قبيل موعد انتخابات «نقابة المحرّرين» المزمع إجراؤها في 12 آب (أغسطس) الحالي، تنشط الحركة من داخلها في كل اتجاه. هذا الموعد يعتبر مخالفاً للمادة 80 من قانون المطبوعات التي تحدّد شهر كانون الأوّل (ديسمبر) موعداً لانتخاب مجلس النقابة كلّ ثلاث سنوات. وفي انتظار تاريخ الاقتراع، تشهد أروقة النقابة صراعات داخلية بين المجلس الحالي المنتهية ولايته والمتمثل في الرئيس الياس عون من جهة، وباقي أعضاء الجمعية العمومية من جهة أخرى، علماً بأنّ عون يسعى إلى «تعويم» ولايته مجدداً عبر الاتكاء على ثغر عدّة تشوب هذه الانتخابات، أهمّها النظام الداخلي للنقابة الذي وضعه النقيب الراحل ملحم كرم، وكان يضمن للأخير بقاءه في منصب الرئيس طوال الأعوام الخمسين، أي فترة ولايته.
وهناك أيضاً الجدول النقابي الذي يشكل الأساس في أي انتخابات، ويضم أسماء المنتسبين إلى «نقابة المحررين». تشوب هذا الجدول عيوب كثيرة، أبرزها احتواؤه على أسماء لا تمارس مهنة الصحافة، إضافة إلى أخرى لأشخاص في حكم المتوفين.
سعي الياس عون إلى ولاية ثانية سيُقابله كما علمنا جبهة مضادة ستشكّل لائحة منافسة، وهي مؤلفة من صحافيين معروفين ستُعلن أسماؤهم خلال اليومين المقبلين، إضافة إلى البرنامج «الإصلاحي» الذي تسعى إلى تنفيذه.
على خط موازٍ، اجتمعت مجموعة صحافيين لها تاريخها في «مهنة المتاعب» أمس بوزير الإعلام رمزي جريج في مقرّ الوزارة، ساعية إلى تأجيل الانتخابات إلى موعدها القانوني (في كانون الأوّل)، بموجب كتاب سلّمته إلى الوزارة تطلب فيه الاستناد إلى نص قانون المطبوعات وتكليف الدوائر المختصة في وزارة الإعلام بإعداد الجدول النهائي للناخبين وإعلانه قبل ثلاثة أسابيع من موعد العملية الانتخابية. وبحسب الكتاب، فإنّ المجلس الحالي «انتهت ولايته ولم يعد يملك أي سلطة حضور اجتماعات للجنة الجدول». كما طالب المجتمعون جريج بتولي وزارته إجراء العملية الانتخابية والإشراف عليها.
في سياق متصل، أكدت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أنّ الوزير سيرد على هذا الكتاب خلال اليومين المقبلين كحد أقصى. لكن مع ذلك، يصرّ المجتمعون على إحالة القضية إلى القضاء المستعجل في حال رفض الوزير تأجيل الانتخابات. وحين تواصلنا مع جريج سابقاً، كان قد أكد بقاء الوزارة على الحياد: «على الصحافيين والمحرّرين أن يتولوا شؤونهم». بين «حيادية» الوزارة وطلب التدخّل من بعض أعضاء نقابة المحرّرين، تنشط مجموعة من الصحافيين المستقلين؛ على رأسهم الزميل بسام القنطار، تحت شعار «صحافيون من أجل نقابة مستقلة شفافة وديموقراطية». يطالب هؤلاء أيضاً بتأجيل الانتخابات، غير أنّهم يذهبون أبعد من الآخرين عبر المطالبة بسنّ «قانون عصري وبإجراء مساءلة مالية وإدارية وإعادة النظر في جدول المنتسبين».
انبثقت عن هذه الحركة أمس عريضة ستجمع تواقيع الصحافيين في مختلف ميادين الإعلام، فيما يعتبر نصّها أنّ الانتخابات الحالية «باطلة» بحكم القانون، ويدعو إلى تعديل القوانين ليتمكن مئات الصحافيين العاملين في قطاعات مختلفة من الانضمام إلى هذه النقابة، ويكون لهم الحق في اختيار النقيب والأعضاء.
وفيما تتصاعد الحركة داخل النقابة وخارجها، تلوح من جديد ملفات تُدين النقيب الياس عون ومن حوله. وثائق بمثابة جردة لولاية النقيب تظهر حجم التورّط في قضايا فساد مالي، وهي قد تُستخدم اليوم كورقة ضد النقيب. وقد يراد لها أن تكون فقاعة صابون بما أنّ «الأخبار» نشرت في 30 تشرين الأوّل (أكتوبر) 2013 أدلة ووثائق تدين عون في قضايا مشابهة، لكنّها ظلت حبراً على ورق. فهل يكون مصير الملفات الحالية مماثلاً؟