لم يُقدّم لنا أحد الإرشادات اللازمة للتخلصّ منها رغم أننا نتوقّعها على الدوام. لا تزول البقعة الحمراء سريعاً، وإن مُسِحت بخرق نظيفة: دم الدورة الشهرية كما في مقال «العيش مع التنين»، ودم الولادة والأوردة المتدفّقة قلقاً من الأم إلى طفلها في مقالات أخرى.

بعض الدماء لا تزول إطلاقاً، بل تخلّف وشماً غائراً في أسفل البطن المشقوقة بعد ولادة مستعصية، مُحدثةً انقساماً رمزيّاً حادّاً، يُضاف إلى الانقسام الذي كان قد صنعه الحمل في جسد المرأة، بالاستدارة الملتفّة من الحوض، مركز الثقل كما تسمّيه المفكّرة البلغاريّة جوليا كريستيفا، في نصّها «ستابات ماتار »، والذي يفصل ما بين البطن التي تحمل كائناً آخر وما بين الأطراف والصدر والرأس. التشقّقات قد يُحدثها الرصاص والعصي على أجساد النساء، بقع قانية تتمدّد وتلتف حول موقع الإصابة حتى إن لم تصلنا صور الجريمة. سيتراءى الدم فوراً على رغم غيابه لدى النظر إلى وجوه النساء المقتولات في صور كن قد التقطنها بهواتفهن. آخرها، الصورة المتبقيّة لزينب زعيتر. لقطة مقرّبة إلى وجهها، لكنها نظيفة من أية نقطة حمراء ما عدا أحمر شفتيها الذي يميل إلى الزهري، مع ذلك، كلّما نظرنا إليها تنهمر الدماء ساخنة كأنما فاضت للتوّ من جسدها الذي اخترقته 8 رصاصات الأسبوع الماضي، بعدما أرداها زوجها في منطقة الشويفات في لبنان. لا بدّ أن أطفالها رأوا البقع عنّا. يحيي الدم ويميت: يحيي جسد الأنثى في فترة الحيض، حين يظهر على جسدها كلطخات في المنامات، لكنه غالباً لن يحيي من الضحية سوى صورتها، ولو لوقت بسيط، ولو في الخفاء.