في عيدها العشرين، لم تشأ قناة «الجديد» الاحتفال به إلا بين جدران الاستوديو وفي حضرة رئيس مجلس إدارة المحطة تحسين خياط، الذي لم تطأ قدماه المكان منذ عام 1997 على حدّ تعبيره. هكذا، خُصص برنامج «الأسبوع في ساعة» مع جورج صليبي أول من أمس لإقامة هذه الاحتفالية. لم تُجر المحطة جردة حساب وتقويماً بعد عقدين من ممارستها لمهنة الصحافة المرئية كما توقّع المشاهد وكما هو معتاد.
المؤسسة المثيرة للجدل دوماً و«الزئبقية» في مواقفها السياسية، اختارت اختصار عيدها بحلقة من البرنامج الأسبوعي لمدة ساعتين تمحور خلالهما الحديث حول السياسة والتمويل والثورات، وطبعاً «الوجه الآخر» لتحسين خياط، وفق ما أعلن صليبي.
في غضون ثلاث دقائق مقرونة بحركة استعراضية، جالت الكاميرا مرافقةً لحظة وصول خيّاط من باب المحطة إلى الاستوديو مع توقفه محيّياً العاملين هناك. كل هذه المشهدية تزامنت مع مقدمة من «العيار الثقيل»، حيث كال صليبي كل أنواع المدح والثناء على خياط «الذي عقد منذ الولادة تحالفاً مع التهور» و«زواجاً مارونياً مع الجرأة»، مستعرضاً أبرز محطات حياة خياط طالب الطب الذي تحول إلى بائع للموسوعات. مقدمة الثناء هذه أعقبها صليبي بتعليق أعلن فيه خلعه لثوب المذيع المنتمي إلى «الجديد» ليكون «محاوراً من خارج الكادر الوظيفي» ويطرح «كل الأشياء من دون حواجز، ومن دون خطوط حمراء، وأقنعة وقفازات».
ساعتان من الوقت تخللتهما شهادات سياسيين وإعلاميين من قدامى «الجديد» يثنون على المحطة، وخرقتهما مواقف لم تعد بجديدة على أسماع اللبنانيين. دارت الحلقة على محاور عدة، أبرزها الموضوع السوري الذي اعتبر خياط أنّ القتال الدائر هناك يصنعه طرفا الموالاة والمعارضة على حد سواء. وفي خصوص التمويل، كشف أنّه أصدر مذكرة تلزم الموظفين في القناة بعدم التعرض لدولة قطر أو شتمها. فالدولة برأيه أسهمت وموّلت الثورات في بعض البلدان العربية. كذلك لم ينف امتلاك القطريين لأسهم في المحطة الفضائية وفتحه للاكتتاب أمام من يشاء من المتمولين العرب.
القسم الأكثر إثارة واهتماماً بالتأكيد تُرك للجزء الأخير من الحلقة. على طريقة تلفزيون الواقع، اقتحمت الكاميرا منزل خياط ورافقته إلى مكتبه ولم تنس أن تظهر وجهه الإنساني من خلال سيره في الشارع وإلقائه التحية على قاطنيه. بدا المشاهدون أمام مسلسل أعدّ السيناريو الخاص به سلفاً. هكذا اكتشف الجمهور حلّاقه الخاص المرافق له منذ أكثر من 20 عاماً وتعرفوا أيضاً إلى أبنائه وأحفاده وزوجته سمر الخائفة عليه وعلى أولادهما من جرعات الجرأة التي يبثها خياط في محطته. رافق المشاهدون الرجل السبعيني الذي يمارس رياضة كرة المضرب يومياً صباحاً مع المدرب وكريمته كرمى... صور برّاقة وإخراج حميمية العائلة إلى العلن وتصوير خياط كاملاً منزّهاً عن الأخطاء. مع ذلك، أصرّ صليبي الذي خلع كلياً من ثوب الإعلامي في الحلقة، على سؤال ضيفه عن سر كثافة الإعلانات المروجة للحلقة في الشارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، ثم ختم كما بدأ بأنّ الحلقة لا تقع ضمن نية «عميد الجرأة» في الخوض في أي عملية انتخابية أو رئاسية لكونه «سنياً متزوجاً شيعية» وليس «شيعياً» كما يعتقد كثيرون، وبالتالي يحق له تولي منصب رئاسة الحكومة!