بغداد ـــ «الأخبار»منذ أيام، أقدمت قوة مسلحة ترتدي ملابس عسكرية ومدنية على اقتحام مبنى «اتحاد أدباء العراق» في ساحة الأندلس في بغداد، وفق ما أعلن الناطق الإعلامي باسم الاتحاد الشاعر إبراهيم الخياط الذي أضاف: «للمرة الثانية، تقتحم قوة أمنية مبنى الاتحاد في أقل من شهرين، وهذه المرة بدعوى أن النادي الاجتماعي يقدّم مشروبات ممنوعة!».
وراحت القوّة المقتحمة تصوّر القاعات وحديقة الاتحاد. وبعد تفتيش دقيق للمكان، تبيّن أن لا وجود لـ«مشروبات ممنوعة»، أي المشروبات الكحولية! وأوضح الخياط: «إننا في اتحاد الأدباء نستنكر بشدة هذه المجانية في اقتحام الاتحاد ودوس حرمته بدواع واهية بل مختلقة وغير مقبولة. وهي تهدف فقط إلى الضغط على الاتحاد للتخلي عن مواقفه الملتزمة والمسؤولة في الدفاع عن الحريات المدنية في العراق الجديد». وطالب الخياط «الجهات في الدولة والحكومة بالتدخّل للحفاظ على مكانة الاتحاد ومشاعر الأدباء».
ويأتي ذلك بعد أيام على اقتحام جمعية «آشور بانيبال» الثقافيّة وسط بغداد، وهي مؤسسة مدنية تعنى بنشر التراث الثقافي السرياني. المتعهد الذي كان مشرفاً على إدارة مطعم الجمعية وناديها، فوجئ بثمانية شباب يرتدون الزي المدني يترجّلون من السيارات. وأكد المارة والجيران أنّ السيارات «حملت شعارات «شرطة المسبح» في بغداد. وأقدم هؤلاء على اقتحام المكان وهم يحملون قضباناً حديدية ضخمة انهالوا بها ضرباً على كل ما صادفوه».
شمعون لوقا كان يقف خلف المكتبة، وهو أحد الشباب الذين يعملون في الجمعية، قال إنّ المقتحمين «تعاملوا بوحشيّة وهمجيّة مع الناس والمكان». وأضاف: «كانوا يسحبون الكتب بقضبان الحديد ويرمونها على الأرض، ثم مزّقوا بعضها ورموها تحت أقدامهم». الشاب الذي رفض أن تُلتقط له الصور قرب الدمار الذي خلّفه الاقتحام، استعاد بمرارة تلك العبارات التي أطلقها المقتحمون وهم يطالبون المسيحيين: «بالرحيل عن المكان والعودة إلى قراهم في الشمال».
وأعربت رئيسة الجمعية جنان صليوه عن استغرابها ممّا حدث، إذ إنّ سيارة النجدة التي كانت بالقرب من المكان وقفت متفرجة ولم تحرك ساكناً، ما يُعدّ «دليلاً واضحاً على ضلوع القوات الأمنية في الحادث».
وأضافت أنّ الحارس والأهالي الذين شاهدوا الاقتحام «أكدوا أنّ القوة التي رافقت المقتحمين كانت من القوات الأمنية في الكرادة ومن مركز «شرطة المسبح»». ورفضت صليوه مثل شمعون أن تُلتقط لها أي صورة، مكتفيةً بالقول: «لن أثق بأحد ما دام أحد لن يتمكن من حمايتنا سوى الله».
ووصف المفتش العام في «ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الأخرى» آزاد هرمز نيسان مسألة الاقتحام بـ«الأمر الخارج عن القانون». وقال إنّ «القوات الأمنية التي اقتحمت جمعية «آشور بانيبال» خرقت القانون والدستور في ظل حكومة ترفع شعار دولة القانون»، واصفاً الواقعة بـ«الخطيرة»، لكونها تُعدّ تعدياً على حرية الآخرين.
أما مجلس محافظة بغداد الذي شملته الاتهامات بالتحريض على اقتحام الجمعية، بحجة تطبيق قرار منع محال المشروبات الكحولية، فاكتفى بالتبرير. لقد أكد أحد أعضائه أن قرار منع المشروبات الروحية في الجمعيات والروابط والمحال غير المجازة «حظي بموافقة وتصويت جميع الأعضاء في المجلس، بمن فيهم المسيحيون»!