تحتجز سلطات العدو الإسرائيلي آلاف المعتقلين الفلسطينيين منذ بداية طوفان الأقصى المبارك في «أقفاص دجاج في الهواء الطلق» (كما وصفتها احد صحف العدو) وتمنع عنهم الطعام والشراب لفترات طويلة كما يؤكد وضع الرجال الذين أخلي سبيلهم أخيراً، حيث يصعب على بعضهم الحركة او المشي وحتى الكلام بسبب تدهور صحّتهم بشكل يستدعي علاجا طبيا ونفسيا طويل الأمد. وقد عصبت أعين المعتقلين وقيدت أيديهم أثناء إخضاعهم لتحقيقات قاسية تم خلالها تسليط الأضواء عليهم بشكل مكثف وعدم اطفائها ليلاً، بهدف إنهاكهم وتعذيبهم.
وكانت صحيفة «هآرتس» نشرت الشهر الماضي تقريراً جاء فيه أن 27 معتقلاً لقوا حتفهم في منشآت عسكرية إسرائيلية، وأن الجيش الاسرائيلي رفض تقديم تفاصيل حول ظروف وفاتهم. كما نشرت الصحيفة تقارير عن ظروف احتجاز قاسية وعنيفة.
وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الانسان قد اشار الى إن المعتقلين الفلسطينيين يُمنعون من استخدام الهواتف للاتصال بأسرهم

الاجتماع بالمحامين
تلقي الرعاية الطبية من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وأضاف المرصد أن «المعتقلين كانوا معصوبي الأعين ومقيدي الأيدي والأرجل، وإذا حاولوا طلب أي شيء، كانوا يقابلون بالإساءات والتهديدات». كما أفاد بعض المعتقلين المفرج عنهم أنهم شاهدوا سجناء مسنّين يتعرضون «للضرب القاسي والمعاملة المهينة».

التعذيب «روتيني»
العدد الدقيق للمعتقلين في «سدي تيمان» الذي يقع في منطقة بئر السبع غير معروف. معظمهم من المدنيين الذين اعتقلهم جيش العدو الإسرائيلي في شمال ووسط قطاع غزة، ومن بينهم أطباء وممرضون ومسعفون وموظفون اداريون في المستشفيات وفي منظمة الانروا وصحافيون ومعلمون. ويُحتجز المعتقلون من دون مراجعة قضائية ولا يُسمح لهم بلقاء ممثلي الصليب الأحمر والمحامين.
مطلع الشهر الماضي، نشر اعلام العدو الإسرائيلي رسالة أرسلها طبيب إسرائيلي عمل في المستشفى الميداني الذي أقيم في معتقل «سدي تيمان» إلى وزيري الدفاع والصحة في حكومة العدو يوآف غالانت وأورييل بوسو والمدعي العام غالي باهاراف ميارا. الرسالة تحذّر من أن إسرائيل «معرضة لخطر انتهاك القانون الدولي بسبب معاملة المعتقلين». كما ورد في الرسالة أنه «في هذا الأسبوع فقط، بترت ساقا سجينين بسبب إصابات ناجمة عن القيود، وهو حدث روتيني للأسف».
يسعى العدو الإسرائيلي الى تبرير انتهاك ابسط الحقوق الإنسانية للفلسطينيين بحجة انهم «إرهابيون»


ويُنقل معظم الفلسطينيين الذين اعتقلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة والضفة الغربية منذ تشرين الأول من العام الفائت الى معتقل «سدي تيمان». وناشدت «جمعية الحقوق المدنية» في فلسطين المحتلة، وهي جمعية إسرائيلية، المدعي العام العسكري لدى العدو الجنرال يفعات تومر يروشالمي الإغلاق الفوري للمنشأة بسبب وجود أدلّة على حدوث تعذيب هناك. وشددت الجمعية القلقة من تعرّض «إسرائيل» للملاحقة القضائية الدولية، على أن معتقل «سدي تيمان» ينتهك حق المعتقلين في السلامة الجسدية ويعرض حياتهم للخطر.

ناقوس الخطر الاصمّ
تدق العديد من منظمات حقوق الإنسان ناقوس الخطر بشأن ما يحدث في هذا المعتقل بينما تستمر سلطات العدو الإسرائيلي بتعذيب المعتقلين بأبشع الأساليب. وقد شبّه احد الحراس «سدي تيمان» بمعتقل غوانتنامو الأميركي الذي انشأه الجيش الأميركي بعد هجمات 11 أيلول 2001 لاعتقال «الإرهابيين». ويُحرم هؤلاء «الارهابيون» من كل الحقوق الإنسانية خلافاً للقانون الدولي ولشرعة حقوق الانسان. وبالتالي يسعى العدو الإسرائيلي الى تبرير انتهاك ابسط الحقوق الإنسانية للفلسطينيين بحجة انهم «إرهابيون». علماً ان عدداً كبيراً من المعتقلين في غواناتنامو اخلي سبيلهم بسبب عدم اثبات الجرائم الإرهابية التي اتهموا بها ودفعت الولايات المتحدة مبالغ ضخمة لهم لحثهم على عدم مقاضاة الاميركيين بسبب الاعتقال التعسفي والتعذيب والحرمان من ابسط الحقوق الإنسانية.

وزارة الصحّة الإسرائيلية تساهم في التعذيب
ونشرت منظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان» أيضاً تقريراً عن «سدي تيمان» تضمّن شهادات من المعتقلين الذين تم إطلاق سراحهم ومن العاملين الطبيين والصحيين هناك. وتوصلت المنظمة إلى نتيجة مفادها أنه يجب إغلاق المعتقل فوراً وإدخال المعتقلين الذين يحتاجون إلى رعاية طبية إلى المستشفيات المدنية، لضمان حصولهم على الرعاية المناسبة التي تتوافق مع أخلاقيات مهنة الطب. وأشارت المنظمة بإصبع الاتهام إلى وزارة الصحة قائلة ان توجيهات الوزارة بشأن الرعاية الطبية في «سدي تيمان» «تسمح بانتهاكات خطيرة لأخلاقيات مهنة الطب... بما في ذلك التورط في ممارسات ترقى إلى مستوى المعاملة اللاإنسانية أو التعذيب».
كما حذرت لجنة مناهضة التعذيب من الارتكابات الوحشية التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية في السجون والمعتقلات، واعترفت الطبيبتان الاسرائيليتان بيتينا بيرمانز وتامار لافي لصحيفة «هآرتس» بالتعذيب، وقالتا إنه «بعد ستة أشهر من بدء الحرب، يمكننا أن نقول بوضوح: يبدو أن إسرائيل تدير نوعا من سجن غوانتانامو الخاص بها».

(القوس)