كان مفترضاً، عقب إعلان مصرف لبنان الخميس الماضي استمراره في منح أذونات للمصارف لفتح اعتمادات استيراد محروقات، شرط عدم المس بالتوظيفات الإلزامية، أن تبدأ أزمة المحروقات بالحلحلة، ولا سيما مع تسليم الشركات المستوردة 12 مليون ليتر من البنزين الى المحطات أمس. لكن ذلك لم يحل دون امتداد طوابير طويلة من السيارات أمام هذه المحطات، من الشمال الى الجنوب، متسبّبة في ازدحام خانق، ومن دون أيّ تحسن ملموس، وهو ما عزاه ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا الى أن «توزيع البنزين يتم حسب قدرة كل شركة وحسب البضاعة المتوفرة وحسب الاتفاقيات»، مؤكداً أن «الأزمة لن تحلّ كليّاً اليوم (أمس)، لكن البنزين متوفر في الأسواق»، ما يعني أن قرار المركزي يساهم في التخفيف من الأزمة، لكنه لن ينهيها. والحلّ، برأي أبو شقرا، يكون «بحسم الدولة أمرها إمّا برفع الدعم أو الترشيد. فلتتخذ القرار الذي تراه مناسباً لننتهي من مشاهد الطوابير». وعلى المنوال نفسه، أتى بيان عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس الأحد الماضي الذي دعا السلطة السياسية الى حسم أمرها في شأن الدعم وتأمين الدولارات لشركات الاستيراد حتى لا تتكرر الأزمة كل أسبوعين. وأوضح البراكس لـ«الأخبار» أن الكمية التي تم توزيعها أمس «أكثر من كافية، ولكن التحسن لا يتحقق في يوم واحد. ويفترض أن يبدأ من اليوم». لكنه شدّد على أن حلّ أزمة الطوابير مرتبط بشكل مباشر ورئيسي بضرورة تحرك وزارة الاقتصاد للحرص على وصول المحروقات الى المحطات. فمع توزيع كل الكمية، سينخفض التقنين تدريجياً، لافتاً الى أن «هذه الكميات ربما تكفي حتى نهاية الشهر الجاري فقط».
صفيّ الدين: البعض مخطئ إن رأى أن تمسّكنا الدائم بالمبادرات يعطيه متّسعاً من الوقت

ولا يمكن فصل مشكلة البنزين والقرار برفع الدعم أو ترشيده عن غياب أي دور فاعل لحكومة تصريف الأعمال، وانحسار الآمال بتشكيل حكومة جديدة. فمنذ يوم الجمعة الماضي، توقفت كل الاتصالات ولم يبق من مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري سوى حرصه على عدم اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري قبل «تأمين البديل». وعلمت «الأخبار» أن بري استمهل الحريري 3 أيام يسعى فيها الى الوصول الى حلحلة ما، رغم معرفته المسبقة بأنها باتت مستحيلة، وخصوصاً بعد حرب البيانات بين الوزير السابق علي حسن خليل ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. فلا بري سيقبل بانصياع الحريري لشروط باسيل، فيما الأخير يرفض المشاركة في حكومة يرأسها الحريري. وبالتالي كل الطرقات مسدودة أمام المبادرة، وما يحصل فعلياً اليوم هو شراء بري للوقت لتأخير اعتذار الحريري. وبين هذا وذاك، لا تزال الردود والردود المضادة والاتهامات المتبادلة بين صاحب مبادرة الحلّ (بري) وأحد أركان التفاوض (باسيل) على وتيرتها العالية. وأمس، غمز بري من قناة كل من باسيل ورئيس الجمهورية ميشال عون قائلاً في حديثه إلى تلفزيون «الميادين» إن «تمسك البعض بشروط تعجيزية سيزيد في تعقيد الأمور وليس انفراجها»، وإنه «من موقعي كرئيس لمجلس النواب، حريص جداً على احترام الدستور وتطبيقه ولن أسمح باستهدافه أو تجاوزه أو خرقه تحت أيّ مسمّيات». وهو ما يعدّ وفق مصادر عونية «نسفاً للمبادرة، لا بل دليل واضح على أن لا مبادرة في الأساس، بل مجرد محاولة لتغليب كفة على أخرى مع تعمّد تصويرها كحلّ حتى يظهر جبران باسيل كمعرقل ولتسجيل نقاط سياسية». إلا أن اللافت في هذا المشهد، دخول حزب الله على الخط عبر كلمة لرئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، وصف المشكلة بأنها «ليست في النقاط التي يقال إنها محل خلاف، المشكلة أننا نواجه بعض السياسيين الذين يريدون أن يتوصلوا الى تحقيق مآرب شخصية عادية لهم، لم يتمكنوا من تحقيقها في الأيام الطبيعية ويتوسّلون عذاب الناس وألم الناس من أجل تحقيق هذه المصالح، وهذا بعض الحقيقة». وتابع في احتفال تأبيني: «حينما نتحدث عن المبادرات، وتحديداً المبادرة التي يصرّ عليها الرئيس بري وحزب الله ومعهم كل الحريصين على إخراج البلد من مأزقه، البعض يدفع باتجاه التيئيس ونحن ندفع باتجاه الأمل (...) والبعض ربما لا يدرك أن رهاناته التي يعتمدها ستغرقه وتغرق البلد معاً». ورأى صفي الدين أن «البعض مخطئ إن رأى أن تمسّكنا الدائم بالمبادرات يعطيه مزيداً ومتسعاً من الوقت. فالمسارعة هي الحل الى تلبية الاحتياجات الضرورية والتي هي أكبر من أي فكرة شخصية أو طائفية أو مذهبية أو سياسية لجهة خاصة». ونبّه من «كثرة التلاعب بالمناورات السياسية والشروط والشروط المضادة من هنا أو هناك» مشيراً الى ضرورة أن يعرف «هؤلاء أنهم يتلاعبون بكرامة اللبنانيين والمصالح الوطنية». كلام صفي الدين بما يمثّله، أثار موجة من التحليلات التي تصبّ جميعها في خانة أن المقصود في هذا الخطاب كان رئيس التيار الوطني الحر، حتى إن العونيين أنفسهم وضعوه في إطار الهجوم على باسيل.