في 15 تشرين الثاني 2023، بعد 40 يوماً على بداية العدوان الإسرائيلي المستمرّ على قطاع غزّة المحاصر، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2712 الذي يدعو إلى إقامة هُدن وممرات إنسانية عاجلة ممتدة في جميع أنحاء قطاع غزة. وفي 12 كانون الأول 2023، بعد 67 يوماً على العدوان، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية أصوات 153 دولة، قراراً عنوانه «حماية المدنيين والتمسك بالالتزامات القانونية والإنسانية»، يطالب بالوقف الإنساني لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة. وكان قد بلغ عدد الشهداء يومها 18412، وزاد عدد الجرحى على خمسين الفاً، فيما تعرّضت المستشفيات لقصف مركّز، وشدد العدو الإسرائيلي حصاره على غزة مانعاً ادخال الطعام والأدوية والمحروقات.في 26 كانون الثاني 2024، بعد 112 يوماً من القصف المتواصل على غزة واستشهاد 26083 وجرح 64487 آخرين، صدر قرار عن أرفع سلطة قضائية في العالم (محكمة العدل الدولية)، بأغلبية أصوات القضاة، يلزم «إسرائيل» بالتوقف عن قتل المدنيين الفلسطينيين وإلحاق الأذى الجسدي أو النفسي بهم وإخضاعهم لظروف معيشية يراد بها تدميرهم كلياً أو جزئياً.
صدر قرار محكمة العجل الدولية يوم الجمعة. في اليوم نفسه، ارتكب الجيش الاسرائيلي 19 مجزرة في غزة راح ضحيتها 183 شهيداً و377 جريحاً. في اليوم التالي (السبت) ارتكب جيش العدو 18 مجزرة راح ضحيتها 174 شهيداً و310 جرحى. ويوم الاحد ارتكب جيش العدو 19 مجزرة راح ضحيتها 165 شهيداً و290 جريحاً. وبدأ الأسبوع الذي تلى ذلك بمزيد من القتل، فشهد يوم الاثنين 14 مجزرة راح ضحيتها 215 شهيداً و300 جريح، ويوم الثلاثاء 13 مجزرة راح ضحيتها 114 شهيداً و249 جريحاً، ويوم الأربعاء 16 مجزرة راح ضحيتها 150 شهيداً و313 جريحاً، ويوم الخميس 15 مجزرة راح ضحيتها 118 شهيجاً و190 جريحاً. ما يعني ان مجموع المجازر التي ارتكبها جيش العدو منذ صدور قرار ارفع محكمة قضائية في العالم يأمرها بوقف القتل (حتى يوم الخميس) بلغ 279 مجزرة راح ضحيتها 1119 شهيداً و2029 جريحاً.
هكذا تردّ «إسرائيل» على «المجتمع الدولي» و«الأمم المتحدة»، وتبعث برسالة واضحة الى كل العالم لا تقتصر على القول بأن القانون الدولي لا يعنيها فحسب، بل ان أحداً لن يجرؤ على محاسبتها أو حتى معاتبتها على ابادتها للشعب الفلسطيني، وإنما العكس. فـ«إسرائيل» اليوم تحتاج الى اصدقائها اكثر من أي وقت مضى.
ينشغل الحقوقيون بتقديم آلاف التقارير والقرائن والوثائق والصور وعشرات آلاف الأسماء لبشر يستمر العدو الإسرائيلي في تصفيتهم يومياً منذ 120 يوماً وأكثر من 75 عاماً

والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وبعض الدول العربية وغيرها من الدول «الصديقة»، ضاعفت حجم مساعداتها الى «إسرائيل». أما منظمة الأمم المتحدة فانشغلت بدفن موظفيها الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي. وسارعت دول العالم المتحضر لمعاقبة الاونروا بسبب ادعاء المخابرات الإسرائيلية بأن عدداً من موظفيها قدموا مساعدة للمقاومة الفلسطينية وشاركوا في طوفان الأقصى. أما المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية فما زال مكتبه يجمع معطيات منذ عام 2008 عن «احتمال» ارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم بحسب القانون الدولي. وينشغل الحقوقيون بتقديم آلاف التقارير والقرائن والوثائق والصور وعشرات آلاف الأسماء لبشر يستمر العدو الإسرائيلي في تصفيتهم يومياً منذ 120 يوماً وأكثر من 75 عاماً.
هل وصلت الرسالة الإسرائيلية؟
لا اعتقد ان الانسان الصادق يحتاج الى هذه الرسالة ليعلم ان «إسرائيل» وحلفاءها يستهزئون بكل من يطالب بسيادة القانون الدولي. اما الآخرون فآذانهم صمّاء عن سابق تصوّر وتصميم للحفاظ على مصالحهم الضيقة حتى لو كان ذلك على حساب حياة آلاف البشر.
«هذا العدو لا يفهم إلاّ لغة الحديد والدم، وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن نواجهه بها». (السيد حسن نصرالله – احتفال ذكرى الشهداء القادة 16-2-2002)