في السياق، لا تزال القوى السياسية ترفض إطلاق أي موقف من هذه الإجراءات بانتظار عرضها بشكل رسمي. بالنسبة الى الحزب التقدمي الإشتراكي، كل ما يُحكى عن إجراءات لخفض العجز ليسَ سوى تسريبات، ولا شيء منها محسوماً. لكن مصادره تؤكّد بأن موقفه واضح بشأن الرواتب والأجور وهو «يرفض المس بها. هذه قاعدة عامة ننطلق منها للنقاش في أمور أخرى». وتُشير المصادر الى أن «لا مانِع من إعادة النظر في الرواتب العالية شرط أن لا تكون انتقائية. بل يجب أن تطال كل مؤسسات الدولة والهيئات المستقلة». وفي ما يتعلق بالملحقات والتقديمات رأت المصادر أن «استهداف كل ما يُسمى بنفقات القطاع العام يخفي وراءة تهرّبا ضريبيا وعدم جباية»، مشيرة إلى أن «المصارف يجب أن تكون في صلب من يتحمل مسؤولية التصحيح، وسبق أن طرحنا بأن تقوم المصارف بتمويل ما أمكن من سندات الخزينة بفائدة صفر في المئة، من أجل إعطاء دفع للإقتصاد. فأرباحهم تزيد كل يوم مقابل ارتفاع دين الدولة». واعتبرت المصادر أن «الأساس هو في إصلاح النظام الضريبي وهو الذي نص عليه البيان الوزاري، لكن السؤال هل يطبق من خلال دور الدولة في الرعاية الإجتماعية، أو على طريقة أصحاب الفكر الليبرالي المتوحش. لا بد من نظام ضريبي تصاعدي، فلا يجوز ان يدفع صاحب ثروة طائلة ضريبة كما يدفعها موظف في شركة».
فيما التزم لبنان في مؤتمر «سيدر» خفض العجز بما يوازي 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى خمس سنوات، أصبح الهدف اليوم الخفض بنسبة 3 أو 4 في المئة. هكذا بدأت مصادر التيار الوطني الحر حديثها عن «الإجراءات الموجعة التي صارت بحكم الأمر الواقع». لكن «كل ما يُحكى حتى اليوم هو مجرّد اقتراحات». حتى الكلام الذي قاله باسيل عن خفض رواتب الموظفين «سيكون، في حال الاتفاق عليه، مؤقتاً لمدة سنتين». وقالت المصادر ان اتخاذ موقف من الأفكار التي يتم التداول بها سابق لأوانه «ونحن بانتظار اقتراحات وزير المالية». هل سيؤيد التيار المس بالرواتب والأجور؟ بحسب المصادر العونية «يجب الإتفاق أولاً حول الهدف الذي يجب أن نصل اليه بما معناه نسبة العجز ومن ثم نتفق على الإقتراحات التي سنسير فيها من الحدّ الأدنى الى الحدّ الأقصى. وقد يطال الأمر الأجور وقد لا يطالها بحسب الحاجة». ومن المؤكد أن «لا عودة عن زيادات السلسلة ولا الرواتب» بحسب المصادر العونية التي تضيف: «بالتأكيد، يجب على المصارف أن تتحمل جزءا من كلفة التصحيح، والإجراءات ستطالها».
يجري تعتيم كبير حول الإجراءات لا سيما المتعلقة برواتب موظفي القطاع العام
كباقي المكونات ترفض حركة أمل إطلاق موقف من الإجراءات التي يتم التداول فيها. باستثناء إعلان الرئيس نبيه بري بأنه ضد المس بأصل رواتب وأجور الموظفين، تقول مصادر الحركة أن «لا شيء رسمياً». لكن المؤكد أنه «سيصار الى تنفيذ سياسة تشحيل كبيرة في الإنفاق»، ولا بد من أن تكون «المصارف احدى الجهات الأساسية التي تطالها الإجراءات». كذلك كان موقف حزب الله الذي أكد رفضه المس بالطبقات المحدودة الدخل سواء موظفي الدولة أو غيرهم. وتقول أوساطه إن «الحل يجب أن يكون متكاملاً، وأي بحث في إجراءات سواء كانت مؤلمة أو غير مؤلمة، لا تطبق من دون إشراك المصارف في خفض كلفة الدين العام». واعتبرت أن «البحث في خفض الرواتب يجب ألا يشمل صغار الموظفين، بل أن يكون محصوراً ببعض الموظفين في المؤسسات الرسمية الذين تصل رواتب الواحد منهم إلى عشرات ملايين الليرات شهرياً، إضافة إلى الموظفين الذين لا يعملون، بصرف النظر عن كيفية توظيفهم. كذلك يجب وقف الإنفاق غير المجدي وتحويله الى انفاق استثماري». مع ذلك تؤكد الأوساط أن «الحزب لم يعط رأيه النهائي إذ لم تُعرَض عليه أي سلة متكاملة».
أما القوات اللبنانية التي قدّمت ورقة الى رئيس الحكومة ووزير المال وحاكم مصرف لبنان، فتتبنى وجهة نظر القطاع المصرفي لجهة تقديمه وعداً بالاشتراك في كلفة التصحيح، لكن بعد خفض الإنفاق العام. وقالت مصادرها إن «القوات تؤيد التقشف كمبدأ عام، لأن عدم اتباعه ستكون له عواقب كثيرة».