«أخدني معه بالسيارة.. حَط إيده هون.. وأنا حطّيت إيدي هون.. يردّد ابني ذو الـ11 ربيعاً هذه الجُمل المتقطّعة طوال اليوم ويقوم بحركات تدل على إيحاءات جنسية، عندها أدركتُ أنه تعرّض لاعتداء جنسي»، تستذكر خديجة الحادثة التي استُغلّ فيها ابنها الذي يعاني من تأخّر عقلي من قِبل قريب يكبره بـ 15 سنة.في تلك الأماكن التي يُفترض أنها تمثّل الأمان والطمأنينة كالبيت والمدرسة وأماكن العبادة، ومع أشخاص يجسّدون الحماية والثقة كالعائلة والأقارب والمعلّمين ورجال الدين، قد يتعرّض الأطفال ذوو الإعاقة إلى العنف الجنسي. تشير بعض الدراسات إلى أن 90% من الأشخاص الذين يعانون من إعاقات في النمو معرضون لخطر الاعتداء الجنسي في مرحلة ما من حياتهم. قد تبدو هذه الأرقام مبالغاً فيها، إلّا أن هنالك أسباباً عديدة لارتفاعها. فمن جهة، يضطر الأشخاص ذوو الإعاقة، وبحسب احتياجاتهم، للامتثال والاعتماد دوماً على الآخرين، مما يعرّضهم أكثر للاستغلال. ومن جهة أخرى، «يستسهل» الجناة الاعتداء على الأفراد الذين لا صوت لهم، غير القادرين على الإبلاغ عن إساءة معاملتهم وتعرّضهم للاعتداء، أو حتى في حالات التبليغ قد لا يصدقهم أحد، فيمثّل الأشخاص ذوو الإعاقات العقلية في هذه الحالة {الضحية المثالية}.

عدالة مؤجّلة
خديجة، بمساعدة المركز الخاص الذي يُعنى بطفلها، رفعت كتاباً لوزارة الشؤون الاجتماعية للتحقيق في الحادثة. الوزارة بدورها رفعت الأمر إلى محكمة الأحداث. جرى التحقيق مع الأهل مرتين، بعدها «نام» الملف في الأدراج. في هذا الوقت، لم تغفل الأم ولا المركز عن متابعة حالة الطفل النفسية والتأهيلية إلى أن استقرّ وضعه وأصبح سلوكه أكثر انضباطاً. «هلّأ بعد كل هالوقت بيحكوني من المحكمة كرمال حرّك القضية؟ مش كأنه بكير؟». رفضت خديجة زجّ ابنها من جديد في تفاصيل هذه الحادثة قائلة: «ما صدقت ابني تخطى الصدمة وصار شاب بيجنّن، لحتى إرجع رَجعُه لورا وعيشُه تروما جديدة؟ أكيد لاء».
«عم نواجه مشاكل دايماً مع القضاء بتأخّره للبتّ بمثل هيدي القضايا»، تقول الأخصائية في العلاج النفسي العيادي وإدارة حالات حماية الأطفال عبير جواد، وتُضيف: «في حالات الاعتداء الجنسي للأطفال ذوي الإعاقة، فإن أي خطوة نقوم بها يجب أن يكون أساسها المصلحة الفضلى للطفل».
وحول رد فعل الأم خديجة، تشرح جواد: «في حالات الاغتصاب وأخذ القرار بالادعاء على الجاني، يؤخذ في الاعتبار العديد من المعايير لفتح القضية من جديد ومنها: حالة الطفل، ونوع التأخر العقلي لديه، ودرجه وعيه للشيء الذي تعرض له، وإن كان ما زال يذكر تفاصيل الحادثة، أو أنه ما زال على احتكاك مع الشخص المعتدي، أو يصادفه في البيئة التي يعيش فيها».
وماذا لو أصرّت خديجة على أخذ حق ابنها، ووافقت على فتح القضية من جديد؟ تُجيب جواد: «يأتي هنا دور الأخصائية النفسية للطفل ومندوبة الأحداث، بتأمين الرعاية والتأهيل للطفل قبل المحاكمة Preparation phase، وأثناءها، على أن يُشرح له -بحسب قدراته الاستيعابية- عن الأمر الذي سيواجهه.
وفي حالة التخوّف من تدهور صحة الطفل النفسية، تشرح جواد أنه «لدواع نفسية، من الممكن طلب عدم مواجهة الطفل مع المعتدي في المحكمة، وهنا ينظر قاضي الأحداث في القضية نظراً لحساسية الأمر وخطورته على صحة الطفل، وقد تقتصر مواجهة المعتدي حصراً مع الأهل. أمّا الطفل فيمكن الحديث معه على انفراد مع قاضي الأحداث وبوجود مندوبة الأحداث وبعيداً من قوس المحكمة، مراعاةً للوضع». وفي حالات أخرى، حيث يكون فيها الطفل من ذوي الإعاقة العقلية قادراً على فهم مجريات الأمور بشكل أكبر، تُضيف جواد: «من العدل والإنصاف أن يعلم هذا الطفل وغيره من الأطفال ذوي الاحتياجات الإضافية الذين تعرّضوا لأي اعتداء، أن حقّهم لن يضيع، وأن أي شخص سيقدم على أذيتهم سيعاقب، حتى ولو بعد حين».

استغلال جنسي بدل إيجار غرفة
«دق عليي جاري الدكّنجي وقال لي: عم يدقولك على رقمي من المخفر»، تقول نجوى، (57 سنة) لبنانية الجنسية، التي تسكن في غرفة تنعدم فيها مقوّمات العيش في إحدى ضواحي بيروت، تعاني من ميلان بالحوض ناجم عن قصر قدمها اليسرى الأمر الذي يمنعها من العمل. وهي تحمل بطاقة معوّق لكنها لا تجني منها شيئاً. أمّا ابنها أحمد (17 سنة)، فهو يحمل الجنسية السورية ويعاني من تأخّر عقلي وغير مسجّل في وزارة الشؤون الاجتماعية لأنه «أجنبي». واضطر، بعد وفاة والده قبل سنتين، إلى العمل لدفع إيجار الغرفة وتأمين قوت اليوم. كل ما كانت تعرفه نجوى أن ابنها يعمل بائعاً متجوّلاً لمصلحة شخص لديه محل تجاري قريب من المنزل. إلى أن جاءها خبر إلقاء القبض على ابنها بتهمة إقامة علاقات جنسية بما «يخالف الطبيعة» وتعاطي المخدرات. وبحسب أم أحمد، اعترف الرجل (48 سنة) الذي ضُبط معه والذي هو نفسه صاحب المحل، باستغلاله لإعاقة أحمد العقلية، والاعتداء عليه جنسياً وإجباره على تعاطي المخدرات مقابل دفع إيجار الغرفة وتقديم بعض الحاجيات من طعام وشراب وأدوية. شارحاً له بأنها الطريقة الوحيدة لكسب المال السريع والوفير لإعالة أمّه. استطاعت نجوى إخراج ابنها من الحجز بوساطة أحد أقاربها، فهي لا تتحمّل الابتعاد عنه، لكنها لم تستطع حمايته من الاستغلال، تبكي وتقول: «متأكدة إنه الصبي راح خلص، هيدا الطريق ما في منه رجعة، لا قادرة حطّه بمركز وما عندي ولا أي معيل».
«من الضروري إنزال أشد العقوبات بالشخص المُغتصب أو المُعتدي على ذوي الإعاقة، لما يشتمل جرمه على قمة الاستغلال واللا إنسانية» تقول جواد، «بخاصة أن المتحرشين أو المغتصبين، يملكون الكثير من الحيل والوسائل للوصول إلى ضحاياهم، فكيف إذا كان الضحية حلقة أضعف!».

عدم تقبّل الأهل لطفلهم المعوّق
ج. (16 سنة) طفل مُصاب بمتلازمة داون (تثلث الصبغي 21)، يسكن مع عمّته منذ كان في السادسة من العمر، بعد أن تخلّى عنه والداه إثر انفصالهما بسببه، بحسب ما تذكر العمّة، فطوال ست سنوات لم يتقبلا إنجابهما لطفل معوّق، فأدارت الأم ظهرها، وتزوج الأب وأنجب أطفالاً، مكتفياً بالرعاية المادية المتواضعة لابنه، ومتجاهلاً الرعاية العاطفية والنفسية.
تقول الاختصاصية الصحيّة الاجتماعية في «مركز مُصان لذوي الاحتياجات الخاصة» وفاء أخضر «نشهد بعض الحالات حتى اليوم، حيث العائلة الكبيرة ترفض وجود شخص معوّق، مثل الخالات والعمات اللواتي يمنعن أطفالهن من اللعب أو التواصل مع قريبهم من ذوي الإعاقة». وتُضيف أنه «يُلحظ أيضاً عدم تقبّل للطفل من ذوي الإعاقة من قِبل الأهل الجُدد، الذين لم يتجاوز عمر ابنهم السنتين، وما يزالون تحت تأثير الصدمة وحالة الرفض». ومن هنا تؤكد على مهمة ودور المركز الرعائي على احتضان الأهل وبخاصة الأم، «بعض الأمهات بيجوا عالمركز ومفكرين إنه ابنهم هو الوحيد يلي عنده حالة خاصة، وإنهن الوحيدات يلي عم يعانوا، وبس نشرحلهم أكثر ويكرروا زيارتهم للمركز بيصيروا يحمدوا الله بس يلاقوا حالات أصعب من ابنهم، ووقتها بيتقبّلوا».
كما تُشير أخضر إلى أن نسبة تقبّل الأمهات لأولادهن من ذوي الاحتياجات الإضافية أعلى من نسبة تقبّل الآباء. مما يشكّل ضغطاً كبيراً على الأم، ويحمّلها عبء الرعاية بمفردها.

معاناة متزايدة
في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وازدياد السرقات وحالات النشل، يُخشى على ذوي الإعاقة، كونهم أكثر عرضة للسرقات وهدفاً سهلاً للمجرمين. وهذا ما تؤكده أسماء (43 سنة) التي أُصيبت بشلل نصفي جرّاء حادث، جعلها تلازم كرسيها المتحرّك منذ أكثر من 20 سنة، وبعد فقدانها الأمل بإيجاد فرصة عمل لجأت إلى التسوّل المقنّع على مفترق الطرق، فهي تبيع ما تيّسر لها شراؤه «حسب ما إقدر، أوقات بشتري محارم وأوقات سكاكر، المهم بيع وطلّع قرشين لإشتري دوايي». تعرّضت أسماء للسرقة عشرات المرّات، لم تستطع خلالها أن تلحق بالسارق ولا أن تُدافع عن نفسها، فالشارع «مليان وحوش، ما حدا بيساعدك ولا بيسأل عنك من دون مقابل»، وتُضيف: «لو مجمعة المصاري لسرقولي ياهن كنت اشتريت كرسي على بطارية». تضحك أسماء وتُردف قائلة بقلق: «دخيلك هلّأ إذا خبّرتوا عنّي بيفكروني ملاني مصاري وبصير فريسة إلهم»، رافضة ذكر اسمها الحقيقي وموقعها الجغرافي.

سياسة حماية الطفل
تُشير أخضر لـ«القوس» إلى أنّ «أي شخص يتقدم للعمل داخل المركز، تحت أي توصيف وظيفي، عامل، أو مربّ، أو مساعد مربّي أو أي شخص يكون على علاقة مباشرة وتواصل مع الطلاب من ذوي الإعاقة، يخضع لفترة تدريب للتأكد من أهليته، مع مراقبة دورية مستمرة لعمله وسلوكياته مع الأطفال. لضمان عدم تعرّض الأطفال لأي نوع من الانتهاكات». وتُضيف: «وثيقة سياسة حماية الطفل يلي شاركنا بوِرش عمل ومشاورات تمهيداً لولادتها، كانت وثيقة جداً مهمة، ساعدتنا كتير في ما يختص بهذا الجانب». فوفقاً لـ«وثيقة سياسة حماية الطفل الموحّدة الخاصة بالمؤسسات والجمعيات الأهلية العاملة مع الأطفال في لبنان» التي نُشرت عام 2015، فإنّ أي فرد أو شخصية معنوية ضمن مؤسسات المجتمع المدني، يعدّ ملزماً بالتوقيع على إعلان التزام بالمبادئ الخاصة بسياسة حماية الطفل. «أعضاء الهيئة الإدارية، وكل موظف أو متطوّع أو متدرّب بالمركز، لازم يوقّع على هيدي الوثيقة»، الأمر الذي يحمّله مسؤولية الالتزام بها، والأخذ في الاعتبار أنّ أي خرق لأحد بنودها يعرّضه للمساءلة ويُتابع ملف قضيّته مع وزارة الشؤون الاجتماعية التي بدورها ستأخذ الإجراءات المناسبة بحقه.
ووفق الوثيقة نفسها، فُصِلت سميرة من عملها كمساعدة مرب في أحد المراكز الخاصة في بيروت، بعد أن نعتت طالبة مصابة بشلل دماغي بلفظ ناب أمام المربية والصف الذي ضم 10 طلاب آخرين لديهم إعاقات مختلفة. فكان رد المعنيين في المؤسسة بحسب ما ذكرت سميرة لـ«القوس»: «إذا الطفلة ما قادرة تاخد حقها منّك وتجاوب وتحكي، نحن دورنا نعطيها حقها». وعلى الرغم من ذلك، تحاول سميرة التخفيف من وطأة سلوكها قائلةً: «يعني أنا قِلت كلمة وبس، وكنت معصبة والبنت ما وقّفت طرطقة، مش مستاهلة يطردوني»، متجاهلة أن سلوكها يُصنّف تحت خانة العنف، والذي يعني «كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية، والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال أو إساءة معاملة أو استغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية» (الفقرة الأولى من المادة 19 من اتفاقية حقوق الطفل). كما يُعدّ خرقاً للفقرة الأولى من المادة 15 من «اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة»، التي تنصّ على أن «لا يُعرَّض أي شخص للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة».

للتكافل الاجتماعي
قبل أن تتوالى الأزمات على لبنان، شهدت المؤسسات الرعائية والتعليمية لذوي الاحتياجات الإضافية أزمات مالية وصعوبات في تحصيل حقوقهم. فإلى أين وصل بها الحال اليوم مع ازدياد الوضع سوءاً؟
تُشير أخضر إلى أن هناك صعوبة في توقيع العقود مع الوزارة، لا سيّما أن عدداً من المؤسسات الخاصة قد أغلقت أبوابها بعد كفّ الدعم الكلّي لوزارة الشؤون الاجتماعية، بما في ذلك المستحقات التي من المفترض أن تدفعها للمؤسسات على سعر صرف 1517 ل.ل. وهي ما يعادل 20 ألف ل.ل. للطفل الواحد مقابل كل يوم دراسي -وهذا إن أقرّوا بدفعها. «تقصير الدولة حدّث ولا حرج! فحتى اليوم، لم نتسلم سوى جزء بسيط من المستحقات، ونعمل بكل طاقاتنا على عدم الانتقاص من حقوق هؤلاء الطلاب، ضمن الإمكانيات المتاحة داخل المركز وموارد الدعم الخارجية».
ومن هنا تؤكد أخضر على أهمية التكافل الاجتماعي والدور الذي يلعبه «كل من مؤسسات المجتمع المحلي والأحزاب والمنظمات الدولية لدعم المركز بالموارد وأهالي الطلاب بتغطية جزء من النفقات».
كشفت وزارة التربية والتعليم العالي في الشهر الأخير من العام الفائت، أن العدد التقديري للأولاد ذوي الاحتياجات الإضافية بلغ نحو 300 ألف، وأنّ 1% فقط من هؤلاء مسجّل في المدارس الرسمية الدامجة. ومع الإضراب المستمر لهذه المدارس، يُسلب هؤلاء الأولاد حقّهم في التعلّم، ويتخبّط الأهالي غير القادرين على دفع الأقساط المرتفعة للمدارس والمراكز الخاصة.

وثيقة سياسة حماية الطفل الموحّدة الخاصة بالمؤسسات والجمعيات الأهلية العاملة مع الأطفال في لبنان




المنسيّون: ذوو الإعاقة في الأزمات الإنسانية
يكثر الحديث في الآونة الأخيرة بسبب انتشار حدوث هزّات أرضية وزلازل، حول الإجراءات الوقائية الواجب اتباعها قبل، وأثناء، وبعد حدوث الكارثة، من دون الالتفات والمراعاة لوجود أشخاص من ذوي الاحتياجات الإضافية، لا يستطيعون تطبيق تلك الإجراءات. وبعد إبرام لبنان لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (بموجب المرسوم رقم 10966/2023)، أصبح من الدول الأطراف التي تتعهد في حالات الخطر والطوارئ الإنسانية «باتخاذ كافة التدابير الممكنة لضمان حماية وسلامة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يوجدون في حالات تتّسم بالخطورة، بما في ذلك حالات النزاع المسلّح والطوارئ الإنسانية والكوارث الطبيعية" (المادة 11). وحتى اليوم لم نسمع عن توصيات حول الإجراءات الوقائية التي تخصّ هذه الفئة، والتي تُواجه مخاطر إضافية أثناء الكوارث مثل الهجر والإهمال وتجاهل احتياجاتهم. وفي هذه الأزمات الإنسانية تحديداً، من المفترض أن يكون ضمان حقوق ذوي الإعاقة في التوعية والإغاثة من أولويات الحكومة والجمعيات الأهلية. ولنفترض أنّ هناك صفارات إنذار تحذّر من وقوع كارثة ما، فإن ذوي الإعاقة السمعية كشخص أصمّ لا يمكنه سماعها. وذوي الإعاقة الحركية كمستخدم لكرسي متحرك، سيكون من الصعب عليهم الوصول بسرعة إلى منطقة آمنة. وقد لا يتمكن ذوو الإعاقة العقلية من الاستجابة لحدث طارئ وخطير بالسرعة الكافية التي تمكنّهم من الفرار.
من المفترض أن تحدث الدولة تغييرات قائمة على فهم الإعاقة كجزء من التجربة البشرية، وليست مرضاً يحتاج إلى العلاج الدوائي فقط. وأن لا يقتصر دور المجتمع على النهج الطبي والخيري تجاه الإعاقة، بل يتحمل أيضاً المسؤولية لإزالة الحواجز التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في أوقات الكوارث، كما يفعلون أيضاً في أوقات السِلم.
وبالحديث عن الأزمات الإنسانية، لا بد من ذكر الكسر الحاصل لميزان العدل والإنصاف، إذ إن القانون رقم 220/2000 «حقوق الأشخاص المعوّقين» لا يسري على الفلسطينيين والسوريين من ذوي الإعاقة، المقيمين في لبنان، فهم محرومون من الخدمات الصحية والرعائية الرسمية المناسبة - إن وُجدَت - باعتبارهم «أجانب» أو «لاجئين».


حبر على ورق
أُعدّ مشروع القانون رقم 171/2020، الرامي إلى استبدال كلمة «المعوقين» بعبارة «ذوي الاحتياجات الإضافية» أينما وردت في النصوص القانونية والمراسلات كافة، لا سيّما وأن تسمية «معوّق» تطرح إشكالية تتعلّق بفئة كبيرة تشكّل جزءاً من المجتمع اللبناني، وبما أنها عبارة تعني أن الشخص مصاب بعائق يُعيق تطوّره وإنتاجه، وبما أن التمييز ضد أي شخص على أساس الإعاقة يمثّل خرقاً لمبدأ المساواة الذي كفله الدستور اللبناني (الفقرة ج من مقدمته، والمادة 7، والمادة 12)، وكذلك المواثيق الدولية المُصادق عليها. أتت هذه الخطوة والتي تُعدّ مهمة من حيث تكريس مبدأ حقوق الإنسان والمساواة، كما تُظهر البُعد الإنساني، إلّا أنّها تبقى حبراً على ورق كحال القانون 220/2000. فلم يجنِ الأشخاص المعوقون حتى اليوم شيئاً.
(راجع» القوس»، عدد 19 آذار 2022، «العيش الكريم لذوي الاحتياجات الإضافية»)