ورث خالد الجبيلي الترجمة عن والده. قد تبدو هذه الجملة غريبة، لكنّها حقيقية. فالأب كان بالفعل مترجماً وشغوفاً باللغات. عمل مدرساً للغتين الإنكليزية والفرنسية، وأثّر في ابنه الذي أحبّ اللغتين معاً ودرسهما، ليتخصّص لاحقاً في الترجمة عن الإنكليزية. كانت تلك اللغة هي أداته المهنية، اشتغل بها مترجماً في مجالَي الزراعة والقانون، لكنه كان يحس بأن المترجم لا يصير مترجماً حقيقياً، إلا إذا شرع في ترجمة الأدب. حبّه الطفولي للكتابة وأثر والده دفعاه باكراً إلى تجريب الترجمة الأدبية، فكان أول عمل نقله وهو طالب في الجامعة هو «مزرعة الحيوان». ويبدو أنّ المصادفة التي قادته لجورج أورويل، جعلته يسعى باستمرار إلى أن يترجم لأسماء من المقام ذاته: نيكوس كازانتزاكيس، ألبرتو مورافيا، هنري ميللر، سلمان رشدي، كارلوس فوينتيس، فيليب روث، خوسيه ساراماغو، جون ماكسويل كويتزي، جونيشيرو تانازاكي وغيرهم. استطاع خالد الجبيلي أن يخلق قاعدة كبيرة من قرّاء الأدب الذين يصلون إلى النصوص العالمية عبر وساطة اللغة العربية. وصار كثير منهم يقتنون الكتاب لأن مترجمه هو خالد الجبيلي. للرجل فلسفته في الترجمة، غالبية ترجماته الأدبية مبنية على مزاج فردي، أو على توافق بين خيار الناشر وذوق المترجم. من فلسفته أيضاً الهروب من اللغة المقعرة والميل إلى لغة قريبة من قلوب القراء ومن عقولهم في الآن ذاته. يؤمن بأن وظيفة المترجم هي أن ينقل الأثر الأدبي إلى قارئ العربية على نحو يجعله يحب هذا الأدب من جهة ويحب لغته العربية من جهة أخرى. ولد خالد الجبيلي سنة 1953، حصل على الإجازة في اللغة الإنكليزية من جامعة حلب سنة 1976، وعلى دبلوم في الترجمة من الجامعة ذاتها سنة 1986. اشتغل مترجماً تحريرياً وفورياً في « المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة»، قبل أن يلتحق بأميركا ليقيم هناك ويعمل مترجماً ومراجعاً في دائرة الترجمة في الأمم المتحدة في نيويورك. في هذا الحوار، نفتح الكثير من قضايا الترجمة، ونسأله أيضاً عن سرّ ميله إلى ترجمة الرواية على حساب أجناس كتابية أخرى، وعن الترجمة عبر لغة وسيطة، وعن حضور الأدب العربي في أميركا وحضور الأدب الأميركي في العالم العربي، ونحاول أن نعرف معه إن كان يقوم بتجميل النصوص التي يترجمها، وكيف يقرأ طغيان الروح التجارية في مجال الترجمة. كما نتعقب مساره منذ البدايات، ونستطلع رأيه بخصوص حاضر الترجمة ومستقبلها في العالم العربي
ترجمتَ أكثر من سبعين كتاباً. كيف تنظر إلى هذا الرقم؟ وهل تحسّ بأن خالد الجبيلي يحظى بالمكانة التي يستحقّها في العالم العربي؟
- في جعبتي الآن أكثر من سبعين كتاباً مترجماً، بالإضافة إلى عدد من القصص القصيرة التي نُشرت في مواقع أدبية على الإنترنت. عندما أنظر إلى ذلك، فإني أشعر بالفخر والسعادة، حتى إنني أفاجأ أحياناً من نفسي بأنني استطعت أن أنجز كلّ ذلك. لا أعرف تماماً إن كنت أحظى بالمكانة التي أستحقها فعلاً في العالم العربي، لكن عندما يعبّر لي عدد كبير من القراء من جميع البلدان العربية عن إعجابهم وثقتهم بكلّ ما أترجمه، فإني أشعر بالسعادة وأدرك أنّ ما قمت به طوال تلك السنين كان مجدياً، وأنه كان مفيداً وممتعاً لشريحة واسعة من القارئين، وأعتبر ذلك الجائزة الكبرى التي حظيت بها لما بذلته بإخلاص ومتعة حقيقية.

هناك قراء يقتنون الكتاب بدون معرفة بقيمة محتواه، وأحياناً يسمعون للمرة الأولى باسم كاتبه. لكنهم يُقبلون على هذا الكتاب لسبب واحد هو أن خالد الجبيلي مترجمه. كيف تنظر إلى هذه الثقة؟ وأنت تترجم، هل تضع في ذهنك قارئاً ما بمواصفات معينة؟
ـ عبّر لي الكثير من القراء بأنهم يقتنون أيّ كتاب لمجرد رؤيتهم اسمي كمترجم على الغلاف. أي سعادة يمكن أن يشعر بها مترجم عندما يسمع ذلك. عندما أبدأ بترجمة أي عمل، فإني أضع في اعتباري احترام عقل القارئ وذائقته، لأنّ القارئ العربي قارئ ذكي يميّز بين الغث والسمين في الأعمال المترجمة التي يقرأها، ويدرك جيداً أن المترجم الذي يقدّم له عملاً جيداً، يحترم ذكاءه ويقدّره عالياً. وهذا يدفعني دائماً لأن أبذل ما بوسعي عندما أُقدم على ترجمة أي عمل. أرى أنّ المترجم يحمل مسؤولية كبيرة تجاه القارئ العربي.

خالد الجبيلي: لست راضياً عن واقع الترجمة في العالم العربي لكنني متفائل بمستقبلها مع تزايد الاهتمام بها


فالتر بنيامين كان يرى أن الترجمة هي ما يضمن للنص ديمومته. هل تفكّر في تخليد نصوص معينة وأنت تهمّ بترجمتها؟
- لم أفكّر في ذلك مطلقاً. لكن الشيء الذي يضمن للنص ديمومته هو إبداعيته واستمراريته مع مرور الزمن. أظن أنني إذا استطعت أن أقدّم ترجمة راقية لعمل مهم، فقد يضمن ذلك استمرارية النص وديمومته.

عملت مترجماً تحريرياً وفورياً في «المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة»، ثم مترجماً ومراجعاً في دائرة الترجمة العربية في الأمم المتحدة في نيويورك. هل كانت الترجمة المهنية سابقة على الترجمة الأدبية؟ وما الذي قادك إلى ترجمة الأدب؟
ـ بدأ شغفي في تعلم اللغات منذ أن كنت صغيراً. كان أبي رجلاً مثقفاً من الدرجة الرفيعة يجيد لغات عدة. كان يعمل مترجماً ومدرساً للغتين الإنكليزية والفرنسية، وكنت أشعر بدهشة كبيرة عندما أراه يترجم نصاً وهو يكتب بخطه الجميل، وأُعجب كيف يمكنه عمل ذلك. أظن أن حبي لتعلم اللغات بدأ منذ ذلك الحين. بدأ يعلّمني اللغة الفرنسية، وعندما انتقلت إلى المدرسة الإعدادية، بدأت أدرس اللغة الإنكليزية، ثم التحقت بقسم اللغة الإنكليزية وآدابها في جامعة حلب. كنت أحلم بأن أصبح مترجماً، وبدأ شغفي للترجمة يزداد عندما بدأت أدرس الأدب الإنكليزي ومادة الترجمة في الجامعة. وعندما كنت في السنة الثانية في الجامعة، وقعت تحت يدي رواية «مزرعة الحيوان» لجورج أورويل في مكتبة أبي. عندما بدأت بقراءتها، شعرت برغبة قوية في أن أحاول أن أترجمها، وتساءلت كيف يمكن أن تبدو لو قرأتها بترجمتي. وبتشجيع من أبي قمت بترجمتها وطبعتها بنفسي على الآلة الكاتبة. كان ذلك أول عمل أدبي أقوم بترجمته، لكنها ضاعت للأسف، ثم ترجمت بعض القصص القصيرة للكاتب الإيطالي ألبرتو مورافيا اخترتها من مجموعات قصصية عدة. ثم بدأت عملي المهني كمترجم في «المركز الدولي للبحوث الزراعية» ثم انتقلت للعمل مترجماً في دائرة الترجمة العربية في الأمم المتحدة في نيويورك. خلال ذلك، كنت أقوم بترجمة بعض الأعمال الأدبية في أوقات فراغي وكنت أجد متعة كبيرة في ذلك. لذلك، فإن شغفي بالترجمة الأدبية سبق عملي المهني.

معظم ترجماتك روايات. لماذا الجنوح إلى هذا الجنس الأدبي بالضبط؟
ـــ عندما بدأت عملي المهني في الترجمة التي تتركز على الموضوعات القانونية والعلمية خصوصاً الزراعية، كنت أشعر دائماً برغبة شديدة لترجمة أعمال حيوية تنبض بالحياة، فترجمت كتباً تاريخية مهمة، منها على سبيل المثال كتاب «نشوء الشرق الأدنى الحديث: 1792 – 1023» للبروفسور البريطاني مالكولم ياب، الأستاذ في كلية الدراسات الشرقية في جامعة لندن، وكتاب «تاريخ حلب الطبيعي في القرن الثامن عشر» المؤلَّف من مجلدين كتبهما طبيبان بريطانيان عاشا في مدينة حلب في القرن الثامن عشر، بالإضافة إلى أعمال تاريخية واجتماعية أخرى. وخلال عملي المهني، كنت أقول لنفسي إن المترجم لا يصبح مترجماً حقيقياً إلا إذا ترجم أعمالاً أدبية أيضاً، فبدأت هذا المشوار، وكان هدفي الرئيسي أن أكسر الملل الذي كان يلازمني من ترجمة الموضوعات العلمية، ولاحقاً ترجمة شتى المجالات والتخصصات في الأمم المتحدة.
ً
هل تترجم في الغالب بمزاجك وذوقك وخياراتك؟ أم أن يد الناشر أو المؤسسة تمتد هي أيضاً إلى رفوف الكتب المزمع ترجمتها؟
ـ في البداية كنت أترجم الأعمال التي أراها ممتعة وأجدها جديرة بالترجمة بالنسبة إليّ على الأقل، وأرغب في أن أشارك القارئ هذه المتعة، ثم أقترحها على الناشر الذي كان يقبل معظمها. وقال لي أحد الناشرين إنني أتمتع بذائقة جيدة في اختيار الأعمال. عندما يعرض عليّ ناشر عملاً ما، فإني أقبله إذا وافق مزاجي وذائقتي، وأرفضه إذا لم يكن كذلك.

حصلت على شهادة جامعية من حلب وأخرى من لندن، وتقيم منذ فترة في أميركا. هذا يعني أنك تعرف نقاط التقاء واختلاف الإنكليزيتين البريطانية والأميركية. كيف ينعكس ذلك على الترجمة إلى العربية؟
ـ على المترجم أن يتقن اللغة التي يترجم منها إلى لغته إتقاناً تاماً، ويعزز ذلك إقامته في ذلك البلد والتعرّف إلى ثقافته، لأن الترجمة ليست مجرد مفردات. ومن خلال دراستي للغة الإنكليزية وإقامتي في إنكلترا لفترة غير طويلة وإقامتي في الولايات المتحدة لفترة مديدة، واطلاعي المتواصل على الأعمال الأدبية في هذين البلدين، كل هذا جعلني أتعرّف بشكل جيد إلى ثقافتهما، وإلى نقاط التلاقي والاختلاف بينهما.

أحياناً تترجم عبر لغة ثالثة، ليست لغة الكاتب، وليست أيضاً لغتك. وتمارس بالتالي «الخيانة المضاعفة». ألا يتغير العمل الأدبي وهو ينتقل بين ثلاث لغات أو أكثر؟
ـ إن الشيء الذي كان يدفعني إلى ترجمة بعض الأعمال الأدبية من لغة وسيطة هو حبّي لذلك العمل وأهميته، ولأنه لم يكن مترجماً. لديّ تجربتان مهمّتان في هذا المجال. فقد طلب مني الكاتب الألماني من أصل سوري المعروف رفيق شامي ترجمة روايته المهمة الضخمة «الجانب المظلم للحبّ» التي كتبها أصلاً باللغة الألمانية، وروايته الأخيرة «صوفيا- بداية كلّ الحكايات» التي أنهيت ترجمتها أخيراً، عن اللغة الإنكليزية، لكنه قام بمراجعة ترجمة كلتا الروايتين وتدقيقهما على الأصل الذي كتبه باللغة الألمانية. لذلك يمكنني القول إن الترجمة قد تمت عن لغتها الأصلية بموافقة الكاتب ومباركته، وليست مجرد ترجمة من لغة وسيطة. وطلب مني الصديق والأديب صموئيل شمعون، مؤسس منشورات «كيكا»، ترجمة رواية «ستالين الطيب» للكاتب الروسي فيكتور إيروفييف الذي كتبها أصلاً باللغة الروسية، لكنه قام بمراجعة وتدقيق ترجمة روايته إلى اللغة الإنكليزية التي يجيدها تماماً، ووافق على أن أقوم بترجمتها من اللغة الإنكليزية.

هل تسهم الترجمة في تجديد اللغة المترجَم إليها، وفي تحقيق ما سمّاه عبد السلام بنعبد العالي «انتعاشة اللغة»؟
ـ تسهم الترجمة في إدخال تعابير ومفاهيم جديدة ليست متداولة إلى اللغة المُترجم إليها (وهنا اللغة العربية) في جميع المجالات والتخصّصات. فالترجمة تُنعش اللغة وتضخّ فيها روحاً جديدة، وتمدّها بأفكار ومفردات جديدة.

ألا تجد أنك تقوم أحياناً بتجميل النص الأصلي، الذي قد يظهر بلغة قريبة من حياة الناس، ويصير في الترجمة بلغة أدبية أكثر؟
ـ طبعاً، وهذه من ميزات الترجمة الجيدة. فالترجمة هي إعادة صياغة النص الأصلي إلى اللغة المترجم إليها، لا بل إنها إعادة كتابته، لذلك على المترجم أن يضفي على النص المترجم جمالية بلغة أدبية من دون التأثير أو الإخلال بفحوى النص الأصلي وأفكاره.

سيوران أشار مرة إلى أنه التقى بمترجمين أكثر ذكاءً من المؤلفين الذين ترجموا لهم. هل هناك حالات يتفوّق فيها المترجم على المؤلف؟
ـ نذكر جميعاً المترجم الأميركي العظيم غريغوري راباسا الذي ترجم معظم أعمال كتّاب أميركا اللاتينية المشهورين، وقد اعترف غابرييل غارسيا ماركيز بأن ترجمة راباسا لروايته «مائة عام من العزلة» هي أفضل من الرواية الأصل، وأنها هي التي أوصلته إلى العالمية والحصول على جائزة نوبل. فقد قال ماركيز: «أرى أن راباسا أعاد خلق روايتي بشكل تام في ترجمته إلى اللغة الإنكليزية. ففي الرواية أجزاء عديدة صعبة ولا يمكن ترجمتها حرفياً». وأضاف ماركيز: «ويتكوّن لديّ الانطباع بأنّ المترجم (راباسا) قد قرأ الرواية ثمّ أعاد كتابتها من جديد من ذاكرته».
اعترف ماركيز بأن ترجمة راباسا لـ «مائة عام من العزلة» هي التي أوصلته إلى العالمية والحصول على جائزة «نوبل»

هل هناك تقدير أعظم من هذا التقدير من كاتب العمل للمترجم الذي ترجم عمله إلى لغة أخرى وجعلها تبدو رائعة؟ وتساءل بورخيس أليست حرفة المترجم «أكثر براعة وحذقاً، وأكثر تحضّراً من حرفة الكاتب»؟ واعتبر الناقد والروائي الفرنسي موريس بلانشو المترجمين «كتّاباً من الطراز النادر، لا يوجد لهم نظير». وقال لي بعض الزملاء إنهم كانوا قد قرأوا رواية «قواعد العشق الأربعون» للكاتبة التركية إليف شافاق، باللغة الإنكليزية أو الفرنسية، لكنهم عندما قرأوا الترجمة العربية التي قمت بترجمتها إلى العربية، أحسوا أنها أجمل وأكثر وقعاً على النفس.

هل هناك كتاب ترجمته وندمت لاحقاً؟ أو على الأقل أحسست أنه كان يفترض أن يُترجم على نحو آخر؟
ـ لا، لم أندم على أي عمل ترجمته.

من الأقرب إليك من الكتّاب الذين ترجمت أعمالهم إلى العربية؟
ـ نيكوس كازانتزاكيس، هنري ميللر، رفيق الشامي، إرفين د. يالوم وآخرون.

كيف تقرأ حضور الأدب الأميركي في العالم العربي؟
ـ ليست لديّ فكرة واضحة عن نسبة حضور الأدب الأميركي في العالم العربي.

ماذا في المقابل عن حضور الأدب العربي في أميركا؟
ـ ضعيف جداً.

ما السرّ وراء هذا الحضور الضعيف للأدب العربي في العالم، وليس في أميركا وحدها؟ هل يتعلق الأمر بهيمنة أدب الدول القوية اقتصادياً وسياسياً؟ أم أن الأمر يعود إلى قيمة الأدب العربي نفسه؟
ـــ لاحظت من خلال زياراتي الدائمة والمتكررة لكبرى المكتبات في الولايات المتحدة الأميركية، أنك قلّما ترى كتاباً مترجماً إلى اللغة الإنكليزية معروضاً على رفوفها، لا من اللغة العربية فحسب، وإنما من اللغات العالمية الأخرى أيضاً. لعل أكثر الأعمال المنتشرة هي أعمال كتّاب أميركا اللاتينية. وحتى الأعمال المترجمة من اللغات الأوروبية الأخرى كالفرنسية والإيطالية قليلة جداً. لا أعرف ما هو السبب، هل هو بسبب غزارة إنتاج الكتب والروايات التي تصدر في أميركا؟

ألا ترى أن الأجيال الجديدة من أدباء العالم غير متداولة في العالم العربي؟ وأقصد هنا الكتّاب الذين ولدوا بعد منتصف القرن الماضي.
ـ نعم، هناك عدد كبير من الكتّاب المعاصرين والحديثين الرائعين الذين قلّما ترى أعمالهم مترجَمة إلى اللغة العربية... لعل السبب هو جري الناشر العربي وراء الأسماء الكلاسيكية المعروفة. وألاحظ أن بعض المثقفين العرب كثيراً ما يرددون في أحاديثهم ومقالاتهم أسماء كتّاب كلاسيكيين بعينهم، كما لو أن العالم لم ينجب كتّاباً مهمين من الأجيال الشابة في العالم.

يدخل المترجم إلى عالم الرواية، ويسبر أعماق الكاتب، ويمتلك خبرة بأساليب وتقنيات الكتابة الروائية. لماذا لم يفكّر خالد الجبيلي في كتابة رواية؟
ــ سُئلت كثيراً هذا السؤال، وأجيب بأنني لا أمتلك تجربة مميّزة تجعل مني كاتباً مميزاً، لذلك أفضّل أن أقدّم للقارئ العربي بعض الأعمال العالمية المهمة والجيدة، على أن أكتب رواية قد لا تكون بأهمية الترجمات التي أقوم بها.

بخصوص الشعر ربما الوحيد الذي ترجمتَ له هو جلال الدين الرومي. ما الذي منعك من نقل نصوص شعرية حديثة إلى العربية، خصوصاً من أميركا؟
ــ بعد محاولات كثيرة، قررت أن أترجم بعض أشعار أو شذرات لجلال الدين الرومي الذي أحبّ أشعاره كثيراً. بشكل عام، أتهيّب من ترجمة الشعر كثيراً، مع أن لي بعض المحاولات في ترجمة بضع قصائد لتشارلز بوكوفسكي وعدد من قصائد الهايكو نشرت بعضها على صفحتي على الفايسبوك.

كيف تقرأ طغيان الروح التجارية في الكثير من الترجمات التي تملأ المكتبات العربية اليوم؟
ـ على الرغم من ظهور مترجمين مهمّين ترجموا أعمالاً رائعة ومهمّة من لغات عدة في العالم العربي، لا يزال هناك قدر كبير من الأعمال المترجمة الضعيفة والركيكة. سمعت أن بعض دور النشر العربية تلجأ إلى مترجمين مبتدئين وتتجنب المترجمين المحترفين المعروفين لأنها لا ترغب في أن تدفع لهم مبالغ معقولة (على الرغم من ضعفها في جميع الأحوال).

هل ترى أن الدول التي نترجم آدابها هي في الغالب دول ذات قوة اقتصادية وسياسية؟ هل نحن فعلاً أمام النظرية التي تقول إن الدول القوية تفرض آدابها وثقافتها؟
ـ أظن ذلك، مع أن هناك ترجمات عديدة لكتّاب من بلدان لا تتمتع بتلك القوة.

هل أنت راضٍ عن حاضر الترجمة في العالم العربي؟ وهل أنت متفائل بمستقبلها؟
ـ لا لست راضياً تماماً، لكنني متفائل بمستقبل الترجمة مع تزايد الاهتمام بها في العالم العربي.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا