يزداد عدد الشهداء المدنيّين الذين يستهدفهم العدو الصهيوني في جنوب لبنان منذ بداية العدوان على غزّة، ضارباً بعرض الحائط القوانين والمواثيق الدولية كلّها التي تدعو إلى تحييد المدنيّين في الأزمات والحروب.مسنّون في منازلهم، أطفال في سيارات أهاليهم، مدنيّون على الطرقات، وصحافيّون ينقلون الواقع الدمويَّ لهذا العدو المجرم.
ماذا يقول ذوو الشهداء المدنيّين الذين سقطوا في جنوب لبنان عن تحصيل حقوقهم عبر القضاء الدولي؟
الصحافي سمير أيوب الذي كان شاهداً على جريمة استهداف شقيقته سميرة أيوب وحفيداتها ريماس وتالين وليان شور، وهو الذي أسعف والدة الشهيدات الثلاث، بنت شقيقته هدى حجازي، فور استهدافها وأخرجها من السيارة، يطالب الحكومة اللبنانية بتحمّل مسؤوليّاتها القانونية والأخلاقية والاستمرار في متابعة الشكوى التي رُفعت مباشرةً بعد وقوع الجريمة إلى مجلس الأمن لإدانة العدو وتحميله كامل المسؤولية في الجريمة. ويدعو أيوب القيّمين على المؤسسات الرسمية اللبنانية والمعنيّين كلهم إلى رفع شكوى رسمية إلى كل المحافل الدولية المعنية بمحاكمة مجرمي الحرب خصوصاً الجنائية الدولية وكل المحاكم الأوروبية، لأن هذه الجريمة ارتُكبت بحق مدنيّين أطفال على يد كيان معترفٍ به في الأمم المتّحدة ومجلس الأمن، ويفترض به احترام القوانين المتعلّقة بحماية المدنيّين في العمليات العسكريّة.
ويتابع: «نحن كأهالٍ للشهداء نعتبر أن هذه الجريمة ارتُكبت عن سابق إصرار وتصميم، كون العدو كان يعلم من خلال طائرات المراقبة بوجود أطفال داخل السيارة، ورغم ذلك ارتكب جريمته». وأوضح أنه «تم توكيل مجموعة من المحامين اللبنانيّين المختصّين في هذا المجال لملاحقة المجرمين وتقديم دعاوى ضدهم في المحاكم المختصة لمعاقبتهم بحسب القوانين الدولية وقوانين محاكم الدول الأوروبية». ودعا «كل من يستطيع من الأوساط الرسمية والحكومية والخاصة والمنظمات المعنية المساعدة في تقديم الشكاوى، وأخصّ هنا نقابة المحامين بأن تأخذ على عاتقها ملاحقة المجرمين». وأشار إلى «أننا تواصلنا مع منظمة هيومن رايتس وورش وقدّمنا البراهين والأدلة التي تؤكد أن العدو كان يعلم بوجود أطفال داخل السيارة، تلقّينا من طرفهم تجاوباً وتفاعلاً إيجابياً إلى جانب تأكيد أن هذا الاستهداف يرقى إلى جريمة حرب»، لافتاً إلى أن «قناة سكاي نيوز وبي بي سي البريطانيّتين أجرتا تحقيقات وثائقية أكّدت أنّ العدو كان يعلم بوجود أطفال داخل السيارة».

الغدر الدولي
«ما في شي ببرد القلب لأن الفقد غالي. ربيع المعماري ليس فقط شهيد الغدر الإسرائيلي إنما أيضاً شهيد الغدر الدولي لأن الدول تدعم العدوان الإسرائيلي حتى على المدنيين إن كان في غزة أو في لبنان، بالتالي لا أمل لنا في الأمم المتّحدة التي حين أدان أمينها القصف الإسرائيلي جرى شتمه وتمت المطالبة باستقالته من الإسرائيلي ومن بعض الدول التي تدعمه» تقول منال جعفر زوجة الشهيد ربيع المعماري، مصور قناة «الميادين». وتضيف: «المتآمر الكبير ليس فقط الأميركان بل كل ما يسمّى المجتمع الدولي وكل من يدعمه، لأن إسرائيل تتمتع بكل هذا الغطاء، وهي تمارس القتل المجّاني تحت شعار أنها تضرب حماس والمقاومة الفلسطينية».
المتآمر الكبير ليس فقط الأميركان بل كل ما يسمّى المجتمع الدولي وكل من يدعمه

وحول موضوع تقديم شكوى في الأمم المتحدة، تقول منال: «لا ضير في أن تكون هناك شكوى في الأمم المتحدة ويتم تسجيل ما جرى بحق الصحافيّين والمدنيّين على أنه جريمة حرب، الأمر الذي يؤكد أن إسرائيل تمارس الإرهاب الدولي لانتهاكها القانون الدولي. السؤال الأساسي: هل هناك من يعتبر أن إسرائيل ستُدان انطلاقاً من هذا القانون الدولي؟ وهل سيسمح الأميركي بإدانة الإسرائيلي وهو الداعم لعدوانه؟». وتختم: «لا ثقة لنا بالقانون الدولي الذي تغطّيه أميركا، وهناك تساؤل هل إذا تم تقديم شكوى ستُدان إسرائيل؟ المشكلة أنّ الأقوى هو الذي يحكم العالم».

القضاء الدولي منحاز
من جهته، يعتبر هشام عمر والد الشهيدة فرح عمر أن «القانون الدولي لم يكن يوماً مع الأحرار منذ وضعه، لم يكن يوماً نصيراً للحق. على الصعيد الشخصي أجزم أن القضاء الدولي لا يمكن أن يأخذ لي حقي ولو بنسبة 1%، مستحيل أن يحصل ذلك. لم نسمع يوماً أن هذا القانون الدولي أنصف ضعيفاً أو مظلوماً، هو دائماً منحازٌ إلى أميركا وإسرائيل، يضع على رأسه القبّعة الإسرائيلية ويرتدي البدلة الأميركية». ويقول: «حقّ الشهداء تحصّله المقاومة، المقاومة التي تستمدّ قوّتها من رب العالمين، لأنها تجسّد الحق في وجه الظلم، لم تضعف ولم تساوم، هي القادرة على قهر العدو الإسرائيلي الذي قتل فرح وغيرها من الشهداء المدنيّين في لبنان وغزّة. نحن مع المقاومة ولن نكون إلا معها مهما غلت التضحيات، ومن يحاول أن يحصر المقاومة بفئة أو طائفة واهم، المقاومة تدافع عن كل لبنان وعن جميع اللبنانيّين».



لا نؤمن بالعدالة الدولية
أحد أقرباء المسنَّين اللذين استشهدا في شبعا خليل هاشم وزوجته زباد عاكوم، الناشط الاجتماعي محمد نبعة، يقول رداً على سؤال حول ثقتهم بالقضاء الدولي: «صفر على عشرين. لا نتأمّل شيئاً من القضاء الدولي والسبب قضيتنا مزارع شبعا المغتصبة والمحتلة منذ 1967 مع كامل المستندات والأدلّة على ثبوت ملكيّتها لأهل شبعا، ولم يتحرك المجتمع الدولي ولو لمرة واحدة، ولم ينصفنا بأقل حقوقنا، فكيف يمكن أن نؤمن بعدالة القضاء الدولي؟ هذا القضاء الدولي والمحاكم الدولية والأوروبية تناصر دوماً طفلها المدلّل إسرائيل». ويتابع: «شبعا قدّمت الشهداء وفخورة، وهي مستعدّة لتقديم المزيد. ستبقى قضيّتنا الأساسية هي فلسطين. الشكر لكل المقاومين الذين استرجعوا الأرض وحرّروها. هذا العدو لا يفهم إلا بلغة القوة، وبجهود ودماء المقاومة والمقاومين تُحرّر الأرض ويُصنع النصر وتُسترجع الحقوق المسلوبة، وبإذن الله ستتحرّر فلسطين وسنصلّي في القدس الشريف».