لم تكن زيارة وزير الخارجية، رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، للشوف وإقليم الخروب أمس عادية، إذ حملت أوجهاً عدة: تمتين مصالحة الجبل التاريخية، افتتاح مراكز حزبية للتيار، وإطلاق الماكينة الانتخابية للمرشحين في المناطق.
أمَّا الوجه الأبرز فحمل رسالتين: الاولى إلى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وفحواها: «تيار رئيس الجمهورية ميشال عون موجود في الجبل، ولا يستطيعُ أحدٌ إغفال دوره ومنع أعلامه من الدخول إلى الإقليم والشوف»، والثانية للقوات اللبنانية من باب التسابق على الإنماء. أرادَ باسيل في زيارته أن يؤكد أهمية مصالحة الجبل، بعد الكلام الذي قاله في عاليه قبل أسبوعين، واستفزّ به الاشتراكي.
تلطيف الأجواء مع «زعيم المختارة» بدأ الأسبوع الماضي، مع زيارة قام بها وفد من التيار الوطني الحر إلى كليمنصو، لتسليم جنبلاط دعوة للمشاركة في إحدى محطات زيارة باسيل، فما كان من رئيس الاشتراكي إلا أن ردّ أمس بتغريدة قال فيها إنَّ «زيارة باسيل لمنطقة الشوف مهمة جداً لتثبيت الحوار والانفتاح، والتأكيد على المصالحة».

زيارة باسيل لمنطقة
سنّية وازنة كشحيم تأتي في سياق سباق مع القوات


اللافت في زيارة وزير الخارجية هو إعلانه من بلدة شحيم، المحسوبة على تيار المستقبل، تشكيل لجنة حزبية لـ«الوطني الحر» فيها. وفي هذا الإطار، يؤكد منسّق عام جبل لبنان الجنوبي في تيار المستقبل وليد سرحال لـ«الأخبار» أنَّ «الزيارة تندرج في الإطار الطبيعي، لكن خطوة تشكيل لجنة في شحيم جديدة، بعدما كانت هذه اللجنة في منطقة مزبود». ولفت إلى أنَّ «الزيارة واللجنة الجديدة لن تؤثرا في سياق الأمور في المنطقة».
بدوره، أكد مصدرٌ قيادي في الجماعة الإسلامية في جبل لبنان لـ«الأخبار» عدم اعتراض الجماعة على الزيارة، «ولا يوجد أي تحفّظ أو موقف سلبيّ منها. وتأسيس لجنة جديدة للتيار لا يؤثر على الجماعة بأي شكلٍ من الأشكال».
مواقف الأحزاب مجتمعةً تؤكد عدم وجود نية للاصطدام بـ«الوطني الحر». وتفسِّر المصادر السياسية في الشوف لـ«الأخبار» أنَّ «الاشتراكي والمستقبل والجماعة لا يريدون الدخول في صدامٍ مع التيار الوطني الحر باعتباره حزباً موجوداً في المنطقة، وسيتعاملون مع زيارة باسيل على قدر نتائجها». ترى المصادر أنَّ «باسيل أراد طمأنة المسيحيين في الجبل، لكنَّ حركته في المناطق السنيّة لها أبعادها الخاصة»، خصوصاً في إطار مواجهة حركة القوات اللبنانية المستمرة التي يقودها النائب جورج عدوان، وتحديداً في اللقاء الذي أطلق خطة «شركاء في خدمة المواطن»، أول من أمس في دير القمر، من بابِ الإنماء، «والتي تهدفُ إلى تعزيز الخطاب القواتي على حساب خطاب الوطني الحر». وبرأي المصادر «ان خطوة باسيل باتجاه منطقة سنّية وازنة كشحيم، تسبق القوات نحو إقليم الخروب، خصوصاً أنَّ الوطني الحر كان له محطة إنمائية خلال الأشهر الماضية في الإقليم، الأمر الذي يعزِّز مكانته في هذه المناطق، وخاصة في ظل ما يُحكى عن إمكانية قيام تحالف انتخابي بينه وبين تيار المستقبل، الذي سيتحالف حكماً مع الحزب التقدمي الاشتراكي لضمان أكثرية انتخابية وازنة».