في الثامن من الشهر الجاري، أعلنت قوى الامن الداخلي انها تمكنت من توقيف اشخاص مشتبه فيهم بتأليف عصابة، وأشارت الى ان احد افراد هذه المجموعة خرج من السجن عام 2016 «ومنذ تلك الفترة تابع أعماله الإجرامية في جرائم السلب، وتجارة المخدّرات، وسرقة السّيارات، وتنفيذ عمليات خطف، وتبادَلَ عدة مرات إطلاق نار وقذائف صاروخية مع وحدات من الجيش اللبناني». وفي حزيران 2019، هاجم شخص دورية لقوى الأمن الداخلي في مدينة طرابلس، شمال لبنان، وألقى قنبلة على مبنى حكومي ما أسفر عن استشهاد عدد من العسكريين. وبيّن التحقيق ان الجاني كان قد اخلي سبيله من السجن المركزي في رومية قبل اشهر قليلة. وكانت قوى الامن قد تمكنت من تحديد المشتبه به باغتصاب وقتل الديبلوماسية البريطانية ريبيكا ديكس عام 2017 وتبين ايضاً انه قضى سنوات خلف القضبان.ما ذكر هو عينة عن عدد كبير من السجناء السابقين الذين استمروا بنشاطهم الجرمي، لا بل طوّروه، بعد معاقبتهم على جرائم كانوا قد ارتكبوها سابقاً. يعني ذلك، بكل وضوح، ان السجون فشلت في تحقيق هدفها الأساسي المتمثل بحماية المجتمع من خلال تخفيض نسبة الجريمة بفضل العقوبات الجزائية.
تدفع الدولة مئات الملايين شهرياً لتغطية كلفة السجون من طعام وكهرباء ومياه وحراسة وصيانة ونقل... وتعاني قوى الامن الداخلي وعدد من ضباطها ورتبائها وعناصرها المكلفين إدارة السجون من دون ان يكون ذلك من اختصاصهم المهني. وتتزايد اعداد الموقوفين كل يوم بسبب ارتفاع نسب الجرائم بينما تتفاقم مشاكل الاكتظاظ والصحة والزيارات والامن والفساد. وتعلو أصوات الاحتجاجات المحقة لذوي السجناء وتكثر تقارير حقوق الانسان ويتحول الموضوع الى مادة إعلامية وحديث صالونات بينما المطلوب حلّ المشكلة وليس تحديد المسؤولين عن تفاقمها (وما اكثرهم).
في لبنان يوضع مرتكبو بعض الجرائم البسيطة مع المجرمين الخطرين في السجون. ويؤدي ذلك الى اختلاط وتبادل للخبرات والمعرفة والسلوكيات. وبالتالي المطلوب هو تجنب هذا الاختلاط. لكن ذلك لا يمكن ان يتحقق في ظل الاكتظاظ الذي تعاني منه السجون حالياً.
لا بد من خيارات بديلة عن السجون، خصوصاً لمرتكبي الجرائم البسيطة. ويمكن ان تكون العقوبات غير السجنية اكثر فعالية في خفض نسب الجريمة وإصلاح السلوك الجنائي.