يصل الرئيس التركي إلى دمشق اليوم، وفي جعبته مواقف كشف عن بعضها أمس، في مقدمتها نصيحة إلى أميركا ـــ باراك أوباما: تعاملوا مع سوريا على أنها المفتاح الرئيسي لحل مشاكل المنطقةاستبق الرئيس التركي عبد الله غول، أمس، وصوله المرتقب إلى العاصمة السورية اليوم، بإعلان جملة مواقف وضعت سوريا في خانة المفتاح الرئيسي لحل مشاكل المنطقة، داعياً إلى التعامل معها انطلاقاً من هذه الوضعية، ومشيراً إلى أنه «من دون المسارين السوري واللبناني لن يكون هناك سلام حقيقي في المنطقة».
وشمل كلام غول ملف المفاوضات غير المباشرة، التي كانت ترعاها أنقرة بين تل أبيب ودمشق، رامياً كرة استئنافها في الملعب الإسرائيلي، وآسفاً في الوقت نفسه من حقيقة أن العواصم الغربية لم تعطِ حركة «حماس» الوقت الكافي لتظهر مواقفها إزاء «السلام».
ورأى غول أنّ على الولايات المتحدة والدول الغربية، إدراك أهمية دور سوريا في المنطقة، والتعامل مع هذه الحقائق انطلاقاً من أن دمشق هي «المفتاح الرئيسي لمجمل قضايا المنطقة، ولا يمكن أحداً أن يتجاهل دورها المهم».
وقال غول، في مقابلة أجرتها معه وكالة الأنباء السورية «سانا»: «كنا نؤكد للولايات المتحدة والدول الأوروبية أن سوريا صادقة في مواقفها، ودعوناهم للرد إيجاباً على دعواتها للحوار في قضايا المنطقة»، مشيراً إلى أنه شخصياً حذر المسؤولين الغربيين من أنهم على خطأ «وقد اقتنعوا أخيراً بصحة الموقف السوري من قضايا المنطقة». وأوضح أن أنقرة «أدركت منذ البداية مدى جدية سياسة الرئيس بشار الأسد وصدقيتها في ما يتعلق بمجمل الأمور التي تخص المنطقة، وعلى هذا الأساس انطلقنا في علاقاتنا مع الدول الأخرى لشرح حقيقة مواقف سوريا الفاعلة في كل الملفات التي تهم المنطقة».
وعن الرؤية التركية لمستقبل عملية السلام في المنطقة في ضوء مواقف حكومة بنيامين نتنياهو، شدد غول على أن «العدوان الإسرائيلي اللاإنساني على غزة نسف كل ما حققناه من خلال الوساطة التركية في محادثات سلام غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل»، تاركاً موضوع استئناف هذه المفاوضات إلى حين إعلان تل أبيب مواقفها الصريحة في ما يخص السلام. وأعرب عن استغرابه لأنّ «الجميع في الغرب كان يطلب من حماس أن تعترف بخريطة الطريق وتلتزم بها، وهؤلاء الآن لا يقولون أي شيء للمسؤولين الإسرائيليين».
ودعا غول «أصدقاء الحكومة الإسرائيلية» في أميركا وأوروبا إلى القيام بدور فاعل ومؤثر تجاه مسؤولي الدولة العبرية ليحققوا تغييراً في سياساتها. واختصر الموضوع بالإشارة إلى أنه «بعد كل ذلك، إذا قال الإسرائيليون إنهم على استعداد للسلام مع سوريا، فحينها سنفكر في ما إذا كنا سنعود إلى الوساطة أو لا، بعدما نقتنع ونتأكد من صدقية المسؤولين الإسرائيليين وجديتهم، حيث إن سوريا أثبتت للعالم دائماً صدقيتها تجاه عملية السلام». وظهر شيء من التفاؤل في كلام غول عن إمكان أن تتمكن إدارة الرئيس باراك أوباما والعواصم الأوروبية من دفع الحكومة العبرية إلى تغيير موقفها من التسوية السلمية.
وفي ما يتعلق بالشأن الفلسطيني، كشف غول عن وجود تنسيق وتعاون مباشر مع دمشق، مذكراً بأنّ الأسد قد أعرب «منذ البداية عن ثقته بالدور التركي، ليس بشأن القضية الفلسطينية، بل أيضاً في ما يتعلق بالوساطة التركية بشأن المحادثات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل». وأوضح أن الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي قضية تهم فلسطين وسوريا ولبنان أيضاً، جازماً بأنه «من دون المسارين السوري واللبناني، لن يكون هناك سلام حقيقي في المنطقة».
ولم يفت الرئيس التركي الإشارة إلى أنّ «على الجميع أن يتبنوا إقامة الدولة الفلسطينية»، ناصحاً الفلسطينيين بأن يضعوا «حداً نهائياً لخلافاتهم وتوحيد صفوفهم لتحقيق المصالح الوطنية لشعبهم». وجدّد الإعراب عن أسفه لأن مسؤولي الدول الغربية «لم يعطوا الفرصة الكافية لحركة حماس وقياداتها لأن توضح وجهات نظرها وتثبت صدقيتها في موضوع السلام». وبدا أن غول يقدم مرافعة دفاعية عن الحركة الإسلامية، لأن تركيا «منذ البداية، كانت متفهمة بإيجابية مواقف حماس بشأن القضية الفلسطينية، وقد اثبتنا منذ البداية أنه لم يكن لنا أي حسابات خاصة في أي علاقة مع أي طرف فلسطيني أو عربي، وكان هدفنا دائماً هو السلام والاستقرار بالنسبة إلى الجميع».
وبشأن الموقف التركي من الملف النووي الإيراني، وصف غول الجمهورية الإسلامية بأنها «دولة مهمة في المنطقة، ونحن في حوارنا مع كل الأطراف نسعى إلى توضيح الصورة للجميع ونسهل ونشجع هذه الأطراف على متابعة الحوار»، نافياً أن تكون بلاده حالياً في معرض أي وساطة بين الغرب وطهران، وموضحاً في الوقت نفسه، أن أنقرة «تشجع الحوار بين الإيرانيين وكل من الأميركيين والأوروبيين بهذا الشأن».
(سانا)