بغداد | أثار قرار الرئيس الأميركي، جو بايدن، تمديد حالة «الطوارئ الوطنية» الخاصة بالعراق لعام إضافي، امتعاض الأوساط العراقية، ولا سيما منها فصائل المقاومة التي تريد انسحاب القوات الأميركية نهائياً من البلاد، فيما سعت الحكومة إلى تقديم الأمر باعتباره روتينياً. وقال بايدن، الإثنين الماضي، في رسالة وجّهها إلى الكونغرس ونشرها البيت الأبيض، إن «العوائق التي تعترض إعادة الإعمار المنظّم للعراق واستعادة السلام والأمن والحفاظ عليهما وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية، لا تزال تشكل تهديداً غير اعتيادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للعراق وللولايات المتحدة أيضاً. ولذلك، فإن حالة الطوارئ الوطنية الخاصة باستقرار العراق ستستمر سارية المفعول بعد 22 أيار 2024 لعام إضافي».ويعلّق مصدر حكومي مقرّب من رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، في حديث إلى «الأخبار»، على القرار بأنه «لا يؤثر على العراق بتاتاً»، واصفاً إياه بأنّه «روتيني لا أكثر ولا أقل، وليست له تبعات». ويشير المصدر إلى أن «العراق لديه اتفاقيات مع الولايات المتحدة، وهو في طور تنفيذها والمباشرة بها على مستويات الطاقة والتعليم والاقتصاد والثقافة وغيرها، وبالتالي، رئيس الوزراء دفع بملف السياسة الخارجية إلى الأمام عبر التعامل بالحياد، والتعامل مع الجميع كأصدقاء لا أكثر». وفي ما يتعلّق بإنهاء مهام قوات «التحالف الدولي»، يجيب المصدر الحكومي بأن «المفاوضات جارية، واللجنة العسكرية الثنائية ماضية في عملها، وهناك توقيتات زمنية تلتزم بها واشنطن، لكنّ هناك من يريد إثارة الفوضى وعدم الاستقرار، ويفضّل المواجهة العسكرية على الهدوء واستتباب الأمن، ويشكّك في جدية الحكومة».
في المقابل، يرى مسؤول أمني عراقي رفيع المستوى، في حديث إلى «الأخبار»، أن «إبقاء حالة الطوارئ في العراق من قبل الجانب الأميركي، هو حتى الاستمرار في احتكار واشنطن تسليح الجيش العراقي أو القطاع الأمني بشكل عام». ولا يستبعد أن يكون الهدف من القرار «جعل الدولة العراقية تحت رعاية أميركية بداعي غياب الاستقرار والأمن في البلاد، وكأن العراق في حالة حرب مستمرة، علماً أن الجيش العراقي وباقي التشكيلات بعد الانتصار على داعش، أصبحت غير محتاجة إلى أي قوات أجنبية». ويلفت إلى أنه «أكثر من مرّة، حاول العراق أن يفسح المجال لدول أخرى كروسيا كونها متطورة في تكنولوجيا السلاح، لكن واشنطن رفضت بشكل قاطع».
مصدر حكومي مقرّب من السوداني: «القرار لا يؤثر على العراق بتاتاً»


وينتقد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، حسين العامري، بدوره، القرار الذي أصدره بايدن، معتبراً أنه يهدف إلى تبرير بقاء قواته في البلاد. ويؤكد العامري، لـ«الأخبار»، أن «البرلمان والشعب العراقيين يرفضان هذا القرار الذي قد يعيق تطوّر العراق، فضلاً عن إيصال صورة إلى العالم عن أن البلاد في حالة حرب»، داعياً «الحكومة العراقية إلى معالجة هذا النوع من القرارات لحماية العراق واحترام سيادته من قبل الآخرين». ويتّفق القيادي في «الإطار التنسيقي»، علي حسين الزبيدي، مع العامري، في أنه «لا يوجد أي مسوّغ أو سبب مقنع يدعو إلى الاستمرار في تمديد القرار الذي يتحمّل العراق تبعاته على الصعيد الخارجي»، مشيراً، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أن «العراق يمضي وفقاً لسياسة الاتزان من ناحية تعاملاته مع الملفات الخارجية، إلا أن الولايات المتحدة تستمر في فرض قرارات جائرة عليه»، متسائلاً: «كيف لدولة يتمتع معها العراق بعلاقات ديبلوماسية أن تُقدم على هكذا قرارات؟». ويطالب الزبيدي الحكومة العراقية بـ«التحرّك سياسياً وديبلوماسياً لرفع هذا القرار الذي يخلّف تداعيات كبيرة على البلد»، مبرراً ذلك بأنه «لا توجد أي أهمية لتمديد حالة الطوارئ، بالنظر إلى السيطرة الأمنية والتطور الاقتصادي والاستثماري الحالي».
أما القيادي في «الحشد الشعبي»، علي حسين، فيرى أن «هذا القرار ليس جديداً، وإنما ورقة من أوراق الولايات المتحدة التي تستخدمها عندما تتزايد جماهيرية مطلب إخراجها من البلاد. ومع ذلك، نطالب الحكومة بالإسراع في حسم ملف إخراج القوات الأميركية الداعمة للكيان الإسرائيلي من العراق». ويعتقد، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «تحريك ورقة داعش، وأيضاً قرار حالة الطوارئ، وقبلهما ما قالته واشنطن عن أن وجودها هو لغرض حماية المنطقة من خطر الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كلها أعذار واهية باتت مكشوفة أمامنا»، معتبراً أنه «لا توجد نية حقيقية لدى الحكومة لإنهاء وجود القوات الأجنبية عبر مفاوضاتها التي أتحدى أي عراقي أن يعرف نتائجها أو ثمارها».