بدأ الموسم الأدبي الفرنسي الذي ينتظره القرّاء الفرنكوفون والمهتمّون بالحقل الثقافي والأدبي. ما يُميّز هذا الموسم تحديداً هو عدد الإصدارات القليل نسبياً مقارنةً بالسنوات السابقة، إذ بلغ هذا العام 466 كتاباً بنسبة تقلُّ خمسة في المئة عن العام السابق، وثلاثين بالمئة عن عام 2010 حين وصل عدد الإصدارات إلى رقم قياسي (700 كتاب). يرى أصحاب دور النشر والمكتبات أنّ هذا التراجع يعود إلى الارتفاع الكبير في سعر الورق وتقلُّص قدرة المواطنين الشرائية. لكن ربّما لا يكون ذلك أمراً سيئاً في نهاية المطاف، فالأزمة المالية أرغمت أصحاب دور النشر، منذ البداية، على اتخاذ خيارات دقيقة لانتقال الكتب التي ستجذب الجمهور حصراً. من الواضح أنّ موسم العودة الأدبية لعام 2023 مُخصّص بشكل أساسي لمواضيع الحبّ والعلاقات الحميمة والتأمُّل الداخلي والسيرة الذاتية والعلاقات العائلية. هناك حصّة وازنة لمواضيع شائكة كالاغتصاب والانتهاكات الجسدية. كما صدرت بعض روايات الديستوبيا التي تتناول شكل حياتنا في المستقبل، واضعةً تصوُّراً قاتماً لها، في حين ركّزت روايات أخرى على البيئة ومحاولة إيجاد حلول للاحتباس الحراري والتلوّث وانتشار الأوبئة. هنا نبذة عن أبرز الروايات التي تُنافس بقوّة على الجوائز الأدبية المرموقة كـ «غونكور» و«الأكاديمية الفرنسية» وجائزة «رونودو» وغيرها.
في سبيرز ــــ «من دون عنوان 2 ــ ديستوبيا» (2017)


■ «مرشد الأرواح» ـ أميلي نوتومب
Psychopompe. Amélie Nothomb (Albin Michel)

تُعتبر الكاتبة البلجيكية أميلي نوتومب من أكثر كُتّاب اللغة الفرنسية غزارةً. منذ كتابها الأول «نظافة القاتل» (1992)، تعود إلى الساحة كل عام بعمل روائي جديد. في 2021، فازت بجائزة «رونودو» عن روايتها «الدّم الأوّل» التي خصّصتها لسيرة والدها، الديبلوماسي البلجيكي باتريك نوتومب الذي تُوفّيَ أثناء جائحة كورونا. هذا العام، أصدرت روايتها الجديدة «بسيكوبومب»، التي تروي فيها جزءاً من سيرتها الذاتية كما عودتنا في العديد من رواياتها السابقة. بأسلوبها الذي يتميّز بالألفة والهشاشة والتناقض وسعة الاطّلاع، تروي نوتومب هوسها بالطيور الذي اكتشفته في البلدان التي عمل فيها والدها كسفير لبلاده كالصين، نيويورك، اليابان، بورما، وأيضاً بنغلاديش حيث عاشت تجربة اغتصاب قاسية أثناء تواجدها على أحد الشواطئ للسباحة. وقد سبق أن ذكرت هذه الواقعة تلميحاً في روايتها السابقة «بيوغرافيا الجوع» (2004). أصيبت أميلي إثر هذه الحادثة بأنواع مختلفة من الصدمات، بما في ذلك فقدان الشهية؛ وعبّرت عن هذا الموضوع بقولها إنّها لجأت إلى الكتابة كي «تتواصل مع الإنسانة الميتة بداخلها». من هنا ظهر مصطلح «بسيكوبومب»، أو مرشد الأرواح، الذي يضمن عبوراً آمناً للنفوس نحو دار الآخرة. عبر صفحات الرواية، تفتح نوتومب قلبها وتُحدّثنا عن مراحل مراهقتها المؤلمة وبداياتها كروائية، وتدفعنا إلى التفكير في مهنة الكتابة وعلاقتنا بأحبائنا الراحلين. تحكي لنا عن طيور حياتها وكيف بقيت طويلاً مُجرد كاتبة ساكنة كبيضة عصفور، ثم انفجرت أخيراً وتحوّلت إلى هذا الطائر الغريب الذي نراه.

■ «النمر الحزين» ـــ نيج سنّو
Triste tigre, Neige Sinno (P.O.L)

«النمر الحزين» سيرة ذاتيّة مؤلمة أخرى لكاتبة جديدة تدعى نيج سنّو يبدو أنها تركت أثراً كبيراً لدى النُقّاد. بين عمر 7 و 14 عاماً، تتعرّض نيج الصغيرة التي تعيش مع أسرتها في جبال الألب للاغتصاب المتكرِّر من قِبَل زوج والدتها. في عام 2000، تتقدّم نيج بشكوى قضائية، فيصدر حُكم على الرجل بالسجن لمُدّة طويلة. بعد سنوات من هذه المعاناة، تُقرِّر نيج سنّو أن تُقدّم رواية مُفجعة عما حدث لها وحطّم حياتها إلى الأبد. من دون محاولة إثارة تعاطف القراء وشفقتهم، تلجأ سنّو حرفياً لتفكيك ما تُسمِّيه «قنبلتها الصغيرة». هذا النص لا يتفرّد فقط بالقصة المرعبة التي يرويها، أي قصة طفلة تتعرَّض لانتهاكات منهجيّة من قبل شخص بالغ يُفترض به أن يحميها، بل يتميّز بالإحساس العميق والصدق القاطع ولمحاته الشعرية القويّة. رواية «النمر الحزين» قصة اعترافية تُركِّز على الحقائق وتفسيراتها المستحيلة، بقدر ما تُركِّز على قدرة اللغة المكتوبة على وصف الألم والغضب الكبير الذي شعرت به المراهقة. من خلال عملية السرد، تستكشف الكاتبة قوّة الأدب، وأيضاً عجزه عن التعبير عن هول المأساة، وتلجأ لمساءلة نصوص أخرى، فتقودنا إلى إعادة قراءة جذرية لرواية «لوليتا» لنابوكوف، أو السيرة الذاتية للكاتبة الإنكليزية الشهيرة فيرجينيا وولف التي تعرّضت للاغتصاب أيضاً من شقيقيها، إلى جانب العديد من النصوص الأخرى الموجعة حول سِفاح القربى.

■ «سارة، سوزان والكاتب» ـــ إريك راينهارت
Sarah, Susanne et l’écrivain, Eric Reinhardt (Gallimard)

بعد النجاح الكبير الذي حقّقته روايته «الحب والغابات» (2014) وانتقالها إلى الشاشة الكبيرة، يعود إريك راينهارت بروايته التاسعة «سارة، سوزان والكاتب». يشتهر راينهارت بدفاعه الدائم عن المرأة، وبقدرته على سرد قصص النساء المعذّبات بدقّة وعمق، مُجسِّداً صورهن القويّة والضعيفة في الوقت عينه. مرة جديدة، يختار راينهارت أن يتناول علاقة زوجية، مُبدياً تعاطفه بشكل واضح مع المرأة الساذجة، ضحيّة مشاعرها وحبّها العميق لشريكها، في حين يبدو الرجل متلاعباً، أو على الأقل مُنافقاً وقاسياً وأنانياً. سارة بطلة الرواية، الأم وربّة المنزل المريضة والمُهمَلة من قِبَل زوجها الذي ينعزل يومياً في مكتبه من دون الالتفات إليها، تقرّر أن تقصّ سيرة حياتها لكاتب معروف كي يستلهم منها حكايته الجديدة. تتحوّل سارة في الرواية المنتظرة إلى شخصية تُدعى سوزان، ويدور حوار ثري بين المؤلف وسارة حول مسار حياتها وردود أفعالها، وكيف تغيّرت قصتها، مع بديلتها الخيالية. تتداخل في الرواية مستويات سردية عدة، فنجد قصة سارة، ومعركتها ضد السرطان، وحياتها الزوجية المُملّة، وقصة سوزان التي تُقدّم لها خيارات جديدة. باختصار إنّها حياة امرأة واحدة، تُسرد وتُكتب من خلال منظورين روائيين مختلفين، لتصل البطلة إلى نوع من الوعي الذاتي وتُدرك موقعها الحقيقي في الحياة.

■ «المجنونة المسكينة» ــ كلوي دولوم
Pauvre folle, Chloé Delaume (Editions Seuil)

تحبّ كلوي دولوم أن تُنوّع في مؤلفاتها الأدبيّة، فهي روائية ومؤلفة مسرحيات وقصص قصيرة وكاتبة مقالات. في عام 2020، فازت بجائزة «ميديسيس» عن روايتها «القلب الاصطناعي». بالنسبة إلى دولوم، الحبّ هو ألم يَرتسم في أعماق القلوب، قد يُشفينا أو يُعمّق جراحنا، لذا تعكس في إنتاجها الأدبي تناقضات الحب وتأثيراته الإيجابية أو السلبية على حياتنا العاطفية. تروي الكاتبة حكاية كلوتيلد ميليس، المُصابة باضطراب ثنائي القطب، تُعاني عاطفياً لأنّها مُتيّمة بحب رجل مثلي الجنس ومن المستحيل أن تحصل عليه. تبدأ المرأة البالغة 50 عاماً رحلة طويلة على متن القطار المُتجه نحو هايدلبرغ في ألمانيا بهدف الهروب من حياتها. لكن الأهم من ذلك هو اكتشاف نفسها وفهم ذاتها والأصوات الأخرى التي ترن في رأسها. بينما تتسابق المناظر المُوحية بنهاية العالم خارج النافذة، تستعيد كلوتيلد في ذهنها الأحداث البارزة في حياتها كاكتشافها الشِعر في مكتبة أهلها، وجريمة قتل والدتها عندما كانت طفلة صغيرة، ومرحلة المراهقة بميولها الانتحارية، وتشخيص وضعها كمصابة باضطراب ثنائيِّ القُطب، ثمّ لقائها بغيوم قبل عَشْرِ سنوات، والمراسلات التي تتحوّل بينهما إلى نوع من الإدمان مع مرور الوقت. تأمل كلوتيلد، أثناء سير القطار، في التوصُّل إلى حلّ لمشكلتها العاطفية قبل نهاية الرحلة.

■ «اليد الثالثة» ـــ أرثور دريفوس
La troisième main, Arthur Dreyfus,(P.O.L)

هذه الرواية تحكي قصّة شاب أُصيب بالقصف الجوي لمدينة بيزانسون أثناء الحرب العالميّة الأولى، فاستضافه وعالجه طبيب مجنون كان يهدف إلى تجربة تقنيّة ثورية لزراعة الأعضاء على الجرحى. يستيقظ الشاب على فراش موقت وهو يملك ذراعاً ويداً ثالثة مزروعة أسفل بطنه تعود لجندي ألماني ميّت يدعى هانس. ينجح الشاب في الهرب من قبضة «دكتور فرانكشتاين» ويتجول في الطرقات بين فرنسا وألمانيا، مُخفياً تشوهه. لكن يدَه الثالثة المزعجة تتحوّل في بعض الأحيان من نقمة إلى نعمة، فيتمّ توظيفه في مصنع للمسامير. وبفضل براعته المشؤومة، يصبح عاملاً متميزاً ويحصل على ترقية مذهلة، ثمّ يتزوَّج ابنة صاحب المصنع. لكن ليلة الزفاف تتحوّل إلى كارثة عندما تكتشف الشابة الزراعة المرعبة. في باريس، يتعلّم البطل مهنة جديدة، من خلال كتاب سحر، ويحصل على وظيفة في نادٍ ليلي حيث يتفوّق في تقديم الحيل السحرية، ثم يقع في حبّ معلمة شابة تتقبّله كما هو مع هانس، يده الثالثة. للأسف، تقف هذه اليد الغريبة معترضة على هذا الشغف وتُسمِّم علاقته بحبيبته من خلال قيامها بأمور مخزية. أخيراً، يشعر الشاب بالاستنفاد من هذه المعركة المستمرة ضد نفسه، وينتهي به الأمر بالتصالح مع الأسوأ.

■ «آفاق» ـــ لوران بينيه
Perspectives, Laurent Binet (Grasset)

بعد روايته الشهيرة «أش أش أش أش» الفائزة بجائزة «غونكور» عام 2010، طارحةً اغتيال الزعيم النازي رينهارد هايدريتش في براغ عام 1942، ورواية «حضارات»، التي فازت بجائزة «الأكاديمية الفرنسية» لأفضل رواية في عام 2021، يعود الكاتب الفرنسي لوران بينيه إلى الساحة الأدبيّة بقوة برواية «آفاق»، الصادرة عن «دار غراسيه». تنتمي هذه الرواية إلى النوع التاريخي البوليسي، تدور أحداثها في فلورنسا عام 1557، حيث يُعثر على الرسام بونتورمو مقتولاً عند أقدام اللوحات الجدارية الرائعة الجمال التي عمل عليها لمدة أحد عشر عاماً، إلى جانب وجود إحدى اللوحات الشهيرة المزيّفة. يُكَلّف جورجيو فيساري - الرسام أيضاً – بالتحقيق في الجريمة، برفقة الرسام والنحات الشهير مايكل أنجلو. يتطلّب الوضع سرّيةً مطلقة، وولاءً، وحساً فنيّاً وحدساً سياسيّاً، فأوروبا حينها كانت كبرميل بارود على وشك الاشتعال. كما ينبغي لكوزيمو دي ميدسيس مواجهة طموحات ابنة عمه كاترين، ملكة فرنسا، المتحالفة مع عدوه القديم، الجمهوري بييرو ستروتسي. عبر صفحات الرواية، يُشتبه في جميع الرسّامين والنحاتين والمعماريين والملوك والقادة الإستراتيجيين الذين عاشوا في تلك الحقبة الزمنية. «آفاق» رواية مُشوِّقة ذات خلفية تاريخية وفنيّة، لا يمكن تفويتها أبداً.

■ «الحبّ» ـــ فرنسوا بيغودو
L’amour , François Bégaudeau (Verticales)

يُعدّ فرنسوا بيغودو اليوم من بين الكتّاب اللافتين على الساحة الأدبية الفرنسية، فهو يعمل كمؤلف مسرحي، روائي، سيناريست، وكاتب مقالات. لا يتردّد في التعبير عن آرائه وإعادة تأكيد مواقفه الفكرية والاجتماعية في كل أعماله الفنيّة. في روايته الجديدة «الحبّ»، يسرد فرنسوا قصة زوجين عاديين قد نلتقي بهما كل يوم في حياتنا الواقعية. لا يروي الكاتب هنا حكاية حبّ استثنائية مليئة بالشغف والرغبة كما اعتاد القراء، بل قصّة حياة زوجية هادئة وهانئة، فيها الحلو والمرّ، ومشاركة الأفراح والأتراح والمودّة والحنين إلى الماضي الجميل. من خلال قصة الحبّ هذه، يبيّن لنا أنّ مرور الزمن لم يؤدِ إلى اندثار العاطفة بين الزوجين اللذين عاشا خمسين عاماً سويّة، على العكس بقيَ الحنان والدفء يجمعانهما رغم كلّ شيء.

■ «بانوراما» ـــ ليليا حسين
Panorama, Lilia Hassaine (Gallimard)

تُقدّم الكاتبة ليليا حسين رواية لامعة وقاتمة عن المستقبل. نحن في عام 2049 وقد بدأت فرنسا عصراً جديداً، هو عصر الشفافية. يوافق الناس على خفض مُعدَّل الجريمة من خلال التخلي عن خصوصيتهم وجعل حياتهم مكشوفة للجميع. تتلاشى تدريجاً جدران المنازل والبنايات الإسمنتية، مُفسحة في المجال أمام الواجهات الزجاجية، كي يتمكّن الناس من مراقبة بعضهم، ومراقبة أنفسهم، وللإبلاغ عن الآخرين عندما يخالفون قانون المواطن الصالح. اللطيف أنّه منذ أن انتقلت فرنسا إلى عصر الشفافية، بدأ هؤلاء الرجال والنساء بالعيش في عالم متناغم، مُحرّر من الشر، حيث يتطوَّر كل إنسان ويزدهر تحت نظرة جيرانه الحميمة. لكن رغم الشفافية المُطلقة التي تعيشها المدينة، تختفي إحدى العائلات المؤلّفة من زوجين وطفل صغير يدعى ميلو. تعود هيلين، الضابطة السابقة في الشرطة، لتولي مهمة البحث عن أفراد العائلة المفقودة، وتلتقي بأناس تواصلوا معهم للمرّة الأخيرة. أثناء التحقيق، تكتشف هيلين حقيقةً مفاجئةً ومروعةً. من خلال هذه الديستوبيا، تطرح الكاتبة أسئلة فلسفية عن عالمنا المعاصر، وعن مدى احترام خصوصية الإنسان. تُظهر هذه الرواية المثيرة أشخاصاً يكافحون ضد نزعاتهم وعقدهم النفسية المُخبّأة بعناية خلف صورتهم الكاملة والرائعة التي تظهر للمجتمع.

■ «الغاضب» ـــ سورج شالاندون
L’Enragé , Sorj Chalandon (Grasset)

الكاتب والصحافي الفرنسي سورج شالاندون، الحائز جائزة «الأكاديمية الفرنسية» عن روايته «العودة إلى كيليبيغز» (2011)، وجائزة «غونكور لطلاب المدارس الثانوية» عام 2013، عن روايته «الحائط الرابع» التي تناولت الحرب اللبنانية، يُقدِّم لنا سرداً جديداً مؤثِّراً بعنوان «الغاضب». تتأرجح الرواية الجديدة بين التحقيق والخيال والسيرة الذاتية. تبدأ أحداثها في ليلة 27 إلى 28 آب (أغسطس) 1934، حين تتمرّد مجموعة من القاصرين في إحدى الإصلاحيات في جزيرة «بيل إيل أون مير»، التي كانت مُخصَّصة في الماضي لسجناء كومونة باريس. يهرب القاصرون من سجّانيهم، وتُنظَّم عملية مطاردة لاسترجاعهم بسرعة، من قِبل رجال الدرك الذين يعرضون على الجيران 20 فرنكاً مقابل كل هارب يُقبض عليه. في اليوم التالي، يُقبض على جميع الفارّين، باستثناء مراهق واحد بقي مفقوداً، لم يستطيعوا إيجاده على الإطلاق. يتقمّص سورج شالاندون شخصية هذا المراهق المختفي، ويرسم صورته ويسرد حكاية عذابه. «الغاضب» قصّة طفل مُعنّف عاش حياته بلا حبّ وحنان. قصة تتردد أصداؤها بلا شك في ذات الكاتب الذي عاني هو أيضاً من النقص العاطفي ومن تعنيف والده الدائم له.

■ «دُبال» ــ غاسبار كونيغ
Humus , Gaspard Koenig (L’Observatoire)

هل سيُنقذ الدود الأرضي البشريّة؟ على الأقلّ، هذا ما يعتقده مهندسان زراعيان تخرّجا حديثاً من «جامعة باريس للزراعة التكنولوجية». يُصمِّم الشابان على إثبات نظرية داروين التي تقول إنّ «الدود الأرضي أهم عنصر في عملية التطوّر الطبيعي»، ويتّبع كل منهما طريقاً مختلفاً لتنفيذ أفكاره التي تهدف إلى إنقاذ الكوكب من قبضة التلوّث المميت. يعتقد آرثر أنه يجب إعادة إدخال الدود إلى أرضه الأصلية واعتماد زراعة ذكيّة ومسؤولة، ويُحاول إحياء أرض نورماندية جدباء ورثها عن جده من خلال تحفيز تكاثر الدود في التربة. أما كيفن، فلديه رؤية عالمية أكثر بخصوص حفظ كوكبنا. لذا يقرر أن يجمع أموالاً في وادي السيليكون لتسويق صناعة «نوع من السماد الدودي» على مستوى عالمي. يسعى الشابان الناشطان في ميدان التنمية المُستدامة، اللذان يمثلان جيلاً كاملاً مهتماً بمسألة الاحتباس الحراري وفقدان التنوع البيولوجي، إلى بناء بيئة جديدة متوازنة. هذه الرواية تشهد على الأضرار التي سبّبتها الزراعة المُكثفة والإفراط في استخدام الأسمدة في القرن العشرين، وتتساءل عن الحلول التي يمكن أن تكون الفضلى لمعالجة الأزمات البيئية المستفحلة. من خلال هاتين الشخصيتين الجذابتين والممثلتين لعصرهما، يُقدّم غاسبار كونيغ رواية مُشوّقة ستجعلنا نرى الدود الأرضي بوجهة نظر جديدة وإيجابية. رواية «دُبال» لن يتوقف تفكيرنا بها، حتى بعد الانتهاء من قراءتها.