"نحن نذهب وهي تبقى" يقول قائد الشرطة القضائية سابقاً العميد أنور يحيى عن قوى الأمن الداخلي في خاتمة كتابه "الشرطة القضائية في لبنان: حقائق وإنجازات". يشير يحيى في كتابه إلى حيث أصابت المؤسسة وإلى حيث أخطأت. ويتناول فصولا ًمن تاريخها كقائد لها. كذلك يشدد العميد في كتابه على أهمية مكافحة الفساد داخل المؤسّسة، وعلى تطوير قسم المباحث العلمية والأدلة الجنائية، وعلى التدريب المستمر للعناصر والضباط القائمين على التحقيق من أجل استخدام الأدلة الجنائية وتحليلها بطرق علمية دقيقة. وفي هذا الصدد يقول إن عمل وحدة الشرطة القضائية "التي يرتدي عناصرها اللباس المدني، هو محض جزائي عدلي يرتكز إلى البحث عن الأدلة الجنائية، والتحقيق مع المشتبه بهم والشهود والمدّعين، واستخدام أرقى أساليب التحقيقات المتجانسة مع حقوق الإنسان وليس العنف والابتزاز".نعرض في الآتي أبرز ما جاء في الكتاب من إنجازات وتطوّرات شهدتها الشرطة القضائية، خاصة وقد كان هناك أهمية خاصة لدرس وتلبية حاجات الشرطة القضائية، وهي المتخصّصة في عملها كضابطة عدلية لديها القدرات التحقيقية وهي المولجة قانوناً بالتصدي للجرائم والمحافظة على الأمن ولمواكبة الحاجات التحليلية مع تطوّر الجريمة.

من أحدث الأنظمة التشبيهية لمسرح الجريمة
لدى الشرطة القضائية مبنى مخصّص لمحاكاة مسرح الجريمة Crime Scene Simulation، يماثل أرقى كليّات المباحث والتحقيق في الخارج، ويُعتمد لتدريب المحققين في الوحدات العملانية في قوى الأمن الداخلي، وإجراء عدة دورات تدريبية للضباط والرتباء للتخصّص في التفتيش عن الأدلة في مسرح الجريمة. ولاطّلاع عناصر التحرّي العاملين في مكاتب وحدة الشرطة القضائية ومفارزها على تقنيات جمع الأدلة الجرمية، رفع البصمات، رفع الحمض النووي وغيرها لتنمية قدراتهم المهنية في عملهم التحقيقي.

مكافحة جرائم المعلوماتية أصبحت أكثر فاعلية
أضحى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية مجهّزاً بأحدث المعدّات والبرامج المتطوّرة، للتصدي وتوقيف قراصنة الحسابات والبريد الإلكتروني واختراق المراسلات الشخصية السرية للأشخاص والإساءة إلى سمعتهم في شتى الحقول. كما أن رتباء وضباط من الشرطة القضائية وشعبة المعلومات، التحقوا بعدّة دورات تدريبية تقنية للتحقيق في الجرائم المعلوماتية.

الكلاب البوليسية كضابطة علمية
يعمل مكتب اقتفاء الأثر ضمن قسم المباحث العلمية في وحدة الشرطة القضائية، ويضمّ عشرات الكلاب المدرّبة في اختصاص: الكشف عن المتفجّرات، الكشف عن المخدّرات، الدفاع الذاتي واقتفاء أثر المفقودين. كما يتلقّى العناصر دورات حول كيفية التعامل مع الكلاب البوليسية للكشف على السيارات والأشخاص وعلاقة الكلب البوليسي بمدرّبه.

مختبرات جنائية
تمّ تجهيز قسم المباحث العلمية في الشرطة القضائية بمختبر جنائي مؤهّل، ولا سيّما في قضايا السموم والمخدّرات والحمض النووي. إن القدرات الجديدة للمختبرات الحديثة، تشكل قفزة نوعية في حقل كشف الجرائم وتحليل الآثار والأدلة الجرمية.

لتحقيقات اكثر علمية
في سبيل تطوير النتائج الأمنية، من ضبط الأدلة إلى تقنية التحقيق الجنائي الذي يرتكز على استخلاص القاعدة من وقائع ومعلومات بهدف إظهار الحقيقة قبل كشف الجناة وتجديد الخبرات الفنية، يقترح يحيى:
• تحديد من هم المكلّفون بالتحقيق وجمع المعلومات في الجريمة، ولا سيّما الجنائية منها، ومن له الحق بالعمل داخل مسرح الجريمة، على أن يُمنع أيّاً كان من اجتياز الشريط الأصفر الذي يُنصب لتحديد بقعة مسرح الجريمة بدقّة، باستثناء عناصر قسم المباحث العلمية في الشرطة القضائية، ولا سيّما عند حضور السياسيين والصحافة والفضوليين لتفقّد مسرح الجريمة، لضمان سلامة الأدلة الثمينة التي تشكّل البراءة أو الإدانة للمشتبه فيه وكشف الحقيقة.
عمل الشرطة القضائية هو محض جزائي عدلي يرتكز إلى البحث عن الأدلة الجنائية، والتحقيق مع المشتبه فيهم والشهود والمدّعين، واستخدام أرقى أساليب التحقيقات المتجانسة مع حقوق الإنسان وليس العنف والابتزاز


• إخضاع العناصر العاملين في الشرطة القضائية إلى دورات متقدّمة بتقنيات التحقيق العدلي والعلاقة مع النيابة العامة وكيفية التعاطي مع المخبرين.
• تحقّق الرؤساء العاملين في الشرطة القضائية من حيازة كل عنصر عامل فيها لمفكرة ينقلها في جيبه أينما توجّه، يسجّل فيها أبرز المطلوبين في نطاق عمله، إضافة إلى ما يشاهده وله علاقة بقضايا جزائية وملفّات أمنية يتابعها، وعدم الاعتماد على ذاكرته فقط والتي قد تخونه أحياناً. فأفضل طريقة لاستثمار المعلومات تسجيلها لسرعة العودة اليها.
• إيجاد نيابة عامة متخصّصة تبعاً لكل جريمة: مع تطور تكنولوجيا المعلومات والجرائم السيبرانية وتبييض الأموال والإتجار بالبشر وتجارة المخدرات والإرهاب، أضحى من الضرورة إيجاد قضاة ثم محققين متخصّصين بتلك الأنواع الجديدة من الجرائم.
• مكافحة الفساد في الشرطة القضائية عبر التشدّد بقمع مخالفات الفساد التي تسيء إلى سمعة الشرطة القضائية، علماً أن بعض الضباط والرتباء والأفراد قد نالوا العقوبات القاسية، ووُضع قسم منهم في الانقطاع النهائي أو المؤقت.



تاريخ البوليس العدلي
يتناول الكتاب الصادر في نيسان 2022، فصول تاريخ الشرطة القضائية منذ العام 1861، وهو مقسّم إلى أربعة أقسام أساسية. يتناول القسم الأول البوليس العدلي ضمن مديرية الشرطة اللبنانية، فيما يناقش الكاتب الشرطة القضائية كوحدة ضمن المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في القسم الثاني. أمّا في القسم الثالث فيتناول الشرطة القضائية في ظل القانون رقم 17 تاريخ 6-9-1990 (تنظيم قوى الأمن الداخلي)، كما يستعرض في القسم الرابع فترة قيادة العميد أنور يحيى للشرطة القضائية (10-5-2005 حتى 10-8-2010). وفي تقديم الكتاب، يقول وزير الداخلية والبلديات الأسبق المحامي زياد بارود: "تتصفّح الكتاب، فتقرأ تاريخ المؤسّسة، طبعاً، ولكنك تقرأ أيضاً سيرة ذاتية هنا، وسيرة إنجازات هناك. تقرأ في مآسي لبنان وصعابه، ولكنك تقرأ أيضاً في صلابة لبنان ورجالاته".


مسرح جريمة افتراضي
كجزء أساسي من عمليات التدريب العلمية العملية، يقوم المحققين الجنائيين بمحاكاة مسارح جريمة داخلية وخارجية، حيث يتم عرض أدلة مادية عبر تقديم تجربة واقعية لمعالجة مسرح الجريمة. يتم اتباع إجراءات دقيقة للتصوير الفوتوغرافي لمسرح الجريمة، وتقنيات الرسم، وتوثيق مسرح الجريمة. كذلك يشارك المتدربون برفع وتعبئة وتغليف الأدلة.