أريدُ إلهاً لا يُشركُ بي، وبلاداً لا تَخونني. أريدُ كهفاً، إذا خرجتُ منه في الصباح أعرفُ أنني عائدٌ إليه في آخرةِ الليل؛
وقبراً، قبراً بلا عَلمٍ ولا مئذنةٍ ولا حرسٍ ولا نشيد،
إذا أسندتُ رأسي إلى حجارتهِ
أنامُ غيرَ خائفٍ من قراصنةِ الكوابيسِ، وناهِبي الخواتمِ والأقراطِ وبدلاتِ أسنانِ الموتى.
أريدُ ملجأً في الـ «هناك»، في أبعدِ «هناكٍ» ممكن،
أسعى في زواريبهِ الآمنةِ السعيدة، كما يفعلُ صعاليكُ الأزمنةِ الغابرة،
بدون أن يُقالَ لي، كلما لمستُ حجراً، أو وطئتُ رصيفاً، أو تطاولتُ بعينيّ على أغصانِ شجرةٍ أو أغصانِ امرأةْ: «إلزمْ حدودكَ أيها الصعلوكُ عديمُ الكرامة والأصل!».
أريدُ، إذا وقعتُ في الليل،
أن أعرفَ (أنْ أحلمَ على الأقلّ) أنّه مُنتهٍ لا محالة
وأن صباحاً عزيزاً ينتظرني في نهايته.
..
قولاً واحداً:
أريدُ ما تأنفُ البهيمةُ مِن قولِ «أريدهُ وأتمنّاه»:
أن أسعى، وآكلَ (بدون أن أتوسّلَ وأقولَ «شكراً!»)، وأنامَ (أنامَ مطمئنّاً إلى أنني لن أظلّ نائماً إلى الأبد)
أريدُ، حيثُ أفترضُ أن يكونَ مسقطاً لجثماني، أن يكونَ لي مسقطُ حياةٍ أو مسقطُ قلب!
: أريدُ وطناً صالحاً للأحلام، وكافياً لمزاولةِ الحياة!
وطناً... لا أكثر.

ثمّةَ وقت...

ما عادت بي شهوةٌ لِـتَـقَـفّي دعساتِ الموت على خريطة العالم.
ما عدتُ راغباً في متابعةِ أخبارِ حروبهِ، وكوارثهِ، ومآثرِ جنرالاتِهِ ورُسُلِهِ وقَوّاديه (بل وحتى شعرائهِ، وعشّاقهِ، وقدّيسيه).
«علامَ العجَلةُ؟...» أقولُ لنفسي.
ما أرغبُ في معرفتهِ الآن
سيرويه لي، في الغد، أبناؤنا الآتون... إذا كُتِبتْ لهم وليَ النجاةُ من الـمَهلَكةْ
فَـ: علامَ العجَلة؟
..
أَطفِئوا الشاشات!
أَخرِسوا عويلَ الراديو!
خذوا الصحفَ، والكاميرات، والهواتفَ المحمولةَ ــ آلاتِ صناعةِ الجنون والنمائمِ ــ إلى جهنّم!
وأَقفِلوا شبابيكَ العالَمِ على جثمان العالَم!
: أَقفِلوا العالَم!
ثمّةَ دائماً ما يكفي مِن الوقتِ لإزهاقِ الوقت.
ثمّةَ دائماً ما يكفي...
فَـ... علامَ العجَلةْ؟