منذ وقوع انفجار مرفأ بيروت، أعلن المدير العام للجمارك بدري ضاهر ورئيس اللجنة المؤقتة لإدارة المرفأ حسن قريطم، أنهما راسلا قاضي الامور المستعجلة مراراً بشأن شحنة النيترات، الى حدّ تحميل القضاء المسؤولية كاملة عمّا حصل!لكن، بالنظر الى النظم الداخلية لعمل المرفأ وصلاحيات الجمارك، يظهر أن ضاهر لم يكن بحاجة إلى مراسلة القضاء أساساً، نظراً إلى امتلاكه صلاحية التصرف السريع والتلقائي تجاه مواد خطرة.
فالمذكرة الرقم 3885 الصادرة عام 2001 والمعدلة عامي 2008 و2015، تنص على آلية إتلاف البضائع المخالفة للقوانين والأنظمة أو فرض إعادة تصديرها، وفق الآتي:
«عملاً بأحكام المادة 144 من قانون الجمارك، إذا ثبت من خلال المعاينة أو التحليل مخالفة البضائع للقوانين والأنظمة، يمكن لإدارة الجمارك أن تقرر إتلافها أو فرض إعادة تصديرها.
ومن أجل تطبيق المادة حددت الأصول التالية:
البضائع المصرّح عنها بموجب بيانات نظامية.
إذا تبيّن بنتيجة المعاينة أو التحليل أن البضاعة مخالفة للقوانين والأنظمة، وجب إتلافها أو إعادة تصديرها. دائرة المعاينة المختصة تنجز تقريراً موجزاً يتضمن اسم المستورد وعنوانه واسم المخلص الجمركي ونوع البضاعة المستوردة، مع بيان نتائج المعاينة أو التحليل المجرى على عينات من البضاعة، ويرفع هذا التقرير الى رئاسة المصلحة مع المقترحات المناسبة بشأن مصير البضاعة (إتلاف أو فرض إعادة التصدير). ويكون على رئيس المصلحة تأمين الاتصال السريع بوزارة البيئة ودعوتها إلى إرسال مندوب عنها للكشف على البضاعة وتبيان إمكانية إتلافها وتحديد شروطه بموجب تقرير خطي موقّع منه. وفي حال موافقة وزارة البيئة على الإتلاف يوجه رئيس المصلحة إخطاراً الى المستورد أو ممثله لحضور عملية الإتلاف التي ستجري بإشراف اللجنة الخاصة المكلفة بذلك، مع تحديد موعد ومكان الإتلاف الذي يبلّغ أيضاً الى اللجنة المذكورة. أما إذا تخلّف المستورد أو من يفوّض إليه حضور عملية الإتلاف، تتمُّ العملية في غيابه ويحرّر محضر بالواقع من قبل اللجنة»، علماً بأن صلاحية الجمارك بالتصرف بالمواد الخطرة تشمل البضائع غير المصرّح عنها بموجب بيانات نظامية «والمستودعة في مخازن يديرها الجمرك.
واذا تبيّن للجمرك بأيّ وسيلة كانت (إخبار أو طلب أو انبعاث روائح كريهة...) أن البضائع الموجودة داخل الحرم الجمركي تشكل خطراً على الصحة العامة أو سلامة البيئة، تُتّبع بشأنها الأصول ذاتها، على أن يوجه الإخطار الى شركة النقل المعنية بصفتها المسؤولة عن تنفيذ عقد النقل أو الى صاحب البضاعة إذا كان معروفاً».
قانون الجمارك يتيح لها إتلاف أي بضائع خطرة أو فرض إعادة تصديرها


هكذا، فإن الجمارك لم تطبّق قانون الجمارك، بل لجأت الى قاضي الامور المستعجلة لتفادي إتلاف شحنة نيترات الامونيوم لسبب غير معلوم. فأهدرت سنوات من المراسلات، قبل أن يقع انفجار الرابع من آب.
أداء ضاهر وقريطم تجاه الشحنة يطرح علامات استفهام حول المماطلة في حسم أمرها. أمور عديدة كان يمكن تفاديهاـ في الوقت الذي كان الجميع يعلم بخطر القنبلة الموقوتة.