سنة واحدة تقريباً تفصل اللبنانيين عن الانتخابات البلدية والاختيارية، التي يفترض أن تُجرى في أيار 2022. لكنّ تزامنها مع الانتخابات النيابية وما تمرّ به البلاد من أزمات اقتصادية ومالية كبيرة، قد يؤدي إلى «تأجيلها تقنياً لثلاثة أو خمسة شهور لتخفيف الضغط عن الانتخابات النيابية»، وفق ما نقل رئيس بلدية الغبيري معن الخليل عن وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي، لافتاً إلى أن «التأجيل يحتاج إلى توافق سياسي».وبمعزل عن التوقيت، ثمة تحديات كبيرة ستواجه المرشحين المُقبلين على هذا الاستحقاق الصعب؛ إذ يأتي في ظلّ أزمة غير مسبوقة وظروف لا يمكن توقع ما ستؤول إليه على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والأمني. هذه الظروف، وفق الخليل، تضع الراغب في الترشح أمام مسؤوليّات كثيرة وضغوطات مختلفة، تحتاج منه إلى «جرأة» كبيرة لتحملها، «بل أن يكون فدائياً».
كثيرون من رؤساء البلديات يشكون اليوم من العجز عن تأمين أبسط المصاريف، فكيف يمكن أن يكون عليه الوضع في حال تفاقمت الأزمة نحو الأسوأ. رئيس بلدية جونية جوان حبيش أوضح لـ«الأخبار» أن «الأموال الموجودة اليوم لا تكفي لتأمين تسيير أعمال البلدية، فيما الجباية شبه معدومة، لأن الناس غير قادرين على الدفع، والدولة مقصّرة»، فيما يلفت رئيس بلدية جبيل وسام زعرور إلى أنّه «لا يحق للمجلس البلدي أن يصرف أكثر 20 مليون ليرة، أي ما يقارب 1200دولار، وهو مبلغ لا يكفي لشراء دواليب شاحنة جمع النفايات، في حين أن معدّل الجباية من المنزل في جبيل يبلغ 200 ألف ليرة سنوياً، أي 10دولارات، فكيف يمكن للبلدية أن تستمر في جمع النفايات مثلاً؟»، علماً بأن مسؤوليات البلديات زادت، في السنتين الأخيرتين، بسبب الوضع الاقتصادي وتزامنه مع انتشار فيروس كورونا؛ «وعليه، باتت البلديات في ظل غياب الدولة وفقدانها لدورها، تتحمل ما لم يسبق لها أن تحملته، في مجال الأمن والاقتصاد ومراقبة الصيدليات والمواد الغذائية، رغم افتقارها إلى الامكانيات اللازمة لذلك أصلاً»، على حدّ تعبير حبيش.
لذلك، شدّدت مصادر قانونية على «استحالة استكمال البلديات أعمالها وفق القوانين السابقة بعد انهيار قيمة العملة الوطنية، وثمة تعديلات يجب أن تطال قانون البلديات على الأقل في ما يتعلق برفع سقف المبالغ التي يُسمح بصرفها بقرار رئاسي (ثلاثة ملايين ليرة حالياً) أو بقرار من المجلس (20 مليون ليرة) نتيجة التغير الكبير في سعر الصرف». في انتظار ذلك، ستكون أمام المرشحين مهام صعبة ومحفوفة بالمخاطر، «وستكون ملقاة على عاتق من يجرؤ فقط على القبول بها».
ورغم أنه يصعب توقع مصير الانتخابات بعد عام إضافي من الانهيار، فيما اللبنانيون اليوم مشغولون بتأمين أساسيات معيشتهم، لا بـ«همّ» الانتخابات البلدية، «إلا أنهم عند الاستحقاق الانتخابي سيتوجّهون إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم» وفق ما يقول زعرور. أمّا السبب، فبرأي حبيش، «لأنّ البلدية مثل البيت، والناس تحتاج إلى إدارة شؤونها، وتنظيم العلاقة في ما بينها، وثمة أمور لا يمكن تركها عالقة، ولا بدّ من سدّ الفراغات، خصوصاً في البلديات المنحلة». بدوره، يرى الخليل أن الانتخابات البلدية «باقية لأن ما يحكمها عوامل مرتبطة بالاعتبارات العائلية والحزبية والعصبية، ولأنها مناسبة لتثبيت الدور والزعامة العائلية والمناطقية».