الحديث الدائر اليوم في أروقة كلية العلوم في الجامعة اللبنانية هو إغراق الكلية بأساتذة يفوق عددهم حاجاتها الأكاديمية بكثير. بورصة الأعداد ترتفع يوماً بعد آخر، إذ قيل أولاً إن عدد المتعاقدين الجدد هو 90 أستاذاً، وبعدها تسرب الرقم 101 أستاذ، وبالأمس صار العدد أكثر من 120 أستاذاً. إلّا أنّ كل هذه الأرقام بقيت غير رسمية وغير موثقة، لعدم إعلان مجلس الوحدة نتائج اللجان العلمية التي درست ملفات المتعاقدين وعدم مرور الملف على مجلس الجامعة حتى الآن.
لكن هذا الأمر لم يمنع التداول في أن التعاقد مع «المحظيين الجدد» حصل فعلاً، كما قال لنا أكثر من مصدر أكاديمي، باعتبار أنّ «عميد الكلية بسام بدران أعطى المديرين الضوء الأخضر لدعوة الأساتذة المنوي التعاقد معهم، والبدء بتوزيع الساعات التدريسية عليهم».
في المقابل، استغرب بعض أعضاء مجلس الوحدة ومنهم محمد صميلي، رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين، هذه «الشوشرة» التي تثار حول الملف قبل إنجازه نهائياً وعرضه على مجلس الجامعة لنيل الموافقة عليه وفق القوانين المرعية الإجراء، لا سيما المرسوم 9084 الذي يحدد أصول التعاقد. صميلي قال لـ «الأخبار» إن الملف سيعرض حتماً على مجلس الجامعة... وقريباً، رافضاً التصريح بأي رقم «فهذا ليس من حقي». إلا أنّه سأل الذين يتداولون بالأمر: «من قال لكم إن ما تقولونه صحيح؟ وهل لديكم مستند موقع من مجلس الوحدة يثبت التعاقد مع هذا العدد من الأساتذة؟».
أساتذة متابعون للملف لفتوا إلى أنّ مجلس الوحدة اكتفى بدراسة الأسماء ولم يناقش تقارير اللجان العلمية المتعلقة بالمرشحين سلباً أو إيجاباً، بما يخالف المادة 6 من المرسوم 9084 والتي تلزم عميد الكلية بعرض التقارير على مجلس الوحدة لاتخاذ التوصية النهائية، بل إن العميد يجب أن يحيل، بحسب المرسوم نفسه، التقارير المرفوعة من اللجان بجدول ترتيب ومفاضلة. وهذا لم يحصل، كما أكدوا، أو على الأقل فإن الاتصالات التي أجروها مع أعضاء في مجلس الوحدة لم تفدهم بذلك، بل أكثر قيل لهم إنّ اجتماعات اللجان العلمية في كل اختصاص لم تنعقد بحضور ثلثي الأعضاء، بحسب ما تنص عليه المادة 4 من المرسوم 9084.
هؤلاء الأساتذة أبدوا خشيتهم من أن يؤدي اعتماد هذا الأسلوب إلى جعل التعاقد الجديد أمراً واقعاً تماماً كما جرى، العام الماضي، مع 17 أستاذاً في الفرع الرابع و3 في الفرع الأول و5 في الفرع الخامس.

العميد أوعز إلى
المديرين لإدخال الأساتذة
الجدد إلى القاعات


استفز هذا الكلام صميلي فسارع لشرح حيثيات الملف قائلاً: «الإعلان عن الشواغر حصل في العام الماضي أي في عهد العميد السابق حسن زين الدين الذي فوجئنا أنّه كان مستعجلاً لدرجة أنّه لم يشكل لجاناً علمية وفق الأصول القانونية أي بموافقة مجلس الوحدة، وحصل نقاش جدي داخل المجلس وجرى الاتفاق على تطعيم هذه اللجان بأساتذة آخرين، إلّا أن زين الدين لم يسر بالاقتراح ولم يعتمد اللجان العلمية المنقحة بل اللجان الأساسية التي لم تجتمع بحضور ثلثي الأعضاء، ومن ثم نشر النتائج التي تتضمن الأسماء والاختصاصات والعلامات على الموقع الالكتروني للكلية، ما دفع مجلس الوحدة إلى إلغائها، أما ما حصل أخيراً فهو أن اللجان المنقحة نفسها استكملت دراسة الملفات واختارت الاشخاص المنوي التعاقد معهم وفقاً للأصول القانونية والعلمية».
أحد المسؤولين في الجامعة برر تضخم الأعداد، بالحاجة إلى اختصاصات نادرة وإلى خروج عدد من الأساتذة إلى التقاعد؛ فيما طالب الأساتذة المتضررون من "الصفقة" التحاصصية بين القوى الحزبية بالكشف عن طبيعة الاختصاصات النادرة وعن دراسة إحصائية تظهر عدد المتقاعدين، ورأوا أن كلام المسؤول لا يعدو كونه ذراً للرماد في العيون إن لم يكن لتبرير مشاركته في "الصفقة" التي تأخذ مسارها نحو التنفيذ لكونها حظيت بإجماع أعضاء مجلس الكلية.
الأساتذة سألوا: «هل يأتي قرار مجلس الوحدة بعلم ومباركة مجلس الجامعة ورئيسها، وبمشاركتهم في الخفاء؟ أم أن موقع الرئاسة بات ضعيفاً لدرجة يجري معها تخطي كل التعاميم التي صدرت عن الرئيس فؤاد أيوب منذ العام الماضي وإلى اليوم لا سيما التعميم 39 الذي يدعو فيه إلى احترام آليات التعاقد الجديد بحسب أحكام المرسوم 9084؟ وهل مواجهة الفساد والعمل على الإصلاح في الجامعة هو مجرد شعار يرفعه الرئيس وقد سبقه إليه العديد من رؤساء الجامعة السابقين؟».
أسئلة كثيرة يطرحها أساتذة الجامعة اليوم وتبقى الإجابة عليها رهن الأيام المقبلة، حيث تشخص الأنظار إلى مجلس الجامعة لإسقاط الصفقة قبل أن تسقط الكلية.