وخِتاماً، قبلَ أنْ أُديرَ ظهري وأَدخلَ في اللّيل، لا بدّ مِن كلمةِ اعتذار.
.. .. ..
حسناً! ها أنذا أعتذرُ مِنَ الجميع.
أعتذرُ مِن كلّ مَن تَـسَـبَّـبوا في إيذائي وجرَّحوني.
أعتذرُ مِن كلّ مَن خانوني لأنهم حسبوني خائناً.
أعتذرُ مِن كلّ مَن ظنّوا أنني أَتهـيّـأُ لذبحهم فذبحوني (لا بدّ أنني نطقتُ كلمةً قابلةً لإساءةِ التأويلِ فأخطأوا في إعرابها)
أعتذرُ مِـمّن يضمرون ليَ الشرّ
لأنهم، إذْ كانوا مفطورين على عبادةِ الشرّ، ظنّوا بيَ شرّاً؛
وإذْ كنتُ خائفاً ظنّوا أنني أَتَـرَبَّصُ، فادَّعوا الخوفَ منّي وقتلوني.
أعتذرُ مِـمّن حين مددتُ يدي لأُعطي، ظنّ أنني أمدُّ يدي إلى المسدّسِ.. فعاجَلني برصاصتِـهِ وأرداني.
أعتذرُ مِن الخائفين الذي صـيَّــرَهم الخوفُ قـتَلةً، والـمنهوبين الذين صَـيَّرهم البُغضُ (أو لعلّها الحماقةُ) لصوصاً.
بل وأعتذرُ حتى مِن السارقِ/ سارِقي...
لأنه، بالتأكيد، كان يظنّ أنني (ما دمتُ أمنحُـهُ رغيفي بلا حساب) فهذا يعني أنني أمنحهُ رغيفاً حراماً.. رغيفاً أسودَ لم أتعبْ في تَحصيلِـهِ ولا حاجةَ بي إليه: أمنحُـهُ رغيفَـهُ الذي أنا سارقُـه.
أعتذرُ مـمّن (لأنهم يبغضون التمثيلَ بجثامين الموتى) استَحسَـنوا أنْ يُـمَثِّـلوا بلحمي وأنا بعدُ حيّْ...
لأنني، ما دمتُ مُدرَجاً على قيودِ بغضائهم، فهذا يعني أنني لستُ بريئاً.
أعتذرُ مِن الكلّ أمامَ الكلّ.
وإذْ أخلدُ إلى أحلامِ نفسي، على أملِ مواساةِ نفسي،
أردّ اللّحافَ على دمعتي، وأكتفي بتأنيبِ نفسي.
..
و... نيابةً عن الجميعِ ونفسي:
أعتذرُ منكَ.. أنتَ الذي «أنتَ أجمعين»
أعتذرُ، وأُضمِـرُ : «تَــبّــاً!...».
أعتذرُ وإصبعي على زنادِ المسدسِ
ذاك المسدّسِ الأسودِ، الخارقِ، الـمُـنصِـفِ، السريعِ، عديمِ الرحمةْ
ذاكَ الذي... في أحلامي.
1/2/2018