ناقش الديموقراطيون، خلف الأبواب المغلقة، ما إذا كان لايزال هناك مجال لتنحّي بايدن
وفيما يتعلق بحرب أوكرانيا، تعهّد ترامب، مرة جديدة، في حال انتخابه، بإرساء تسوية بين موسكو وكييف قبل توليه منصبه رسمياً حتى. كما هاجم حلف «الناتو»، لافتاً إلى أنّ واشنطن «تدفع فواتير الجميع». وطبقاً لترامب، فإنّ موقف إدارة بايدن من الحرب الأوكرانية سيدفع الولايات المتحدة إلى حرب عالمية ثالثة، «باتت أقرب ممّا يتخيله أحد». على أنّ الخلاف حول أوكرانيا لم يعكس تغيّراً كبيراً في موقف المرشحين، إذ تبنّى الرئيس السابق لسنوات عقيدة «أميركا أولاً» الأكثر ميلاً إلى «العزلة»، وكان قد أثار الجدل بعدما رأى سابقاً أنّ على روسيا أن «تفعل ما تريد» بأعضاء «الناتو» الذين يفشلون في تحقيق أهداف الإنفاق الدفاعي، فيما يسعى بايدن، منذ توليه منصبه، إلى تحسين العلاقة مع حلفاء واشنطن التقليديين، واستعادة مكانتها. وبالحديث عن الأخيرة، كان لافتاً تبادل الاتهامات بين الطرفين حول أسباب تضرر «صورة» واشنطن على الساحة العالمية، إذ حمّل كلا المرشحين بعضهما البعض مسؤولية ذلك. وفي السياق، وصف ترامب انسحاب بايدن من أفغانستان بأنّه «عرض رُعب»، فيما اتهم الأخير، الأول، بالسعي إلى الانسحاب من «الناتو»، ودعم اليمينيين المتطرفين وأدولف هتلر حتى.
في المقابل، اعتبرت مجلة «فورين بوليسي» أنّ أكبر «مفاجأة» في المناظرة كانت على الأغلب عدم التطرق إلى الصين بشكل كبير، لمصلحة التركيز على الحربين في أوكرانيا وغزة، فضلاً عن علاقة الولايات المتحدة بأوروبا و«حلف شمال الأطلسي». وطبقاً للمجلة، فإنّ ذلك يعود جزئياً إلى أنّ ترامب وبايدن ينتهجان سياسة متقاربة جزئياً تجاه بكين، مقارنة بأي قضية أخرى مرتبطة بالسياسة الخارجية، إذ حافظ الأخير على عدد من الرسوم الجمركية التي فرضها الأول على الواردات الصينية، واستمر في تشديد القيود على أشباه الموصلات والسيارات الكهربائية، مطالباً حتى، في بعض المحطات، بتشديدها.
دعوات إلى التنحي
وإذ شملت المناظرة قضايا أخرى، من مثل الاقتصاد والإجهاض والهجرة، فقد تركزت الأنظار، في اليومين الماضيين، على أداء بايدن وانعكاساته السلبية على حزبه ومناصريه. وفي الواقع، في المناظرة التي استمرت لتسعين دقيقة، تعثّر بايدن في الحديث أكثر من مرة، وبدا غير قادر على إيصال فكرته بشكل متماسك وكامل، ما جعل ترامب ينتهز الفرصة لمهاجمته، قائلاً: «أنا حقاً لا أعرف ما الذي قاله في نهاية تلك الجملة، ولا أعتقد أنه يعرف ما الذي قاله»، داعياً إياه إلى الخضوع لـ«اختبار إدراكي». وعليه، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية تقريراً جاء فيه أنّ عدداً من الديموقراطيين الذين كانوا يدافعون عن الرئيس، في الأشهر الماضية، بدؤوا بتبادل المكالمات الهاتفية والرسائل النصية بعد دقائق من بدء النقاش، إذ اتضح أن الرجل لم يكن في «أفضل حالاته». ووسط حالة من «اليأس»، لجأ البعض من هؤلاء إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن صدمتهم، بينما ناقش آخرون، خلف الأبواب المغلقة، ما إذا كان لا يزال هناك مجال للرئيس كي يتنحى لمصلحة مرشح أصغر سناً، بحسب الصحيفة. كما نقلت الأخيرة عن محلل إستراتيجي ديموقراطي مخضرم وداعم علني لبايدن قوله إنّ الرئيس «على وشك مواجهة موجة متصاعدة من الدعوات إلى التنحي»، وإنّه «كان لدى جو بئر عميقة من المودة بين الديموقراطيين، إلا أنّها جفت». وتابع المسؤول الديموقراطي أنّ «الأحزاب وجدت لتفوز»، إلا أنّ «الرجل الذي كان على المسرح مع ترامب لا يقدر على الفوز». ومن جهتها، قال عدد من أعضاء مجلس النواب الديموقراطيين إنهم كانوا يتابعون المناظرة معاً، واعترف أحدهم بأنها كانت «كارثية» بالنسبة إلى بايدن، وإنهم كانوا يناقشون الحاجة إلى «مرشح رئاسي جديد».
ورداً على انتقادات وجّهت إلى بايدن حول «أدائه السيئ» في المناظرة، أقرّ، أمام تجمع لأنصاره في ولاية كارولاينا الشمالية، بأن قدرته على المناظرة «لم تعد كما كانت عليه، لكنني أعلم كيفية قول الحقيقة». وأضاف: «يعلم ملايين الأميركيين، أنك حين تسقط فإنك تنهض مجدداً»، وتعهّد، في الوقت نفسه، الفوز في الانتخابات، معتبراً أن «ترامب خطر على ديموقراطية بلدنا وسيدمرها وأنا من سيدافع عنها (...) ترامب كان يكذب خلال المناظرة وهو من دمر الاقتصاد وارتفع العجز خلال رئاسته إلى تريليوني دولار».