القاهرة | تسود حالة من التوتر قرية الفواخر في محافظة المنيا في صعيد مصر، في أعقاب اعتداءات على الأقباط هناك، وسط صمت رسمي صاحبه ضغطٌ على الكنيسة لعدم التطرّق إلى الأمر. وبحسب ما تواتر من أنباء، فإن اعتداءات عنيفة وقعت واستمرّت لساعات، بعد نشر معلومات أفادت بالموافقة على بناء كنيسة في القرية، وهو ما دفع قوات الأمن إلى التحرك من أجل وقف الاعتداءات التي طاولت عشرات المنازل وفق تقديرات كنسية، وإغلاق القرية أمنياً بشكل كامل. ودفعت قوات الأمن بعشرات من سيارات الأمن المركزي، توازياً مع توقيف عشرات الشباب المتّهمين بإحراق المنازل، فيما تجري مفاوضات مع العائلات القبطية لاحتواء الأزمة بتسويات «عرفية» على غرار الأزمات المشابهة السابقة.وخرجت هذه الأحداث إلى العلن، مع استغاثة أسقف المنيا، الأنبا مكاريوس، عبر صفحته على منصة «أكس»، وحديثه عن هجوم من متطرفين على منازل أقباط في القرية واحتجاز آخرين داخل منازلهم، وتأكيده أنه أبلغ المسؤولين بالاعتداء، ووعدوه باتخاذ اللازم. ووصف أسقف المنيا الذي أعلن لاحقاً التدخل الأمني، ما حدث بـ«الاعتداء المتوقّع»، وذلك في وقت يسعى فيه أهالي القرية لبناء كنيسة جديدة والحصول على التصاريح اللازمة لها مع تخصيص قطعة أرض لها، علماً أن إجراءات الحصول على تصاريح بناء الكنائس أصبحت أكثر سهولة، إذ بات الأمر يتطلب موافقة رئيس الوزراء واللجنة المعنية، وفق نسب السكان الأقباط.
التحرك الحكومي حتى الآن تضمّن التأكيد على الالتزام بإعادة تجهيز منازل الأقباط المتضررة


ورغم مرور حوالي 48 ساعة على الحادث، التزمت الحكومة الصمت، على المستوى الرسمي، ولم يصدر أي بيان أو تصريح بشأن ما حدث، فيما ارتبطت المعلومات الرسمية الصادرة عن مسؤولي المحافظة بزيارة مصابين قادمين من غزة للعلاج في مستشفيات المنطقة. والواقع أن بعض الأقباط المصابين تواجدوا في المستشفيات نفسها، لتلقّي العلاج، بمتابعة من الكنيسة، فيما طُلب منهم عدم الحديث مع وسائل الإعلام. وبحسب المعلومات الأولية التي أفادت بها مصادر مطّلعة، فإن التحرك الحكومي حتى الآن «تضمّن التأكيد على الالتزام بإعادة تجهيز منازل الأقباط المتضررة وإعادتها إلى ما كانت عليه»، و«عدم إخراج أي منهم من القرية»، وإبقاء التواجد الأمني خلال الأسابيع المقبلة إلى حين تسوية الأمر بين العائلات بشكل كامل وتصفية الأجواء». كما أكّدت المصادر «استحالة موافقة الحكومة في الوقت الراهن على تصريح بناء أي دور كنسية في المنطقة حتى إشعار آخر»، فيما طلبت الأجهزة الأمنية من الكنيسة «عدم التعاون مع أي منظمات مجتمع مدني»، علماً أن الأخيرة بدأت التحرك على الخط بشكل واضح. ويأتي هذا الطلب، الذي أبلغته الكنيسة للأقباط المتضررين، لبدء حلحلة تدريجية تسمح باحتواء الأمر، ولا سيما أن الحادث لم تنتج منه أي وفيات أو إصابات بالغة.
وتُعتبر محافظة المنيا التي تضم قرية الفواخر، ثانية أكثر المحافظات التي تتواجد فيها كثافة سكانية قبطية بنحو 1.5 مليون قبطي على أقل تقدير، والتي تحتضن نحو 409 كنائس فقط ومئات من أماكن التجمعات غير المرخّصة، من مثل أماكن عبادة للأقباط الذين يتجمّعون فيها لأداء صلواتهم من وقت إلى آخر. ورغم وقوع مثل هذه الحوادث في السابق في محافظتي المنيا وأسيوط ذات التواجد القبطي الأكبر، إلا أن هذه الحوادث شهدت تراجعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، فيما انتهت غالبيتها بتسويات «عرفية» تضمّنت إخراج الأقباط من قراهم وتعويضهم مالياً، وهي تسويات تكون الكنيسة عادة جزءاً منها.