افتتح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أمس، ملتقى العراق المصرفي الثالث، الذي نظّمته مجموعة "الاقتصاد والأعمال"، بالتعاون مع البنك المركزي العراقي ومصرف لبنان ورابطة المصارف الخاصة العراقية وجمعية مصارف لبنان.
سلامة لم يتحدّث بصورة مباشرة عن السوق العراقية وعن الصعوبات التي تواجهها المصارف اللبنانية هناك، بل كان له موقف عام من انتشار المصارف اللبنانية في الخارج. وفق سلامة، فإن المصارف اللبنانية تدير أصولاً في الخارج بقيمة 38 مليار دولار، منها 4 مليارات دولار رؤوس أموال، وبالتالي فهي تحتاج إلى مواكبة وفّرها مصرف لبنان من خلال ضوابط تأخذ في الاعتبار "تطبيق النموذج المصرفي اللبناني في أعمالها في الخارج"، لافتاً إلى أن قرب صدور تعميم من مصرف لبنان بشأن تمويل انتشار المصارف في الخارج "من إمكانياتها الخاصة من خلال إصدار أدوات تُصدرها بالعملات الاجنبية".
أما طربيه، فقد كان أكثر وضوحاً حين تحدّث عن التعاون مع السلطات النقدية العراقية وعن تطوير العمل المصرفي الخاص في العراق. هذان العنصران هما من أبرز المشاكل التي تعاني منها هذه المصارف هناك، والتي كبّدتها خسائر مؤثّرة في ميزانياتها، ودفعت مصرف لبنان إلى اتخاذ قرار يفرض على المصارف اقتطاع مؤونات بقيمة 90 مليون دولار لتغطية أي خسائر محتملة في تلك السوق. بهذه الخلفية، كان كلام طربيه مفهوماً عن الحرص على الوحدات المصرفية العاملة في العراق الذي "يبدأ من مبدأ التعاون مع كل مكوّنات السلطات المالية والمصرفية العراقية ذات الصلاحية والعلاقة".

تعميم جديد
سيصدر قريباً في شأن تمويل انتشار المصارف في الخارج


تعدّ وحدات المصارف اللبنانية في العراق "الأكثر عدداً وانتشاراً ونشاطاً بين المصارف الوافدة"، إذ إن محدودية العمل المصرفي المتاح للمصارف الخاصة في العراق تتطلب تطويرها في اتجاه عمليات تمويل التجار والمصدرين والمستوردين وتأمين خدمات ومنتجات جديدة ودولية. ما يعزّز هذه الصورة أن القطاع المصرفي في العراق لا يزال شبه بدائي، فيما بات عليه أن يواكب تطورات عالمية، لكون المصارف حول العالم صارت محكومة وملزمة بتنفيذ القواعد الدولية للامتثال وتجفيف القنوات المالية لتمويل الارهاب ومكافحة تبييض الأموال والإسهام الجاد في منع التهرب الضريبي وسد منافذ أموال الفساد، مع إيلاء الأهمية القصوى لحفظ سلامة العمليات والتحاويل مع مصارف المراسلة، فضلاً عن التزام متطلبات الملاءة والسيولة.
هكذا بات المشهد أكثر سطوعاً. ففي العراق عشرة مصارف لبنانية لديها 21 فرعاً، وهي تواجه مشاكل عدّة مع السلطات النقدية العراقية عدّدتها جمعية مصارف لبنان على النحو الآتي:
ــ انفصال البنك المركزي العراقي عن فرعَيْه في أربيل والسليمانية مالياً وإدارياً وتنظيمياً، ما يطرح مشكلة حول الاعتراف بالمبالغ المودعة من قِبَل المصارف اللبنانية في هذَيْن الفرعَيْن بالدينار أو بالدولار.
ــ قرار المصرف المركزي العراقي إلزام المصارف الأجنبية، بما فيها اللبنانية، بزيادة رأس مالها إلى 50 مليون دولار. إلاّ أنه تمّ الاتفاق مع السلطات والجهات اللبنانية المعنيّة على تقسيط هذا المبلغ على دفعتَيْن، تستحقّ الأولى وقيمتها 25 مليون دولار في نهاية عام 2016، على أن يُصار إلى حسم قيمة الرساميل المدفوعة سابقاً من المصارف اللبنانية منها، وتستحقّ الدفعة الثانية وقيمتها 25 مليون دولار مع نهاية عام 2017 (أي إنه في نهاية 2016 يفترض أن تكون قيمة رؤوس أموال المصارف اللبنانية العاملة في العراق 250 مليون دولار، وأن تصبح 500 مليون دولار في نهاية 2017). مع الإشارة إلى أن المصارف اللبنانية تفضّل الإبقاء على الرساميل بالدولار وعدم تحويلها إلى الدينار العراقي، في ظلّ تقلّباته المرتبطة بالأوضاع السائدة.
ــ عدم اتّخاذ المصرف المركزي العراقي حتى الآن أي قرارات إجرائية تتعلّق بتعزيز الصيرفة الشاملة، الأمر الذي يحدّ من قدرة المصارف اللبنانية على تقديم الخدمات والمنتجات المصرفية التي تقوم بتقديمها في لبنان وفي بلدان أخرى، بحيث يقتصر نشاطها على فتح الاعتمادات المستندية للعملاء. (هذا يعني ارتفاع الكلفة مقابل مردود ضعيف نسبياً مع استمرار تراجع سعر صرف الدينار).
ــ غياب التنسيق بين البنك المركزي ورابطة المصارف العراقية بشأن إصدار التعاميم والقرارات.