لا بدّ من أنّ القبرصلي كان يراقبنا عن كثب، نحن الرواد الافتراضيين. لقد سخر منا وضحك علينا وفي المقابل أضحكنا على أنفسنا. مَن منا لا يملك حساباً على فايسبوك؟ حتى الجنين في بطن أمه، يملك حساباً فايسبوكياً وفق زعم روبرتو قبرصلي. لقد برع في السخرية منا و مما نقوم به من «لايكات» ونكتبه من بوستات و«ستاتوسات». نعم، تلك صارت اللغة التي نتداولها في أحاديثنا اليومية بعيداً من الحاسوب. لم يكن روبرتو قبرصلي ساذجاً أو سطحياً في معالجته معضلة الفايسبوك وتعاملنا معه. الفكرة التي ابتكرها طالب جامعي، كان هدفها التسلية والترفيه، فإذا بها تتحوّل مارداً قادراً على بدء معارك وانتفاضات وثورات وحروب طاولت مختلف الأراضي العربية والعالم. كما كانت لها أيضاً قدرة إنهائها. لم يسلم أحد من لسان قبرصلي وسخريته المعهودة. فالسياسيون من مختلف أطيافهم وانتماءاتهم كان لهم حصّة، و«داعش» أيضاً، مركزاً على انتشار هذا التنظيم ومشككاً في احتمال وجود بعض عناصره بين الجمهور لنسف العرض بمن فيه. حالة فايسبوكية أخرى أضاء عليها هي الشعراء الافتراضيون وموقف المجتمع المدني وأصحاب الحسابات المشبوهة المشكوك في مصداقيتها.
ميّز وقارن صفحات وصور السياسيين ورجال الدين، ومن منهم حصل على أعلى أو أدنى عدد من «اللايكات»، كما وصل إلى «الممانعين» والمتحدثين عن الثورات العربية، مستعينين «بستاتوسات» افتراضية لا تقدم و لا تؤخر، فمن منهم استطاع فضّ الحصار عن فلسطين أم إنجاح الثورة السورية؟ أعادنا روبرتو قبرصلي الى الوراء، كاشفاً كيفية دخول الفايسبوك الى بيوتنا وانتشاره في مجتمعنا وكيف أن بعض النسوة نصحن بناتهن بالفايسبوك لعلهن يلتقين بعريس الأحلام المنتظر. لم يكن مشروع قبرصلي سهلاً، بل كان عرضاً سهلاً ممتنعاً. اضحاك الجمهور يحتاج الى ثقة بالحسّ الفكاهي وإلى موهبة مميزة لتثبيت حماسته. هذا ما يميّز هشام جابر الممثل والمخرج. ضحكة تلو الأخرى كانت كفيلة بنقلنا من الواقع الى الافتراضي. لم يكن سرده للأحداث مملاً. لقد امتلك خشبة المسرح بحضوره القوي وزيّه ذي الأطراف اللماعة. فكرة بسيطة جعلها روبرتو قبرصلي صلة وصل بيننا وبينه من جهة، وبيننا وبين الفايسبوك من جهة أخرى، فنصحنا بعدم أخذ الموقع الأزرق على محمل الجدّ، بل بالاكتفاء به أداةً للتسلية والترفيه وليس كساحة معركة لتبادل الشتائم وفرض آرائنا على الآخرين.
دعوة إلى عدم تحويل الموقع
ساحة معركة