بيتر سوندي ليس قرصاناً تقليدياً، بل واحد من مجموعة «خارجين على القانون»، أسهموا في تعديل فهمنا واستخدامنا للفضاء الإلكتروني. أخذ هؤلاء على عاتقهم مواجهة «الديموقراطيات الغربية» للحفاظ على خدمة إنترنت «مفتوحة ولامركزية». «علينا إيقاف القطاع الفاسد الذي يتحكم بالإنترنت»، قال سوندي (34 عاماً) ذات مرة في مقالة قصيرة نشرها في مجلة Wired الأميركية، وتابع إن تبادل الملفات ليس سوى حصيلة للتطور الديموقراطي.

انطلاقاً من هذه الفكرة، توصّل الموظف السابق في إحدى شركات الأدوية الألمانية إلى تأسيس موقع Pirate Bay عام 2003، بالتعاون مع فريديرك نيج وغوثفريد سفارثولم. الموقع المتخصص في تبادل الملفات ومشاركتها عبر الإنترنت من خلال تكنولوجيا «تورنت» (Torrent)، أوصل مؤسسيه إلى مواجهة اتهامات رسمية بانتهاك حقوق الملكية الفكرية عام 2009، إضافة إلى الحكم عليهم بالسجن لمدة سنة وبغرامات مالية تصل إلى حوالى 6.5 ملايين دولار أميركي. شكّل هذا الموقع إحدى أهم الحركات السويدية الداعية إلى حرية التعبير، ومقاومة الفساد والرقابة، والآخذة في النمو رغم كل أشكال التضييق.
مواجهة التوتاليتارية العالمية خلقت علاقة بين سوندي وموقع «ويكيليكس». راح الرجل يجمع التبرعات لجوليان أسانج بعد الحصار المالي الذي فرض عليه من خلال نظام «فلاتر» للمدفوعات الذي أدخله على Pirate Bay، بغية إتاحة الفرصة أمام الزوار لتقديم تبرعات صغيرة «ودعم محتويات إلكترونية مستقلة وبديلة مالياً». عن كل هذا، سيتحدّث الرجل ذو الأصول النروجية والفنلندية غداً السبت ضمن «شارك بيروت» (س:12:20). كثيرة هي الانتقادات التي يتعرّض لها موقع سوندي، أولها اتهامات بـ«سرقة» الأعمال الإبداعية. «هناك فرق شاسع بين السرقة والنسخ. نحن لا نجرّد أي شخص من حق استخدام ما هو ملكه»، يشرح سوندي لـ«الأخبار» مضيفاً: «نسبة الرابحين من تبادل الملفات تبلغ 99.9%، بينما الخاسرون هم فقط من يحاولون السيطرة على التوزيع الذي لم يعد محصوراً بمكان محدد في العالم الافتراضي».
وحول قوانين النشر المختلفة، أكد سوندي أنها لم تلق استحسان الجمهور، موضحاً أنه «منذ 30 عاماً، كان نسخ الكاسيت غير قانوني، إلا أنّ الناس واصلوا النسخ والأمر يتكرر اليوم مع الانترنت». وهنا، يشدد الرجل الذي يتقن خمس لغات على أن «أصحاب حقوق الملكية الفكرية يستغلون شبكات الإعلام الضخمة التابعة لهم وينفقون مليارات الدولارات على الدعاوى القضائية والرشى لمنع توعية الناس بشأن حقّهم في التبادل الحرّ للمعلومات على الانترنت». يرى سوندي أن قيود حقوق النشر والملكية الفكرية ترتبط بالسياسة، وتحديداً بهاجس السيطرة لدى الدول العظمى و«الأميركيون أبرز مثال على ذلك، فجزء من قوّتهم ناتج بسبب نشر وجهة نظرهم وأسلوب حياتهم من خلال هوليوود».
وبالرغم من التحديات المتعاظمة التي تواجهها مواقع تبادل الملفات من قبل معظم الدول الكبرى، وخصوصاً أميركا، إلا أنّ سوندي متيقّن بأنّ الثقافة ستنجو دائماً «لأنها موجودة في داخل كل إنسان».

(الأخبار)
لقد تم تعديل هذا النص عن نسخته الأصلية المنشورة بتاريخ 5 تشرين الأول 2012


مداخلة سوندي في افتتاح Share Belgrade في نيسان(أبريل) الماضي