أعلنت مجموعة من الكتّاب والأدباء البارزين في الولايات المتحدة أنها انسحبت من نسخة مهرجان «أصوات القلم العالمي» لهذا العام بسبب ما وصفته المجموعة بـ «الاستجابة القاصرة، وغير الكافية» من قبل «نادي القلم الأميركي» (الجهة المنظمة للمهرجان) تجاه حرب الإبادة التي ترتكبها الدولة العبريّة ضدّ الفلسطينيين في غزة، عاقدين مقارنةً مع اندفاع النادي لتأييد أوكرانيا بلا تحفّظ في مواجهة الغزو الروسي. المجموعة التي ضمّت حوالى عشرين مثقفاً وكاتباً من بينهم نعومي كلاين، ولوري مور، وميشيل ألكسندر، وهشام مطر، وإيزابيلا حماد، وزينة عرفات وسوزان معدي دراج، اتّهمت في رسالة مفتوحة، وقّعها أكثر من 1300 شخص إلى الآن، إدارة التجمع الأدبي المرموق بأنها «خانت التزامها المعلن بالسلام والعدالة للجميع، وبالحرية والأمن للكتّاب في كل مكان» بعدما فشلت في الدعوة إلى وقف فوريّ لإطلاق النار في القطاع المحاصر، وأظهرت انحيازاً إلى السرديّة الإسرائيلية، وتلعثمت في إدانة الإبادة الجماعيّة المستمرة منذ ستة أشهر. واعتبرت المجموعة أنّ حضور مهرجان هذا العام، لن يؤدي إلا إلى تعزيز الوهم بأن الفرع الأميركي للمنظمة الأدبيّة الذي تأسّس قبل عشرين عاماً مكرّس حقّاً «للدّفاع عن حرية التعبير في قلب نضال الإنسانية ضد القمع» فيما اعتذرت نعومي كلاين، المؤلفة المعروفة بأعمالها العدة حول العدالة الاجتماعية والمناخية، على صفحتها على منصة «إكس»، عن عدم تولّيها دور الرئيس الفخري المشارك للمهرجان للأسباب ذاتها، قائلة: «كان يشرفني بالطبع أن أكون رئيسة فخرية لدورة هذا العام، ولكن ليس بعدما فعلته إدارة «نادي القلم» بشأن غزّة، وما قصّرت عن فعله أيضاً».
طارق الغصين ــ من سلسلة «بورتريهات ذاتية» (2010)

وكانت إدارة النادي قد سارعت بعد مرور ثلاثة أيام فقط على هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023 إلى إصدار بيان أدانت فيه الهجوم الفدائي الفلسطيني وركّزت على استهداف من أسمتهم بـ «المسلحين» لـ «مهرجان موسيقيّ». ولاحقاً، قامت المديرة التنفيذية سوزان نوسيل ورئيسة النادي جينيفر فيني بويلان، بزيارة لا يمكن تبريرها إلى الكيان العبري، حيث التقيتا بكتّاب إسرائيليين وفلسطينيين وممثلين عن منظمات حقوقية.
وعادة ما يستقطب مهرجان «أصوات القلم العالمي»، المقرر أن ينعقد في أيار (مايو) المقبل بين نيويورك ولوس أنجلوس، مئات المؤلفين الأميركيين ومن مختلف أرجاء العالم. وكان قد أُطلق كمنصة حوار بين الكتاب والمثقفين في مواجهة الانعزالية وكراهية الأجانب التي تفشت في الولايات المتحدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وفي الدورات السابقة، عقد المهرجان حلقات نقاش شارك فيها مثقفون كبار قدموا مداخلات حول قضايا مهمّة مثل عنف السلطة، والاضطرابات السياسية، والمقاومة، والنوع الاجتماعي، والتهديدات للخصوصية، وحرية التعبير، إلى جانب إقامة دورة طارئة استثنائيّة من المهرجان في عام 2022 لدعم أوكرانيا وما أسماه بـ «حماية حرية التعبير في أوقات الحرب».
ويبدو أن هذا التمرد المشرّع على المزيد من الانشقاقات، سيطيح بدورة المهرجان هذا العام، ولا سيما أنّه يأتي بعد سلسلة من الاستقالات التي تقدّم بها موظفون بارزون ورسائل احتجاج متكرّرة بعثت بها الكوادر التي تدير عمليات «نادي القلم الأميركي». من جهتها، اعترفت إدارة «القلم الأميركي» بأنّ المهرجان يواجه أزمة محورها غزّة، وقال متحدث باسمها إنّ «الجدول الزمني لدورة هذا العام لم ينجز بعد»، مشيراً إلى عدم امتلاكه تفاصيل حول الصيغة التي ستتبناها إدارة الحدث في ظل الحرب الإسرائيلية على القطاع، والاستقطاب الحاد الذي يشهده عالم الثقافة والآداب بشأن المواقف منها.