يتكلّم بثقة وجسارة، لا نعرف تماماً من أين يستمدّهما. ينتهر السياسيّين، كما يزجر أبٌ صالح أبناءه الطائشين، بشيء من البراءة الرسوليّة التي تعلو عادة وجوه المبشّرين الدجّالين. يضع خفّته الشبابيّة، في خدمة خطاب انحطاطي. ما أدراك ما الرجعيّة «الانعزاليّة». شكراً Mtv! لقد صار للجمهوريّة مصلحها الاجتماعي، ومرشدها الروحي، وداعيتها التلفزيوني. لنقل إنّه عمرو خالد في نسخة pop لبنانيّة.
نوع من أبو ملحم بوست مودرن. لهذا السبب ربّما، ذكر نجمنا الملتهب، وزير الداخليّة اللبناني مروان شربل أكثر من مرّة، في الحلقة الأخيرة من برنامجه الذي تفوح منه رائحة عفونة، مغلّفة بعطر «أرماني»، لكن، من هو هذا الفتى الهائج الذي يخلط بين الماركتينغ والأخلاق، جامعاً بين صداميّة نضال الأحمديّة ورشاقة راقصي الـ Chippendales، بين شراسة جون واين وطراوة غلمان أبي نؤاس؟ من أين أتيتم لنا بهذا الـ «طرطوف» الشعبوي المصرّ على إحقاق الحقّ، وصار بعده طوني خليفة يعدّ مثقّفاً تروتسكيّاً؟
في الحلقة العاشرة من «أنت حرّ»، اغتصب Zorro معلوف حميميّة شاب مدمن، مستعملاً عائلته والمحامين والمصلحين الاجتماعيين في كرنفال مثير للغثيان. ثم تابع مأساة الطفل العراقي الذي اغتصبه «سائق البيكانتو». أخذ الصغير إلى ستريدا جعجع، فأعطته مليوناً وخمسمئة ألف ليرة، وأمنت له علاجاً نفسياً واتصلت أمام الكاميرا بالوزير شربل (ما غيرو) فوعدها خيراً… لكن مهلاً، ابن الـ ١٣ عاماً الذي ظنّ أنّ «بيكانتو» مغتصبه «سيّارة سرفيس»، اعتاد أن يركب بمفرده سيّارة أجرة، ويذهب إلى العمل بمرتّب ١٦٠ ألف ليرة شهريّاً! وهذا الأمر «العرَضي»، لم يثر اهتمام أحد، لا زورو ولا زورا ولا أبو ملحم. ثم وبّخ «جو» الرئيس ميقاتي على سياسة حكومته الاقتصاديّة «الفاشلة» التي حرمت قوى الأمن الداخلي البنزين، ما سيزيد من استفحال الجريمة. وكشف مباشرة عن الاسم الكامل لـ «شوفير الفان» المتهم بطعن «شوفير التاكسي» (الطاعن مسلم والمطعون مسيحي طبعاً). وصاحت امرأة هستيريّة احتجاجاً على هجرة مسيحيي الشرق، في فقرة غلاء الأقساط المدرسيّة التي ختمها بدعوة «كل» أهالي الطلاب، في «كل» المدارس، إلى تحرّك سلمي. «لازم كل لبنان يجي» قال جو…
وهنا وصلت الحلقة إلى الذروة. «ناس ملهيّي بأمنها وبغذائها بالبلد، وناس عم بتلاقي مفرّ ومهرب من هموم الحياة، آآآآآآ بهالحاجات، حاجاتها الجنسيّة يللي عم بتصير معن». السبق عن «سينما الحمرا» في طرابلس: «عم بيصير فيا كتير من الأمور الجنسيّة، وعم بيصير فيها نشاط إباحي. هيدي السينما بتستقبل الرجال، وبتعرضلن أفلام إيروتيك، وبيمارسوا التحرّش والشذوذ الجنسي، على المقاعد، وبعدين للأسف بيتوجّهوا إلى الحمام تبع السينما…». كادت ريلة Zorro تشط وهو يصف المشهد بهبل مفجع، ثم «عرض تحقيقاً لا يثبت شيئاً». الطفل المعجزة في المشهد الفضائي اللبناني، يخلط بين مهنة الإعلامي وفنّ الوشاية والتهويل. يتّهم ويصدر حكم الإعدام. والأهم أنّ محطّته تعتزّ بإنجازاته، إذ وزّعت Mtv بياناً منتصراً، تعلمنا فيه أن الرئيس ميقاتي اتصل على أثر الحلقة بالمدعي العام للشمال القاضي عمر حمزة، الذي أمر بإقفال سينما الحمرا «التي لا تشبه إلا مراكز الدعارة». متى يدير الشيخ بلال دقماق المحطّة «الليبراليّة» التي انتقلت من محاربة «الإرهاب الثقافي» إلى مكافحة الدعارة؟

بيان MTV