يمكننا القول إنّه ليست هناك ضجة ولغط أكبر من المصاحبين لإعلان نتيجة الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) التي يعلن عن الفائز بدورتها التاسعة اليوم في أبوظبي. اعتدنا كل سنة، وفي توقيت مشابه، على سماع الكثير من العويل والصراخ والنقد والاتهامات بالفساد والتواطؤ واعتماد معايير غير فنية، مثل المحاصصة الجغرافية أو الجندرية.
مرت الدورة الأولى (2008) على خير، وحصدها المصري بهاء طاهر عن «واحة الغروب». إلا أن المناوشات بدأت في الدورة الثانية (2009) التي فاز بها المصري يوسف زيدان (عزازيل). في تلك الدورة، قدّم الناشر رياض نجيب الريس استقالته من مجلس أمناء الجائزة، فاتحاً بذلك باباً للقيل والقال، بعدما أبدى عدم رضاه عن تجاهل لجان التحكيم لمجلس الأمناء وعدم اطلاعهم على مداولات أعضاء التحكيم، بخلاف انتقاده للكيفية التي كانت تعمل بها منسقة الجائزة جمانة حداد.
في الدورة الثالثة (2010)، لم تتوقف المناوشات، وقدمت الناقدة المصرية، شيرين أبو النجا، عضو لجنة التحكيم عن تلك الدورة، استقالتها، على خلفية اعتراضات على كيفية تصويت المحكمين. وفي النهاية، ذهبت الجائزة للسعودي عبده خال (ترمي بشرر). وعن ذلك، قال الروائي المصري محمد المنسي قنديل الذي كان مرشحاً في القائمة القصيرة: «خسارتي كانت متوقعة، خاصة أن لجنة التحكيم كانت تضم اثنين من أبناء الخليج وكاتبة تونسية غلبانة ومحكماً مستشرقاً يريد أن يتعرف أكثر إلى المجتمع السعودي وما يشهده من تطورات أدبية، لذلك جاء تفوق عبده خال».
في الدورة الرابعة (2011)، ورغم النعومة التي واكبت إعلان القائمتين الطويلة والقصيرة، إلا أن الفوز بالمناصفة بين السعودية رجاء عالم (طوق الحمامة)، والمغربي محمد الأشعري (القوس والفراشة)، جاء ليثير بعض البلبلة حول فكرة المناصفة والمحاصصة، إذ كانت عالم الكاتبة العربية الأولى التي تحظى بالجائزة، كما كان الأشعري المغربي الأول الذي يحظى بها.
دورة عام 2012، شهدت اعتراضات كبيرة على بعض الروايات الحاضرة في القائمتين الطويلة والقصيرة. انتقاد مستوى أعضاء لجنة التحكيم وكفاءتهم، صار منذ الدورة السادسة (2013) عيداً موسمياً مصاحباً لكل مرة يتم فيها إعلان قوائم «بوكر». ورغم فوز رواية جيدة بالجائزة (ساق البامبو) للكويتي سعود السنعوسي، إلا أن حضور أعمال أخرى أقل قيمة ضمن القائمة القصيرة، مثل «مولانا» للصحافي المصري إبراهيم عيسى، أثار تساؤلات حول كفاءة اللجنة ومدى تخصصها، لا سيما بعد استبعاد أسماء مكرسة من القصيرة، مثل اللبنانيين هدى بركات وإلياس خوري، والفلسطيني إبراهيم نصر الله.
الأمر تكرر في الدورة السابعة (2014)، مع استبعاد المصري إبراهيم عبد المجيد، والسوداني أمير تاج السر، بينما وصلت روايات ركيكة إلى القصيرة مثل «الفيل الأزرق» للمصري أحمد مراد التي قوبلت بالكثير من النقد. وذهبت الجائزة في تلك الدورة للعراقي أحمد سعداوي (فرانكشتاين في بغداد).
وتصاعدت وتيرة الانتقادات ضد لجان التحكيم في الدورة الثامنة (2015)، خصوصاً بعدما ضمت الإعلامية البحرينية بروين حبيب، برئاسة الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، وأثيرت تساؤلات حول منطقية تولي شاعر مهمة التحكيم في جائزة مخصصة للرواية. انعكست تلك التركيبة على أسماء الروايات المتواجدة في القوائم، مع حضور أعمال شديدة الضعف مثل «ألماس ونساء» للسورية لينا هويان الحسن، وأخرى عادية مثل «انحراف حاد» للمصري أشرف الخمايسي. ولم يضبط تلك المعادلة المائلة سوى حضور أعمال أخرى مميزة (شوق الدرويش) للسوداني حمور زيادة، والمغربي أحمد المديني (ممر الصفصاف).
أما الدورة الحالية (2016)، فقد عرفت زلزالاً آخر كان بطله الكويتي طالب الرفاعي، الذي اختيرت روايته «في الهنا» ضمن القائمة الطويلة، قبل استبعادها بسبب صدورها عن ناشرين مختلفين. وفي الإجمال، تبقى «بوكر» الجائزة العربية الأهم، رغم كل ما يصاحبها من تحفظات، ورغم هذا التاريخ من المناوشات واللغط المصاحب لكل موسم تعلن فيه النتائج.