1
من يكنس أسفل الأنهار، لو كان هناك من سيُكلف بهذه المهمة عندما يتم الاكتفاء بهذا القدر من العالم، سيجد أغراض الناس التي سقطت منهم دون قصد، أو بقصد، لا أحد يعرف..

سيجد طقم أسنان سقط بعد ضحكة طويلة وغير محسوبة، سيجد مسدسات، الكثير منها في أنهار أميركا الجنوبية، حيث من الواضح أنهم يتخلصون من جرائمهم بهذه البساطة، سيعثر على منتحرين، ربما يجد صائد سمك غفى بعدما رمى الطعم وانتظر، والكتب، الكثير منها موجود أسفل أنهار العالم، دماء، ثم هناك الساعات، سلاسل المفاتيح، أحذية انخلعت من الأقدام أثناء محاولة الانقاذ، والهواتف الجوالة للمتنزهين، سيجد النظرات التي حدقت طويلاً من على الحافة، ربما يعثر على بعض القصائد، مجاديف، وفي الأنهار المقدسة سيجد تمائم، وأدعية، وفتيات قديمات عندما كان الإنسان على استعداد للتضحية دون ندم من أجل مواسم جيدة، لن يجد مدن بأكملها، لكنه سيجد منزلاً أو منزلين مهجورة ولن يسأل عن السبب؛ لماذا يهجر شخص منزلاً قريباً من النهر إلى هذا الحد؟ ربما لأنه ملّ لكثرة الأشياء التي تسقط منه هناك دون أن ينتبه، ولا يعود بمقدوره إيجادها أبداً.

2


من الإسفلت تستطيع صناعة قصة... ‏من طين القار الأسود والثقيل، ‏الذي جمد تحت الوهج الدائم للشمس، والعجلات، ‏ابتكر.. أو تذكر: ‏هذا الاسفلت، قيامة الغابات ‏يوم البعث لمحيطات دُفنت حية. ‏انظر جيداً إلى الأسفلت، ‏لربما لمحتَ عيون قطيع من الديناصورات، ‏حدبات ظهورها، ‏أقدامها المشقوقة..
عندما تتوقف اضطرارياً عن عجلتك الدائمة، ‏وبدلاً من أن تفكر في الأمور التي عليك إنهاءها، لو فكرت كيف تتجاور في الأمتار السوداء التي تفصلك عن العربة التي أمامك، مفاصل، ‏أشجار لا تُعد، ‏جماجم لقوارض صغيرة، ‏وملايين من حشرات لا تربط بينها صلة قرابة، وأسنان، الكثير من الأسنان، ‏على الأسفلت، لو كنت تمتلك ضميراً جيداً، ‏تستطيع أن تكتشف شجرة عائلة الحلزون، ‏بُطأه الذي لم يسعفه وقت الكارثة.. ‏‏وقبل أن تتحرك، ‏لوّح للأسفلت، وانتظر ‏سوف تغمز لك ملايين الكائنات بعيونها التي تدوسها كل يوم دون أن تنتبه.
* كاتب سعودي