ظلّت الثورة المصرية تبحث عن شاعر يمثلها طويلاً حتى وصل اللقب إلى عمرو قطامش. الشاب الذي لم يبلغ بعد عامه الرابع والعشرين، لم يعرفه المصريون إلا بعدما هدأ ميدان التحرير رغم أنه كان قد ظهر على شاشة «إم. بي. سي» قبل الثورة ضمن برنامج Arabs got talent الذي توّجه منذ أيام نجم الموسم الأول. ثم عاد إلى الميدان وشارك في الثورة، ونسي الأمر تماماً كما حكى في ظهوره الأول مع عمرو أديب يوم الأحد ضمن برنامج «القاهرة اليوم» على قناة «اليوم» التابعة لشبكة «أوربت».
وهو الظهور الاستثنائي الذي حصل عليه أديب بحكم كونه عضو لجنة تحكيم البرنامج، علماً بأنّ mbc تمنع ظهور نجوم البرنامج في قنوات أخرى.
قدم أديب قطامش بوصفه ملقّباً بـ«شاعر الثورة» رغم أنّه متخصص في الشعر الحلمنتيشي. وهي كلمة تنقسم إلى جزءين: الأول «حلا» بمعنى «يحلو»، والثاني «منتيشي» بمعنى «نتش» أو جذب. وهو أحد ألوان الشعر الذي تُمزج فيه اللغة العربية بالعامية لطرح فكرة معيّنة بأسلوب بسيط، فيما استخدام العامية يهدف إلى التقرّب أكثر من الناس.
مع ذلك، لم يجد الجمهور غضاضة في أن يعبّر عن ثورته شاعر «حلمنتيشي» تربّى في مقاهي وسط البلد القريبة من ميدان التحرير. انتزعت أشعار عمرو قطامش لقب «شاعر الثورة» من أسماء أخرى أبرزها هشام الجخ الذي شارك في برنامج «أمير الشعراء» على قناة «أبو ظبي»، وحقق جماهيرية كبيرة قبل الثورة لا بسبب قصائده الغاضب من النظام المصري البائد فحسب، بل من مصر نفسها. لكن المرحّبين بـ«جلد الذات» التفّوا حول الجخ طويلاً. هكذا، حقّقت قصيدته الوحيدة أثناء الثورة «مشهد رأسي من ميدان التحرير» انتشاراً كبيراً ليهزم موقتاً الشاعر المعروف عبد الرحمن الأبنودي صاحب قصيدة «الميدان»، ويتخطى تميم البرغوثي صاحب قصيدة «يا مصر هانت» التي أطلقها في الأيام الأولى من الثورة وتنبأ فيها بسقوط مبارك. لكن جماهيرية الجخ لم تتأثر فقط بصعود عمرو قطامش وبالقصيدتين اللتين حصدا بهما اللقب. لقد تراجع الجخ على مرحلتين: الأولى عندما انتشرت على «يوتيوب» تصريحات تلفزيونية له عبر محطة «المحور» ـــــ أكثر القنوات الخاصة دعماً لنظام مبارك ـــــ يطالب فيها الشباب بالاستماع إلى تعليمات رجال الشرطة معلناً أنّه يؤيد الثورة، لكنّه يريدها مهذبة وتحت السمع والطاعة! هذا قبل أن يتلقى ضربة أخرى من الشاعر عبد الستار سليم الذي اتهم الجخ بالسطو على أجزاء من ديوانه «فن الواو»، لتزداد في المقابل صدقية عمرو قطامش لكونه كان في ميدان التحرير عندما تلقى الدعوة إلى الاستمرار في البرنامج. وقد تردد في قبولها قبل أن يحزم أمره ويقرر الذهاب من أجل التعبير عن الثورة وعن الشباب «السيس» (رخو) وهو تعبير كان يُطلقه رجال مبارك على شباب الـ«فايسبوك» قبل أن يفاجئوهم بـ«ثورة 25 يناير». لكن «بصرخة شاب سيس، سقط نظام ورئيس» العبارة الأشهر لقطامش الذي أدان الإعلام المصري في قصيدة الحلقة قبل الأخيرة، وهاجم تجار الثورة قائلاً «يا معشر تجار الثورة، لم يبق مكان لغبي، احترموا ثورتنا كانت تشبه معجزة لنبي، احترموا الثورة واحترموا شهداء الوطن العربي»، وصل قطامش بسهولة إلى الحلقة النهائية. وكان مدعوماً بإعجاب لجنة التحكيم وبتصويت المصريين الذين عادوا لمتابعة البرامج الترفيهية بعد هدوء الأوضاع في الشارع. لكن معظمهم عرف قطامش أولاً عبر «فايسبوك» عندما انتشرت الفيديوهات الخاصة بقصائده عن الثورة، وطلب محبوه دعم الجمهور له في الحلقة الأخيرة.
لكن قطامش يعترف بأنّه لم يكن ينتظر اللقب بشغف بعدما تأكد من وصول أشعاره إلى الناس، هو الذي ظل لسنوات طويلة يمثل في الجامعة والمراكز الثقافية من دون أن يعرفه أحد قبل أن يصبح من أشهر شباب مصر «ببركة الثورة». ورغم أن أصدقاءه نصحوه بألّا تكون الثورة محور قصيدة الحلقة الختامية، لم يجد من ذلك مفراً، إذ اختار أن يدين فلول النظام السابق من جهة، ويبرز التغيير الذي أكده شباب مصر من جهة أخرى.
هكذا، بدأ قصيدة على لسان فتاة تدعى «عزة» تشكو من انقطاع مغازلة الشباب لها بعد الثورة، قبل أن يستدعي القضية الفلسطينية في عبارة على لسان الفتاة نفسها: «ولهذا أفتخر ببلدي وعرفت هنا معنى العزة، وتقينت بأنا يوماً وقريباً سنطهر غزة». وأنهى القصيدة بعبارة «أنا لا أحلم، سأظل أنادي حتى إن بح الصوت، وسأصنع وطناً يحيا من قلب الموت».



أزمة السيارة

يواجه قطامش مفارقة مضحكة مع السيارة الفاخرة التي ربحها في الحلقة الأخيرة من برنامج Arabs got talent، إذ إنّ جمرك دخولها مصر وصل إلى 150 ألف دولار تقريباً.
وهو الأمر الذي سيجبره غالباً على بيعها خارج الحدود كما صرح في برنامج «القاهرة اليوم»، فيما طلب عمرو أديب تدخّل وزارة المالي للإفراج عن السيارة مجاناً، لكن الإعلامي عاد وحذّر من خطورة ذلك قانوناً في بلد يحاسب الآن كل الفاسدين من النظام السابق. هنا، رفض قطامش الفكرة حتى لا يكون هو أيضاً من «تجّار الثورة».