متخطياً جميع زملائه من الجنسيات المختلفة، وبالأخص الأوروبية، الذين هم «أقرب» ثقافياً إلى هذا النمط الموسيقي، مانحاً الصين «لقبها» الأول في هذه المسابقة، ومثبتاً كذلك البعد الإنساني للموسيقى الكلاسيكية، كأعمال فنية عميقة تتخطى بيئتها في المسّ بالمشاعر البشرية. يوندي لي الذي تبناه الناشر الألماني العريق «دويتشيه غراموفون» (معظم تسجيلاته صدرت تحت الـ«لوغو الأصفر» الشهير)، إثر فوزه بـ«مسابقة شوبان» يواجه ما هو أسوأ من السجن. فمع تبنّي الدول والمجتمعات (الغربية بشكل أساسي) سياسة مكافحة الدعارة واعتبار النساء في هذا المجال ضحايا لا مُدانات (وتجريم المُشتري)، سيكون من الصعب على يوندي، الذي زار لبنان ضمن «مهرجان البستان» (دورة العام 2010)، الخروج سالماً إلى نشاطه المعتاد، بين التسجيل والحفلات، ومن المحتمَل أن يفسخ «دويتشيه غراموفون» عقده معه (ولن يجازف ناشرون آخرون بضمّه، خوفاً على سمعتهم) وكذلك قد تفعل شركة «وورنر» (التي نشرت جزءاً من تسجيلاته، من بينها إصداره الأخير مطلع 2020) وكذلك قد تُلغى مواعيد أمسياته، وهي كثيرة حالياً لأنها تأتي تعويضاً عن الشلل الذي أصاب هذا القطاع منذ مطلع العام الماضي. أضف أيضاً المشاكل المعنوية التي سيكون عليه التعامل معها ربما لسنوات، ما يهدّد مسيرته كعازف بيانو محترف برمّتها، وقد بدأت بالفعل، حيث سحبت «جمعية الموسيقيين الصينيين» عضويته منها فور إعلان الخبر، كمّا دعت إلى مقاطعته. يوندي لي موسيقي كبير، لكنّ غلطة الشاطر بألف… وفي الصين بمليار.

0 تعليق

التعليقات