يقول ماثيو هدجز، مؤلّف كتاب «إعادة اختراع المشيخة: العشيرة والسلطة والزِّبانة في مشيخة بن زايد» (منشورات هيرست ـــ 2021): مع أنّ صدى الربيع العربي قد تردّد في أنحاء الشرق الأوسط، تاركاً خلفه طريق الدمار، إلا أن الهدوء النسبي في مشيخات الإمارات العربية المتحدة قدّم خريطة طريق إقليمية للاستقرار. وقد أدّت التغييرات المحلية منذ عام 2000 إلى تغيير ديناميكيات المشيخة على نحو كبير، ما عزّز السلطة داخل أبو ظبي. بينما خلف خليفة بن زايد والده أميراً لإمارة أبو ظبي ورئيساً للإمارات العربية المتحدة في عام 2004، تم اعتماد تطور الإمارات إلى حدّ كبير لدى ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد حيث اتسم عهده بصعود جهاز الأمن ونهج الإدارة الجزئية للحكم.ركّزت استراتيجية محمد بن زايد على التحصين واستباق التهديدات من السكان الأصليين لمشيخات الإمارات المتحدة، وليس من المغتربين أو الجهات الفاعلة الأجنبية. ونتيجة لذلك، عزّز سلطته، ووزّع إدارتها على حلفائه من العشائر والأقارب والعائلة. جوهرياً، دفع ابن زايد التحديث فقط من أجل تعزيز قبضته على السلطة.


يستكشف هذا الكتاب استراتيجية أمن نظام محمد بن زايد، ويوضح شبكة التحالفات التي تسعى لدعم حكمه وعائلته. في منطقة مضطربة باستمرار، تظل مشيخة الإمارات حاسمة لفهم تطور السيطرة الاستبدادية في الشرق الأوسط.
المؤلّف، الذي هو محاضر في «جامعة حمد بن خليفة»، قسّم عمله إلى سبعة فصول. في الفصل الأول (مقدمة)، يتم استكشاف الأساس النظري، وتوفير سياق للكتاب: «إن الارتباط بين المؤسسات التقليدية ومجتمعاتها، يركز على نظام وقيادة الدولة. وتجدر الإشارة بشكل خاص إلى استكشاف أمن النظام. بينما يفتقر هذا المجال إلى نظرية جامدة ورسمية، يحدد كتابي الأهداف والممارسات الرئيسية ضمن استراتيجية أمن النظام، ويوفر الأسس المفاهيمية لهذه الأطروحة. الركيزتان الأساسيتان لاستراتيجية أمن النظام هما فرض السلطة والحفاظ عليها. بناءً على هذه الملاحظات، يتم عرض نظرية بريتوريانية praetorianism للشركات البريتورية الجديدة (Neo-corporate Praetorianism, NCP) لإظهار كيفية إدارة الدولة للسلطة».
بمجرد معالجة الإطار النظري، يستكشف الفصل الثاني (أمن النظام في أبو ظبي سابقة استراتيجية) السابقة التاريخية لأمن النظام التي وضعها مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وهذا يتيح أساساً سياقياً لتحليل ديناميكيات الأمن الداخلي داخل الأسرة الحاكمة في أبو ظبي. بناءً على الأساس التراكمي للمعرفة، يستكشف المؤلف بعد ذلك الركائز الأربع للشركات البريتورية الجديدة واستراتيجية أمن النظام ويتم تقسيمها على نطاق واسع بين إنفاذ السلطة والحفاظ عليها.
يقوِّم الفصل الثالث (التدعيم العسكري) كيفية تكييف سيطرة النظام على الجيش في أعقاب الربيع العربي. بعد ذلك، ينتقل إلى المراقبة، ويتناول الفصل الرابع (الاستبداد الرقمي: أدوات جديدة لرقابة الدولة) الأدوات المتطورة التي تُستخدم لزيادة مراقبة الدولة وسيطرتها على المجتمع.
يُفصِّل الفصل الخامس (الإدارة الاقتصادية الاستراتيجية) التغييرات التي تم إجراؤها على إدارة النظام والسيطرة السياسية على الاقتصاد، وكيف يتم تكييف ذلك لتحسين توليد الإيرادات المستمر. يستكشف الفصل السادس (الرقابة الصناعية)، كيف تمكنت العائلة الحاكمة في أبو ظبي من السيطرة على القطاع الصناعي بعدما سيطرت على الاقتصاد.
من خلال تقويم التغييرات التي تم إجراؤها على استراتيجية أمن النظام في مشيخات الإمارات من خلال أنموذج الشركات البريتورية الجديدة، يقدم المؤلف بنية نظرية فريدة تعتمد على الفروق الدقيقة السياقية، بدلاً من تطبيق نظرية غير متوافقة على دراسة حالة معينة. علاوة على ذلك، يعد تطبيق البريتورية الجديدة للشركات على المشيخات مميزاً نظراً إلى نقص البحث الأكاديمي في العلاقات السياسية المحلية للإمارات والتعقيد الإضافي الذي تمثله هويتها الفيدرالية.
دفع ابن زايد التحديث فقط من أجل تعزيز قبضته على السلطة


يقول الكاتب، الذي حكمت عليه محكمة مشيخة الإمارات بالسجن المؤبد بتهمة التجسس، قبل أن تطلق سراحه بعد ذلك بأسابيع قليلة بعدما رفع السيد في لندن العصا في وجه المستعمَر: لا شك في أن الاستراتيجية الأمنية للنظام الإماراتي قد تم تطويرها من خلال سياسة متماسكة في أعقاب الربيع العربي، فإن السؤال الأساس الذي يطرحه هذا المؤلف: إلى أي مدى أثّر الربيع العربي في استراتيجية أمن النظام الإماراتي؟ ويجيب عنه بالقول: من الواضح أن سمات الربيع العربي التي كان لها تأثير حاسم في استراتيجية أمن النظام في الإمارات تضمنت الضغط البيئي، وتغيير الديناميكيات المجتمعية، والتقدم في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. في كل ركيزة من ركائز البريتورية الجديدة للشركات، هناك أمثلة واضحة على رد فعل الإمارات على الربيع العربي منها الزيادة الملموسة في الإنفاق العسكري، وتطوير القدرات التكنولوجية من قبل الأجهزة الأمنية، وشبكة واضحة ومحددة من المستخدمين المرتبطين مباشرة بابن زايد عبر أجهزة المشيخة، وزيادة نطاق القوة من قبل هذه الشبكة، ما يؤكد تنفيذ استراتيجية متّسقة لتعزيز سلطة النظام.
بعد الربيع العربي، أضفى الطابع الأمني ​​على بيان التهديد على التطور السريع لدولة الإمارات العربية المتحدة في القوات المسلحة والخدمات الأمنية، بينما كان يعمل في المقام الأول على تقوية الاستراتيجية الأمنية للنظام الإماراتي.
يفرض تنظيم محمد بن زايد آل نهيان على الروابط المجتمعية تطبيق السلطة والحفاظ عليها. لقد أنشأ تجمعات مطيعة له، ووسّعها من خلال عوامل حاسمة مماثلة. ورغم أنّ لدى مستخدميه صفات تكنوقراطية، إلا أنّه غالباً ما يكون هناك ما هو أهمّ، وهو خيط مشترك من الانتماء القبلي والقرابة. أما أهم اكتشاف ضمن هذه الشبكة، فهو دمج ابنيه خالد وذياب في شبكته الخاصة.

Reinventing the Sheikhdom: Clan, Power and Patronage in Mohammed bin Zayed’s UAE. c. hurst & co. 2021. extent: i-xvi, 344 pages with 13 tables & 9 figures. MATTHEW HEDGES*