فتح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله باباً جديداً في مسار الصراع مع إسرائيل، عندما فاجأ العالم كلّه بتحذير قبرص من مغبّة استخدام أراضيها في أي عدوان ضد لبنان. وقد أثارت التصريحات خشية قبرصية فورية. لكنّ موقف الرئيس القبرصي اليوناني نيكوس خريستودوليديس القائل بأن بلاده ليست طرفاً في أي مواجهة، عكس رغبته في تحاشي توجيه أي انتقاد سلبي إلى حزب الله تلافياً لأي توتر، خصوصاً أن لبنان وقبرص يتشاركان ملفَّي التنقيب عن النفط والغاز في البحر، ومسألة النزوح السوري والهجرة عبر قبرص إلى أوروبا.لكنّ القضية لا يبدو أنها وقفت عند حدود جمهورية قبرص الجنوبية (اليونانية)، بل انتقلت إلى الجزء الشمالي من الجزيرة (التركية)، وقد أفسح الإعلام التركي مساحة كبيرة ولا سيما في برامج النقاشات على المحطات التلفزيونية لكلام السيد نصرالله.
وكتب الصحافي القبرصي (اليوناني) نيكولاوس ستيليا في صحيفة «غازيتيه دوار» التركية أن تصريحات الرئيس القبرصي هدفت إلى القول بأن التعاون بين إسرائيل وقبرص واليونان قديم وليس من جديد فيه. وأضاف الكاتب أن توتر حزب الله إزاء قبرص سببه قيام الجزيرة بعمليات استخباراتية مشتركة مع إسرائيل ضد عناصر، تعتقد قبرص بأنهم مرتبطون بالاستخبارات الإيرانية.
ويرى ستيليا أن المسألة لا تقف عند تهديد قبرص نفسها، بل أيضاً هي رسالة إلى بريطانيا التي تملك قواعد عسكرية في الجزيرة وتنشط على خط التعاون مع إسرائيل. وينقل الكاتب عن خبراء قبارصة اعتقادهم بأن أي اعتداء على لبنان يمكن أن يحمل مخاطر استخدام القواعد العسكرية البريطانية في منطقتَي ديكيليا وإتروتيري اللتين كانتا منطلقاً لطلعات جوية إلى إسرائيل وضد اليمن.
ويقول الكاتب إن تهديدات نصرالله لم تشمل القسم التركي الشمالي من الجزيرة. ولكن وحدة الجغرافيا القبرصية قد تحمل مخاطر شمول ارتدادات أي عمليات عسكرية على القسم التركي من الجزيرة. ولا يفوت الكاتب الإشارة إلى تعداد الإسرائيليين والإيرانيين الكبير في قبرص الشمالية. وينقل الكاتب عن كواليس في قبرص الجنوبية أن مسؤولي قبرص يتحرّكون تجاه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لمنع أي تصعيد في الموقف.
ويكتب عمر بيلغه في صحيفة «حرييات» أن التهديد لقبرص الجنوبية يثير القلق أيضاً في قبرص الشمالية، مذكّراً بأن سوريا أطلقت في 30 حزيران 2019 صاروخ أس 200 على طائرة إسرائيلية جاءت عبر الأجواء اللبنانية، لكنّ الصاروخ أخطأ هدفه فسقط على بعد 300 كيلومتر قرب مدينة طشقند في منطقة جبال الأصابع الخمسة في شمال قبرص. ويقول الكاتب إن لا شيء يمنع من أن يطلق حزب الله صاروخاً على قبرص الجنوبية فيسقط في قبرص الشمالية، خصوصاً أن حزب الله «يملك صواريخ «زلزال»، مداها 210 كلم، وصواريخ «فاتح»، مداها 300 كلم بينما المسافة من لبنان الى قبرص هي حوالي 200 كلم، وأن أبعد مسافة من شرق لبنان (نقطة المصنع عند الحدود مع سوريا) إلى مدينة بافوس (جنوب قبرص) هي 330 كيلومتراً».