القسم الأكبر من الرسوم، أي رسوم التسجيل، يذهب لتغذية صناديق المديرية العامة للتعليم المهني والتقني، ولا سيما الصندوق الداخلي (لدعم المشاريع المشتركة بين المديرية والقطاع الخاص) وصندوق المساهمة (لدعم المدارس المتعثرة)، ولا تحوّل الأموال المستوفاة من الطلاب إلى صناديق المعاهد أو المدارس التي يتسجّلون فيها، وبالتالي لا يستفيد منها مباشرة الطالب أو صندوق المعهد لدعم المصاريف التشغيلية أو رواتب الموظفين المتعاقدين ممن يقومون بالأعمال الإدارية والحراسة والكناسة وغيرها، كما لا يستفيد منها أستاذ الملاك الذي يقبض راتبه من الدولة، ولا حتى الأستاذ المتعاقد الذي يتقاضى مستحقاته عادة من ميزانية التعاقد المرصودة في المديرية، علماً أن توزيع هذه الأموال على المشاريع المشتركة أو المدارس المتعثّرة يخضع لاستنسابية المدير العام وكبار الموظفين المسؤولين.
إذا كانت رسوم التسجيل تستند إلى مراسيم، وزيادتها تحصل بقرار من وزيرَي التربية والمالية، فإن فرض رسوم إضافية من دون الاستناد إلى مراسيم أمر مخالف للقانون، بحسب مصادر إدارية في التعليم المهني. فالمادة 2 (الفقرة أ) من قرار الوزير تنصّ على دفع رسم مستحدث بقيمة مليون ليرة لدراسة المواد العامة في السنتين الثانية والثالثة من شهادة البكالوريا الفنية والثانوية المهنية، من دون أيّ مسوغ قانوني، فما هو هذا الرسم؟ ولماذا سيُدفع، وما هي وجهة استعماله وإلى أيّ صندوق سيذهب؟
أما الفقرة «ب» فتتناول رسم الاشتراك في مباراة الدخول بقيمة مليون ليرة لشهادات السنتين الأولى والثانية من شهادة التكميلية المهنية، والثانوية المهنية والبكالوريا الفنية، ومليون و500 ألف ليرة للانتساب إلى مباراة الدخول في الامتياز الفني والإجازة الفنية والمشرف الفني - ماستر. وربما هي سابقة في التعليم المهني الرسمي أن يفرض رسم للمشاركة في مباريات دخول لا تحصل إلا في ما ندر، علماً أن الرسم كان يتراوح العام الماضي بين 100 و150 ألف ليرة. والمفارقة هي في وجهة استعمال هذه الأموال المنصوص عليها في الفقرة نفسها، وهي لتغطية أجور المراقبة وتصحيح المسابقات في مباراة الدخول، وتدفع للأساتذة المتعاقدين غير الموظفين وفقاً للقوانين المرعية الإجراء، وبموجب جداول ينظمها مدير المعهد ورئيس الدروس النظرية. لكن هل هناك فعلاً قوانين تسمح بدفع تعويضات إضافية للأساتذة المتعاقدين غير مستحقاتهم السنوية وتعويضات المشاركة في الامتحانات الرسمية؟ وماذا عن الطلاب في السنوات الثانية والثالثة، هل يدفعون رسم مباراة الدخول؟ والأهم من سيراقب توزيع التعويضات ووفق أي معايير؟ مع الإشارة إلى أن هذه التعويضات المالية ستحوّل إلى صندوق المساهمة في المعهد، لكن من يضمن عدم توزيع الأموال على الأزلام والمحاسيب وتغطية توظيف سياسي مخالف للقانون، وخصوصاً أن الأموال قد تحوّل، بحسب المصادر الإدارية، إلى معاهد توظف موظفين على حساب صناديقها أكثر من العدد المسموح به في القانون وفقاً لعدد الطلاب، كأن يكون هناك 17 موظفاً فيما القانون يسمح بتوظيف 6 أشخاص كحد أقصى!
رسوم غير قانونية و«خوّة» للرياضة، فيما لا ملاعب ولا حصص رياضية
أما رسم الانتساب إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فقد ارتفع من 90 ألف ليرة في العام الماضي إلى مليون و80 ألفاً هذا العام (2023 - 2024).
كذلك، يبدو مفاجئاً في ظل هذا الوضع الاقتصادي الاستثنائي، أن يفرض القرار على الطالب دفع 150 ألف ليرة لشراء الأدوات الرياضية، وتمويل لجنة رياضية غير معروفة مهامها بـ 150 ألف ليرة، في حين أن غالبية المعاهد المهنية الرسمية تفتقر إلى ملاعب رياضية، ونادراً ما تكون فيها حصص رياضية، وهنا أيضاً ليس هناك مسوّغ قانوني أو مرسوم يستند إليه الوزير لاستيفاء هذه الرسوم.
يبقى أن الرسم السنوي الإضافي الذي يدفعه الطالب الأجنبي بقيمة 3 ملايين ليرة سيذهب هو أيضاً إلى الصندوق الداخلي في المديرية العامة، ولن يستفيد منه الطالب أو صندوق المعهد أو الأستاذ.