بات واضحاً أن النتيجة المحققة من وجود سعرين لصرف الليرة مقابل الدولار، تآكل القدرة الشرائية للأجور في لبنان وذوبان قسم مهم من الودائع بالليرة وبالدولار أيضاً. حتى الآن، فقدت الودائع والأجور أكثر من 47% من القيمة الفعلية المرشّحة لمزيد من التآكل بسبب إصرار مصرف لبنان على ترك سوق الصرافين حرّاً بحجّة الاقتصاد الحرّ والمفتوح. سعيه للحفاظ على هذه الحرية لم يوقفه عن التدخّل لحماية أرباح المصارف عبر خفض أسعار الفائدة على الودائع إلى 4% على الدولار و8.5% على الليرة، ولم تحفّزه هذه الرغبة في تخفيف أعباء الدين السياسي عبر خفض الفوائد على توظيفات المصارف في مصرف لبنان وفي سندات الخزينة. هذه الحرية الاستنسابية التي يمارسها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ستعمّق هوّة انعدام المساواة بين شرائح المجتمع، وستزيد سوء توزيع الدخل. آليات مصرف لبنان لتسعير الليرة هي أيضاً استنسابية وستسحب أكثر من نصف اللبنانيين إلى خطوط الفقر من دون أن يتمكن أحد من وقف هذا الجنون الذي يدمّر المجتمع ويدفع أبناؤه إلى الهجرة بحثاً عن العمل.