دعا مجلس القضاء الأعلى إلى اجتماعٍ استثنائي اليوم لمناقشة قضية القاضية غادة عون على خلفية عدم التزامها بقرار النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات «وإضرارها بالانتظام القضائي العام جراء استخفافها بمقررات مجلس القضاء الأعلى ومخالفتها موجب التحفّظ جراء العراضات الإعلامية التي واكبتها». يتزامن ذلك مع دعوة للاحتجاج أمام قصر العدل دعماً للقاضية عون، وسط تداول معلومات عن التحضير لتظاهرة ثانية تقابلها دعماً للإجراءات المنوي اتخاذها من قبل مجلس القضاء الأعلى. فما هي الإجراءات التي يمكن أن تُتّخذ ضد القاضية عون؟ تساؤلٌ تُجيب عنه مصادر مجلس القضاء الأعلى بالقول إنّ هناك مسلكين للمحاسبة. الأول يتمثّل بتحرك هيئة التفتيش القضائي تلقائياً أو بموجب اقتراح وزير العدل أو مجلس القضاء الأعلى، على أن تُصدر الهيئة ادعاءً على القاضي ليُحال إلى مجلس تأديب القضاة.المسلك الثاني يتمثّل بموافقة هيئة التفتيش القضائي بإجماع أعضائها التسعة على تطبيق المادة ٩٥ من قانون القضاء العدلي، المتعلقة بطرح أهلية قاضٍ لعزله من القضاء. يُرفع الاقتراح بعدها إلى مجلس القضاء الأعلى للتصويت، على أن يصدر القرار بموافقة ثمانية أعضاء من أصل عشرة أعضاء يؤلفون مجلس القضاء الأعلى. غير أنّ أحد أعضاء المجلس (القاضي منذر ذبيان) أُطيح جراء ملف الفساد القضائي، فيما أحيل عضو ثان، القاضي كلود كرم، على التقاعد. وبالتالي يبقى ثمانية أعضاء. ومن المحسوم أن اثنين منهم على الأقل لن يُصوّتا لمصلحة قرارٍ بعزل القاضية عون.
يرجّح مصدر مطّلع أن تكون المستندات التي سلّمها مكتّف للقاضية عون بلا قيمة


لذلك، يبقى احتمالان. الأول إحالتها على التفتيش مع درس الإجراءات الفعلية الواجب اتخاذها لإلزامها بالخضوع لقرارات المدعي العام التمييزي. والاحتمال الثاني يتعلق بموقف مجلس القضاء الأعلى من وزيرة العدل ماري كلود نجم التي يعتبرها ثلاثيّ مجلس القضاء الأعلى، الرئيس سهيل عبود ونائبه غسان عويدات ورئيس هيئة التفتيش بركان سعد، بأنها «خدعتهم حين أحالت كامل الملف على التفتيش عوضاً عن إحالة القاضية عون وحدها».
بالتزامن مع الحديث عن المواجهة القائمة بين مجلس القضاء الأعلى والقاضية عون، لا تزال الأخيرة مصرّة على استكمال ملف شراء الدولار وشحنه إلى الخارج، على الرغم من تكليف القاضي سامر ليشع بالسير في هذا الملف. لم ترضَ عون بتحييدها، فعمدت إلى استباق وصول القاضي ليشع بوقت قصير إلى مكاتب مكتّف في عوكر، حيث حضرت قبل قدومه بدقائق. أبلغ ضابط في أمن الدولة القاضي ليشع بذلك، فراجع الأخير المدعي العام التمييزي الذي طلب إليه الانسحاب خشية حصول مواجهة بينهما على مرأى من عدسات الكاميرا. لم تؤازرها القوة التي وصلت، لكن عون دخلت مكاتب مكتّف بمواكبة اثنين من مرافقيها فقط. ولمّا وجد مكتّف نفسه وحيداً أمام القاضية عون، أبلغها أنه واقعٌ بين نارين. الأولى إنذار حاكم المصرف ومصرف «سوسيتيه جنرال» وتهديدهما برفع شكوى جزائية وسجنه «في حال فضح السرية المصرفية التي تدخل تحتها عمليات شحن الأموال إلى الخارج». والثانية تتعلق بإدعائها عليه بجرم عرقلة سير العدالة لرفضه تزويدها بالمستندات التي تكشف حجم الدولار المشحون بناءً على طلب المصارف. وتحت إصرارها، أعطاها مكتب مكتّف كمية كبيرة من المستندات. وعلمت «الأخبار» أنّ القاضية عون سلّمت المستندات التي حصلت عليها من شركة ميشال مكتّف إلى عدد من الخبراء، علماً بأنّها أبلغته أنها ستعاود زيارته برفقة الخبراء نهار الثلاثاء. وفي هذا السياق، يرجّح مصدر مطّلع على الملف أن تكون جميع المستندات التي سلّمها مكتّف للقاضية عون بلا قيمة.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا