تقارير ألمانيّة تدّعي تعرّض 8 مقاتلين للهجوم بأسلحة محرّمة... وأنقرة تنفي معمر عطوي
نقلت صحيفة «در شبيغل» عن نشطاء لحقوق الإنسان، إدانتهم للحكومة التركية، على خلفية تقارير تقول إن الجيش التركي استخدم الأسلحة الكيميائية في أيلول الماضي، ضد المقاتلين الأكراد، في جنوب شرق البلاد.
وتتحدث الصحيفة، في تقرير أعدّه كل من دانييل شتاين فورث من برلين وياسين مُشربش من اسطنبول، عن «صور قاسية»لجثث متفحّمة وأشلاء بشرية مشوّهة، فيما أفاد مدافعون عن حقوق الإنسان التركي والكردي بأن ثمانية من منظمة سريّة قريبة من حزب العمال الكردستاني قتلوا في أيلول 2009.
أما الكشف عن هذه الجريمة فقد تم في آذار الماضي، حين سلّم ناشطون في حقوق الإنسان، صوراً عن الجريمة، لخبراء وصحافيين وسياسيين من حزب اليسار الألماني، حسبما أفادت «در شبيغل» نهاية تموز الماضي.
وفي 23 تموز، عقد مركز «إعلام كردستان» وممثلو اليسار، مؤتمراً صحافياً في برلين، عرضوا خلاله صور الضحايا، وفي اليوم التالي نشرت صحيفة «يونغه فيلت» الشيوعية الوقائع والصور.
ويؤكد خبير فحص الصور، الألماني هانس باومان، صحة هذه الصور، فيما يرجّح تقرير الطب الشرعي في مستشفى جامعة هامبورغ، وفاة الأشخاص الثمانية «عن طريق استخدام المواد الكيميائية».
وتذكر الصحيفة أن هذه الحادثة دفعت الساسة الألمان ونشطاء حقوق الإنسان، إلى المطالبة بالتحقيق في القضية. وقالت رئيسة حزب الخضر، كلوديا روث، للصحيفة «ما ليس واضحاً أن تشريح جثث مقاتلي حزب العمال الكردستاني يتم بسهولة، فيما تبقى النتيجة غامضة؟». أما رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاتحادي، عضو كتلة الاتحاد الديموقراطي المسيحي، روبريشت بولينز، فيرى أن «تركيا يجب أن تفسر هذا على وجه السرعة، وأفضل طريقة هي القيام بذلك بمشاركة دولية».
أما المبعوثة الخاصة لدى «المنظمة الدولية للأطباء من أجل منع الحرب النووية» لدى تركيا، غيزيلا بنتيكر، فترى أن المشتبه فيها تركيا تستخدم الأسلحة الكيمياوية منذ سنوات عديدة، و«أن السكان المحليين يقولون ذلك مراراً».
وتشير الصحيفة الى أنه ليس فقط الجيش التركي من يسكت عن التعليق على تقارير كهذه، بل أيضاً الحكومة برئاسة رجب طيب أردوغان، التي آثرت الصمت.
غير أن صحيفة «حريّيت» نقلت الجمعة الماضي عن مسؤول في وزارة الخارجية التركية، قوله إن «هذه الادعاءات ليست جديدة، فقد أدلي بها في الماضي أيضاً، وهذه مجرد دعاية من حزب العمال الكردستاني بهدف تشويه صدقية تركيا».
ويشير المسؤول التركي الى أن بلاده وقّعت منذ عام 1997 على اتفاقية حظر استخدام وإنتاج وتخزين الأسلحة الكيميائية، وقد تمكنت الجهات الدولية من خلال 12 عملية تفتيش أن تُظهر أن تركيا دولة خالية من الأسلحة الكيميائية.
في المقابل، يؤكد مسؤول المكتب الاعلامي لجيش التحرير الشعبي (الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني)، دوزدار حمو لـ«الأخبار»، استخدام الجيش التركي مراراً أسلحة كيميائية ضد مقاتليه، ويقول «ليس فقط في حادثة أيلول عام 2009، بل هناك عشرات الأمثلة عما قام به الجيش التركي ضد مقاتلينا». وينوّه المسؤول بدور صحيفة «در شبيغل» لنشرها الحقائق، مؤكداً صحة ما ورد في تقريرها.
ويضيف أنه «في التاسع من آب الحالي في قضاء بشيري، التابع لولاية بطمان الكردستانية، استشهد خمسة من رفاقنا المقاتلين في الاشتباك. وكانت جثث المقاتلين الخمسة محروقة ومفتتة إلى أشلاء، نتيجة المادة الكيميائية المستخدمة، ما حال دون تعرّف ذوي الضحايا على أبنائهم»، موضحاً أن الجيش التركي يستخدم خلال عمليات القصف والتمشيط لمواقع الحزب، جميع الأسلحة الجوية والبرية، بما فيها الأسلحة الكيميائية والمحرّمة دولياً.
ويلفت المسؤول الكردي إلى أن إجراء الأهالي فحوصاً وتحاليل طبية لأبنائهم، مستحيل بسبب التشويه الذي طال الجثث، مضيفاً أن «رئيس الحكومة التركية، رجب طيب أردوغان، يدّعي أن حكومته إسلامية، ويباهي بهذا الموضوع في كل المحافل الدولية، ويظهر أنه لا يقبل الظلم والاضطهاد، وأنه من السباقين الى الدفاع عن حرية الشعوب المظلومة في العالم عامةً، وفي العالم الإسلامي خاصةً، وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني».

المادة الكيميائية حالت دون تعرّف ذوي الضحايا إلى أبنائهم
ويشير المسؤول في حزب العمال الكردستاني، الى أنه يتضامن مع أردوغان في قوله «ستغرق إسرائيل وسط الدموع المنهارة من جفون الأمهات والاطفال الفلسطينيين». لكنه يستطرد «إننا نأسف أن نرى خداعاً ومراوغة وزيفاً وافتراءً، ولا ضمير ولا أخلاق لحكومة أردوغان التي تدّعي أنها إسلامية إزاء رفاقنا المقاتلين في تركيا». ويستغرب «كيف يقتل أردوغان أخاه المسلم بهذه الوحشية ما دام هو يعلن عن ذاته أنه الحامي للقيم والشهامة الاسلامية؟».
ويتابع أن «للحرب قوانين ومعايير أخلاقية، ونحن من جهتنا كمقاتلين كرد، نلتزم التزاماً كاملاً في هذا الخصوص تجاه الجنود الأتراك الذي يقتلون نتيجة العمليات العسكرية».
ويخاطب حمو العالم العربي قائلاً «فليعلم العالم العربي صورة أردوغان في داخل دولته عامة، وتجاه الكرد خاصةً، نحن الكرد مجرّدون من كل حقوقنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وحتى الحياتية في تركيا، وهذا الواقع المزري دفعنا إلى أن نحمل السلاح ونذهب إلى الجبال الكردستانية للدفاع عن ذاتنا وشعبنا بأساليب مشروعة ومتواضعة، بغية الوصول الى حياة حرة وكريمة، تعمها الحرية والسلام وإحلال العدل والمساواة بين قوميات وإثنيات وجميع مكوّنات المجتمع التركي».
ويؤكد أن حزب العمال الكردستاني «سيستمر على نهجه الدفاعي هذا، الى أن تعترف الدولة التركية وحكوماتها المتعاقبة بقضية الكرد في دستورها العام ومنح حقوقنا السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية في جمهورية تركية ديموقراطية حرة».