على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

جوليان أسانج حرٌّ طليق. بعد سنوات من العذاب والأسر الظالم، أصبح رمز حريّة التعبير والصحافة خارج قضبان السجن. لم يرتكب جرماً بل كشف جرائم إمبراطوريّة الأطلسي الوحشيّة. كشفت مجلّة «نيشن» أنّه كان محصوراً في زنزانة لـ23 ساعة في اليوم، مُجبراً على تناول طعامه بنفسه. اضطهاد أسانج كان مشروعاً أميركياً لجأت فيه الحكومة الأميركيّة إلى أقذر الوسائل بما فيها الضغط على نساء لتدبير اتهامه بالاغتصاب. أسانج هو الصحافة وما يجب أن تكون عليه، بالتضاد مع الصحافة السائدة في الغرب. صحافة أسانج هي التي تكشف جرائم الإمبراطورية، وليست تلك التي تتواطأ في ارتكابها، كما فعلت كل صحافة الغرب، مثل «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» و«وول ستريت جورنال» (وصحافة الشرق مثل «الحياة» و«الشرق الأوسط») في التحضير لحرب العراق. أسانج لم يختلق من عنده جرائم عن الإمبراطورية، بل كشف الحقيقة عبر وثائق رسميّة للإمبراطوريّة. لو أنّ لبنان بلد عادي يعرف المحاسبة، لكان هناك أناس خلف القضبان من جراء ما كشفته وثائق ويكيليكس عن ساسة ومسؤولي لبنان. كتابة تاريخ لبنان ستكون أكثر صراحةً بسبب وثائق ويكليكس. كنّا نرتاب من سلوك مسؤولي الحكم في طريقة تعاملهم مع سفراء الغرب، وخصوصاً أميركا، لكن من كان يتصوّر بأنّ موظفي القطاع العام والوزراء والنواب يقدمون عروضاً وشروحات وحتى مشاريع قوانين أمام ديبلوماسيّي أميركا؟ ومن كان يتصوّر أن يذكر سفير أميركا (وهو يجمع صحافيّين لبنانيّين) أنهم جميعاً في صف إسرائيل في حرب تموز؟ أو أنّ بطرس حرب أو إلياس المرّ (الذي انضمّ حديثاً إلى محور الممانعة) وغيرهما كانوا يقدّمون النصح للعدوّ في عدوانه؟ نعلم كل ذلك، لأنّ رجلاً شجاعاً اسمه جوليان أسانج نشر ما لم يجرؤ الإعلام العادي على نشره. نحتاج إلى المزيد من نماذج أسانج، وخصوصاً في الإعلام العربي الذي يعاني من سطوة المال الخليجي. أسانج هو الإعلام عندما ينفصل عن الإمبراطوريّة في زمن بات فيه الإعلام مجرّد ذراع للإمبراطوريّة. وحرب أوكرانيا وغزة أثبتت كم أنّ ويكيليكس هي حاجة ماسة كي نفهم العالم حولنا.

0 تعليق

التعليقات