ثلاث قصائد

  • 0
  • ض
  • ض

* غرفة المشنقة   آنَ أُغمِضُ عينيّ... تأتي إلى راحتَيَّ البلادُ البلادُ التي عرّفَتْني بأني امرؤٌ ليس يُسْمى، امرؤٌ قَدْرُهُ النعلُ (كم مرةٍ كنتُ تحت حذاءِ المفوَّضِ...) بل أنّ لي نُدْبةً ما بوجهيَ، من صفعةِ الشُّرَطِيّ ... البلادُ التي كنتُ أعرِفُ ما عرفَتْ، مرّةً، أن تكونَ بلاداً؛ بلادي الرهيبةُ قد أدخلَتْني إلى غرفةِ المشنقةْ ذاتَ ليلٍ... .................. .................. .................. كان ذلك في 1963 نقلونا من "النُّقْرةِ" الفجرَ لا أتذكّرُ كيفَ: القطار البطيء، أو الحافلات التي هي أبطأُ... في الليلِ كنّا مساجينَ "بَعقوبةَ". ما كان في السجنِ متّسَعٌ للجميعِ. تقدَّمَ لي حارسٌ: "أنتَ تدخلُ في غرفةِ المشنقةْ !" * انفتحتْ غرفةُ المشنقةْ... أغلَقَ الحارسُ البابَ في لحظةٍ. كنتُ أقربَ للمَيْتِ: أن تؤخذَ، الفجرَ، من خَبْتِ قبرِكَ في "النقرةِ" السجنِ حتى تكونَ بغرفةِ مشنقةٍ... (سِجْنُ بَعقوبةَ) كنتُ تحتَ الجهازِ العجيبِ الذي هو مشنقةٌ: هذا هو الحبلُ منعقدٌ، جاهزٌ، شكلُهُ شكلُ أُنشوطةٍ... إنه، الآنَ، أُنشوطةٌ، تحته اللوحُ... في لحظةٍ يسقطُ اللوحُ: اين الفرارُ؟ ..................... ..................... ..................... ولكنّكَ المرهَقُ الأبديُّ المُرَحَّلُ ما بين سجنٍ وسجنٍ... أنت تُغمِضُ عينَيكَ في الغرفةِ المستحيلةِ والحبْلُ منعقدٌ، مثلَ أنشوطةٍ. أنتَ تُمْسِكُ بالحبلِ حتى تنام... ................. ................. ................. يا بلادي التي لستُ أعرفُ غيرَ زنازينِها: لكِ مني السلامْ!   لندن 25.09.2015 * البِشارة   بَبَغاواتٌ ثلاثٌ كُنَّ في بَلّوطةٍ عاريةِ الأغصانِ في بَلّوطةٍ أسألُها، حين ما أفتحُ شُبّاكي صباحاً: أيُّ طَيرٍ؟ غير أني اليومَ، لا أعرفُ معنى: بَبَغاواتٌ ثلاثٌ؟ رُبّما واحدةٌ تكفي لأنْ أستقبِلَ الهيأةَ... لكنْ، ما الذي أفعلُهُ؟ هُنَّ ثلاثٌ هُنَّ في بَلّوطةٍ عاريةِ الأغصانِ تدنو فَجأةً من لوحِ شُبّاكي ... تُرى... أفلَتْنَ من بَحّارةٍ ؟ طِرْنَ طويلاً من رُبى البِيرو... تراهُنّ العذارى في الأساطيرِ؟ وهل أخطأتِ العينانِ ما أبصرَتا؟ (عينايَ من تحديقتي قد كَلَّتا) رُبّتَما لم يهبط الطيرُ على البلّوطةِ... ............... ............... ............... الفجرُ ضَبابٌ وطيورُ السَّعْدِ لن تأتي إلى الأرضِ الخراب.   لندن  27.11.2015 * مَن يتذكّرُ ثُرَيّا منقوش؟ بغلائلَ بِيضٍ وبقامتِها مثلَ غزالِ الإيمبالا وبضحكتِها المكتومةِ بالكُحْلِ خفيفاً وبفُصِّ عقيقٍ يمَنِيٍّ في الخاتمِ ... يحلو لثُرَيّا منقوشٍ أن تفعلَ ما لم يفعلْهُ أحدٌ منذُ القَرنِ الأوّلِ! قد دخلتْ يوماً عند رئيس اليمنِ الجمهوريّ: علي عبد الله صالح. قالت: إني منذ اليومِ نبيّةُ قومي! فلْتُؤمِنْ بي... كُنْ أوّلَ مَن يؤمِنُ بي! قالَ: ولكنّي حافظُ عهدٍ، مؤتمَنٌ هل أكفرُ من أجلِ ثريّا منقوشٍ؟ قالت: لن تكفرَ... إنّ محمّداً الأجملَ قال... «لا نبيَّ بَعدي». محمّدٌ الأجملُ ما قال... «لا نبيّةَ بَعدي». *** ثُرَيّا منقوشٍ كانت في بيروت، تقاتلُ من أجل فلسطينَ ومن أجْلِ نساءِ اليمنِ الجمهوريّ... *** بعد سنينٍ عَشْرٍ في طائرةٍ تأخذني من صهدِ نيويورك إلى لندنَ كِدْتُ أُجَنُّ: ثُرَيّا منقوش كانت ماثلةً، تتبخترُ في الممشى بغلائلِها البِيضِ بقامتِها مثل غزال الإيمبالا بالكُحلِ خفيفاً وبفُصّ عقيقٍ يمَنيٍّ في الخاتمِ... ................ ................ ................ لكنّ ثُرَيّا فقدتْ ضحكتَها المكتومةَ قالت لي: يا سعدي... لم يؤمِنْ بي أحدٌ... إلاّ أنكّ تعرفُ مثلي أنّ محمّداً الأجملَ ما قالَ: لا نبيّةَ بَعدي! لندن 28.09.2015

0 تعليق

التعليقات