في ما يأتي أبرز ما جاء في كلمة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمام نواب حزبه في البرلمان أمس: «لقد تعرضنا لهجومين داميين في أحلك ساعات ليل الاثنين. أحدهما كان عملاً إرهابياً على قاعدة بحرية في جنوب تركيا، فيما كان الهجوم الثاني قبل طلوع الفجر في البحر الأبيض المتوسط، وأدى إلى توجيه واحدة من أثقل الصفعات لضمير الإنسانية. لقد اعترضت سفن المساعدات بالقوة وبعنف، ومنعت السفن المحملة بالرحمة والعواطف من بلوغ وجهتها، فهاجمت القوات الإسرائيلية المسلحة الأسطول الذي يقلّ 600 شخص من 32 بلداً ومساعدات إنسانية إلى شعب غزة، وقتل أبرياء. إننا نندد بأشد العبارات بالهجوم غير الإنساني على سفن تحمل على متنها مدنيين من بينهم نساء وأطفال ومسؤولون دينيون من مختلف المعتقدات. إن هذه المجزرة الدامية التي نفّذتها إسرائيل على سفن تنقل مساعدات إنسانية إلى غزة، تستحق كل أنواع الإدانات، فهذا هجوم على القانون الدولي والوعي الإنساني وسلام العالم. السفن أعلنت حمولتها ونياتها لكل العالم قبل الانطلاق إلى غزة، وكان على متنها 60 صحافياً من تركيا ودول أخرى ليشهدوا على هذه الحملة، ومن الواضح أنّ هذا الهجوم على 600 شخص و6 سفن تنقل مساعدات للشعب الفلسطيني الفقير، هو هجوم على الفلسفة الأساسية للأمم المتحدة. تركيا تستخدم كل وسائل القانون الدولي والدبلوماسي، وستستمر بذلك في الأيام المقبلة، لهذا سحبنا سفيرنا في تل أبيب وألغينا 3 تدريبات عسكرية مشتركة مع إسرائيل، كذلك توجه وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو إلى نيويورك ودعا مجلس الأمن إلى عقد اجتماع طارئ، والنتيجة كانت إصدار بيان يدين إسرائيل ويدعو إلى الإفراج مباشرة عن المدنيين والركاب الجرحى، وألغيت مباريات بين فريقي كرة القدم التركي والإسرائيلي، وسيجتمع مجلس الحلف الأطلسي، وستنعقد منظمة المؤتمر الإسلامي يوم الاثنين. لقد رفضنا عرض إسرائيل إرسال الركاب المصابين، لأنّ لدينا القوة الكافية لاستعادة جرحانا، وغادرت طائرتا إسعاف عسكريتين لجلب المصابين، كذلك تشارف طائرات مدنية تابعة لوزارة الصحة على الوصول إلى هناك. على إسرائيل أن تعترف بخطورة سلوكها، وأن تصحح خطأها، ويجب ألّا تمتنع عن التعاون الدولي، وعليها إنهاء حصارها غير الإنساني لغزة فوراً. نحثّ المجتمع الدولي على البدء بتحقيق فوري في الهجوم، بدلاً من انتظار عمل حكومة لم تخجل من جرائمها. إنّ تركيا ليست دولة حديثة، ولا ننصح أحداً بأن يختبر صبر تركيا، ولا ينبغي لأحد أن يستهتر بتركيا، فكما صداقتها قيّمة، فإنّ عداوتها أقوى. إنّ خسارة صداقة تركيا بحد ذاتها، هي ثمن باهظ تدفعه إسرائيل. لن تبقى علاقتنا مع إسرائيل أبداً كما كانت لأن المجزرة هي نقطة تحول في هذه العلاقات، إضافة إلى أنه لم يعد وارداً إغماض أعيننا عن المظالم التي ترتكبها إسرائيل، وعليها بكل تأكيد أن تدفع الثمن. أكرر عليها بكل تأكيد أن تدفع الثمن. فهذا الهجوم الوقح وغير المسؤول، هو إرهاب دولة، ونقطة سوداء في تاريخ الإنسانية. كذلك إنّ شن هجوم مسلح على سفن مساعدات وقتل مدنيين، ومعاملة مدنيين كما لو أنهم إرهابيون، ليس إلا تدهوراًً للإنسانية وتهوراً دنيئاً. حتى الحروب لها قواعد، ولا يمكن أحداً أن يهاجم أطفالاً ونساءً ومسنين ومدنيين ورجال دين وعمال إغاثة، وحتى المستبدون واللصوص والقراصنة يتمتعون بشيء من الحساسية ويلتزمون ببعض المبادئ الإنسانية. إن إسرائيل تحدّت العالم بأسره بالهجوم التي داست فيه كل القيم الإنسانية ويفترض أن تعاقب على ذلك. وأرأى أنّ كل من يدافع عن إسرائيل على ما فعلت، سيكون شريكاً لها في ما ارتكبت. ولا بدّ من أنّ شيئاً ما يطمئن إسرائيل لمواصلة سياساتها التي تمثّل دمّلاً مفتوحاً يعوق تحقق السلام الإقليمي.
لا يجوز تحويل الكذب إلى سياسة دولة مثلما تفعل إسرائيل التي لا تشعر بالحد الأدنى من الحياء. لن نترك هذا الأمر وسنلاحقه حتى النهاية، وحتى فتح تحقيق دولي به. إنّ القضية ليست قضية إرهاب أو دفاع عن النفس ضد الإرهاب، القضية هي أن إسرائيل لا تعترف بالقوانين والحقوق. قضية أنها تستهدف من يعيش في غزة. إنهم يطلقون القنابل على حدائق الأطفال، ويستهدفون مكاتب الأمم المتحدة، بالإضافة إلى ذلك، يمنعون وصول الأدوية والأغذية لهؤلاء الناس. الحكومة الإسرائيلية الحالية حكومة عنيفة، وأشدد على أن المسألة ليست بين تركيا وإسرائيل، بل بين إسرائيل والعالم كله.

لا ننصح أحداً بأن يختبر صبر تركيا، فكما صداقتها قيّمة، فإنّ عداوتها أقوى

سئمنا أكاذيبكم. أنتم فعلاً تجيدون الإبادة. لن تبقى علاقاتنا مع إسرائيل أبداً كما كانت
كذلك لا يمكن إسرائيل أن تغطي الحقيقة أكثر من ذلك، أو أن تحوّرها، وعلى مجلس الأمن أن يقول كفى لإسرائيل، وألا يكتفي بإصدار القرارات، بل متابعة القرارات حتى تنفيذها. هناك أكثر من 100 قرار لمجلس الأمن تجاهلتها إسرائيل، ولم تنفّذ أياً منها. فيتعين على إسرائيل، التي تبذل الجهود للقضاء على عملية السلام، أن تدفع ثمن ذلك.
أتوجه إلى الشعب الإسرائيلي: وقفنا دائماً ضد معاداة السامية، وقد أسهمنا في أكثر من مرة بمناصرة حق الشعب الإسرائيلي بالعيش الكريم. والآن جاء الوقت الذي يجب عليكم فيه أن تقولوا كفى لحكومتكم التي تهدّد استقراركم وأمنكم. هذه الحكومة لا تفقه في إدارة شؤون الدولة وهي تسيء لشعبها قبل أن تسيء لأي كان.
وأتوجه إلى الحكومة الإسرائيلية: لقد ادّعيتم أنّ ركاب السفينة أطلقوا على جيشكم النار. أقول لكم إننا سئمنا ومللنا من أكاذيبكم. كونوا نزهاء. أنتم فعلاً تجيدون الإبادة والقتل علو نحو كبير. لن يكون بإمكان إسرائيل النظر في عيون المجتمع الدولي من دون أن تعتذر وتحاسَب على جرائمها. ومهما حصل، فلن يكون بإمكان إسرائيل أن تنظّف يديها من الدماء التي لطّختها في البحر المتوسط.
نحن في تركيا، وإن أدار كل العالم ظهره، ولو أغمض العالم نظره عن فلسطين، فلن ندير ظهرنا، ولن نغضّ النظر عن فلسطين والشعب الفلسطيني وغزة، وسنستمر بمساعدتهم. وستتمكن يوماً ما سفن المحبة والصداقة من الوصول إلى شواطئ غزة، وسنتحرك وفقاً لما يليق بنا وما يتسق مع تاريخنا، ولن يهدأ لتركيا بال قبل أن تصل هذه القضية إلى خواتيمها».
(الأخبار)