باريس ــ بسّام الطيارةجاءت «مغامرة» سفينة «الأخوّة اللبنانية» التي حاولت كسر الحصار البحري على غزة، في وقتٍ أقل ما يمكن وصفه فيه بأنه غير مناسب البتّة لفرنسا، واضعاً «صدقية أسباب إرسال الفرقاطة الفرنسية جرمينال» على المحك، وهو ما ترجّح مصادر أنه السبب في بيان الإليزيه أمس بسحبها.
وقد ذكر البيان أنه «بالتوافق التام مع مصر وإسرائيل تنتهي غداً (اليوم السبت) مهمة الفرقاطة». وأشار إلى أن فرنسا سوف تتابع جهودها بالتعاون التام مع شركائها والدول المعنية لطرح حلول جماعية دائمة لمكافحة تهريب الأسلحة إلى غزة.
وكانت «الأخبار» قد سألت الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الفرنسية، اريك شوفالييه، «عن مكان السفينة الحربية» في الوقت الذي كانت فيه الزوارق والطائرات الحربية الإسرائيلية تحاصر سفينة المساعدات الإنسانية؟ فأجاب أنها كانت في «ليماسول» في قبرص لأسباب وصفها بـ«التقنيّة»، قائلاً: «عندما يطلب البحّارة فحص ميكانيكية الباخرة فيجب فعل ذلك».
إلّا أن المراقبين يتّفقون على أن «الباخرة الفرنسية لم تكن تستطيع التدخل بأي شكل من الأشكال»، وأن كل ما كان بإمكانها فعله إذا أرادت ذلك «التدخل لدى السلطات الإسرائيلية من أجل تجنب أي حادث».
وعلى صعيدٍ متصل، قال مصدر مطلع «للأخبار»، إن «السفينة اللبنانية سبّبت صداعاً لسيناريو الوصول إلى تثبيت وقف إطلاق النار» لناحية مصدرها وزمانها، فهي انطلقت من المياه الإقليمية اللبنانية التي «سُحبت منها الفرقاطة الفرنسية»، حيث كانت ترابط بقرار أممي، وتوجّهت إلى بقعة لا يغطيها أي قرار أممي حاسم ترابط فيه أيضاً الفرقاطة الفرنسية، التي «يفترض بها محاربة تهريب السلاح» فقط، لا وصول المساعدات الإنسانية. أما التوقيت، فأتى عشية تقاطع زيارات أفرقاء مؤثّرين في الملف الفلسطيني للعاصمة الفرنسية، وفي الوقت الذي يبحث فيه الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، تفعيل «المسار البديل» الذي كان قد ابتعد عنه لفترة، أي العودة إلى محاولة فتح «شق خروج من المأزق» عبر دفع الدوحة ودمشق للتأثير على «حماس»، للقبول بهدنة لأجلٍ متوسط ومراقبة الحدود.
وفي السياق، ينتقد دبلوماسي أوروبي بشدة مسألة إرسال الفرقاطة «من دون تشاور مع الشركاء الأوروبيين»، قائلاً: «مرة ثانية يحاول ساركوزي وضعنا أمام الأمر الواقع»، ويضيف لكنه «حتى الآن لم يستطع السيطرة على مجريات الأمور من الطرف الإسرائيلي». فإسرائيل أولاً في فترة مزايدات انتخابية، كما أن القدرة على التصرف اليوم في «يد ليفني وباراك» بينما الرجل المنتظر كسبه للانتخابات، هو بنيامين نتنياهو الذي لا تفضل باريس وصوله، لأنه يُرجّح أن يعقّد الأمور، ما يعيد الفرقاطة إلى فرنسا.