1. العشرونأدخلُ العشرين
كمن يخرج من الجنّة
لأنام ملء ذنوبي،
أخطائي: حاشيتي ورفاقي.
ملكاً أدخل العشرين
عرق التاج يسقي زهرة نزقي
وتتحلّق حولي هواجس الإجرام
مثل إياد حبيبة.
أُسمّي الغيوم برغباتي
وأرقب كيف تصل كلُّ واحدةٍ ذروتها ثمّ تذوي.
يدي الأولى تبذل سنّةً للفضيلة، خطوةٌ نحو خلودها،
الثانية تحول دون ذلك
وأنا مصلوبٌ بينهما.

أدخل العشرين كمن يفتح الثلّاجة
ويصمت أمام فراغها،
صورة الجوع هذه
نسخةٌ عن الصحراء
وقلبي، الواحة التي تناقضها،
يسبقني نحو الهواء
يعرف أنّ النوافذ نساءٌ عالياتٌ
ينفتحن على الحياة
ويصلّين للأمل الخفيض
وهو يمرّ كنسيمٍ جارحٍ .
ينقذني من الاختناق أن أفتح نافذتي
وأغنّي لها:
يومك بلبلٌ صامتٌ
وأيّامي خفافيش تغنّي
كيف وأنت سعادةٌ، ترتدين حزن الثكالى؟
والكحل على عينيك غربان ذائبة.
أدخل العشرين أعزلاً
ويقيني أنّ الصباح بهجةٌ مجروحةٌ
لأنّ وحشة المساء ما يشغل بالي
وكلّ بسمةٍ آفِكةٍ لن ترفع مستوى الأمل
فأعود إلى الصفر كأنّه بيتي.

2. نجمة التراب
ماذا أهبكِ من بعيدٍ؟
خاتمكِ جمرةٌ، يداك أبديةٌ
ولو مسحتُ عنكِ غبار الملائكةِ
ستومضُ دهشتي لؤلؤةً
وتنطفئُ حواسي أمام بزوغَكِ نجمةً من التراب.
بأيِّ يدين سأمسِك ضوءك
وأجعلهُ حقيقةً ملموسةً
مثل فَنائي؟
لا أشكو دورانَ العالم بيننا
ونأيُنا مثل ليلٍ ونهار،
فقط أريدُ للفجرِ أن تشتبك خيوطهُ
ونجاريه في حيرتهِ
مكتسبين شفقاً أطول.

لكنّ الحياة دسيسةٌ
ستفتحُ عند الوصولِ طريقاً آخر
يربكُ إدراكي كلّما اقتربت
فأرى دارَك منحوتةً من يقظةِ الذئاب
في شارعٍ يشي باختطافك،
وعليكِ عينُ أبوّةٍ ساهرةٍ
ترقبُ احتمالَ وقوعكِ في خطأ
يجعلكِ
بعيدةً عن حركةِ يدي.
يدي التي بغباءٍ تمسكُ الفراغَ وتقولُ:أنتِ هنا.
بينما أنتِ بعيدةٌ
والمسافةُ جارحةٌ
ولحظة تخاطرنا تأخذُ من الوقتِ وزن دمعةٍ.
أنا من غرفتي إلى عالمٍ موحشٍ
أخرجُ كلّ صباحٍ
كمن يقعُ في الفخِ مرّتين،
وأنت بنيةِ الإنقاذ
تمدّين أصابعك مثل نخيلٍ مذبوحٍ وتغلقين النافذة.

3. عَود
للروحِ حِين تَخلع الجسدَ
عذرُ الأعمى
وللجسد الخالي الظلام.
ومن نبوغِ تواريكِ
أن تتركي آثاراً مضيئةً
لتتبع غيابكِ الفراشات
فيصير كلُّ ما هجرتيه حدائق،
هذا سرُّ النور في جثماني.
رغم فَنائي
ما زالت أصابعي شموعاً
وجبيني مهبط الطير،
عيناي عن بصيرةٍ حيةٍ تنغلقانِ
وفمي بلبلٌ نافق وتاريخ غناء.
هذا المآل موتٌ رحيمٌ
وهذه سيرةُ الجسدِ الذي تغادريه
وفيه فكرتك تبقى.

4. طيران الكائن
ليست خفّة الكائن ما تجعله يطير
بل أحلامه
وهي تجتاز مكيدة الافتراس
برشاقة الطرائد
مثيرةً إعجاب الطبيعة
حين تفتح عيون دهشتها على
ما يجعل وقت الوهلة أطول
فيغرق طرفٌ ثالثٌ في الحسرة
على فراغ سلاله وضمور خياله
وينشغل في ترجمة مرادفات الخيبة،
متى ما أقرّ الكائن بجهد الفكرة
انهمر دمع الفرح،
ابن الحزن الضال.

5. حروب الأمس، خساراتٌ أليفة
تولدُ فيّ كراهيةُ الصباحِ
بعد قطعه أذيال الحلم،
فأفيقُ مكدوداً من معاركِ الأمسِ
على شمسٍ خبيثةٍ تعرض سيرةَ الخيبة
من أفقٍ يتسعُ سعة الندم
ينفتح على حظيرة الأسى في الروح
حيث تربية الخسارات الأليفة.
ضياع خلايا الأبوّة
يستشرفُ القادم من الأيّام
بيوضاً فاسدةً،
فتتلاشى أعضاء العيش
وحواس الرغبة
رافضةً السير على حبل الحياة
بكعبٍ عالٍ.
يطولُ مكوثي في سواد الساعة
فاتحاً مصراعيّ
لتلقّي حزب أحزانٍ
منتخبٍ بعنايةٍ
من شعوب الخطأ.

أجسُّ نبضَ الأرضِ
بلوامسٍ تخافُ
وأنهض من الفراش
كأيّ ذاهبٍ للحرب.
* من مجموعة «مخطوف من يد الراحة» الفائزة بـ «جائزة الرافدين للكتاب الأول»