ضمن برنامج أبحاثٍ تبنّاه منذ أيلول (سبتمبر) 2014 لمدّة أربع سنوات تحت عنوان «آفاق جديدة في مقاربة تكوّن ونشأة الحكاية الأدبية العربيّة»، يفتتح «المعهد الفرنسي للشرق الأدنى» (IFPO) اليوم في بيروت ندوته الدوليّة بعنوان «جذور تقاليد الخطاب السَّرديّ العربيّ. حدود أدبيّة الخطاب وموقع السرد من علوم الدين والسِيَر والتراجم والتواريخ بين القرنين السابع والعاشر الميلاديّين». ويأتي ذلك بالتنسيق مع كليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة في «جامعة القديس يوسف»، وبمشاركة باحثين من لبنان وتونس والمغرب وعُمان وإيران وفرنسا.
تمتاز هذه الندوة بمقاربتها النصوص السرديّة التي طالما صنّفتها الدراسات القديمة خارج إطار الأدب الكلاسيكي والشعبي، من تراث ديني وكتب تاريخ وسِيَر وتراجم، لطرحها كمادّة أدبيّة، ووضعها ضمن سياق تطوّر الأدب عموماً. هذا الطرح يُعتبر جديداً في الدراسات العربيّة. هكذا، ستنقل الندوة هذا التراث «من موقعه الفئوي إلى آخر إنساني يمكن مقاربته كمادّة معرفيّة صرفة»، وفق ما يقول الباحث أيّاس حسن مدير البرنامج وأحد منظّمي الندوة التي تُختتم بعد غدٍ الجمعة، ويليها إصدار كتاب في نهاية العام الجاري.
تندرج المداخلات في الندوة تحت أربعة محاور هي: نظريّة الأدب، تاريخ الأدب، التناصّ وجماليّة السرد.
ويشير حسن إلى أهميّة «فتح شهيّة طلاب الدراسات العليا اللبنانيّين على العمل والتأمّل في هذا التراث، في ظل تراجع مقلق في عدد المتخصصين في الآداب العربية القديمة في المؤسسات العلمية في لبنان، البلد الذي كانت أجياله السابقة قد مَدّت حقل دراسات التراث بمجموعة من أهمّ أسمائه في القرن الماضي».

إذاً، البعد البحثي التخصصي المطروح سيتيح لهذه المنطقة من خلال باحثيها فرصة الخروج من البلبلة الفكريّة إلى بناء هيكلية علمية تدرس تاريخ المنطقة، وتقدّم بديلاً من الطروحات الفكرية العمياء والشموليّة.
أما المشاركون في ندوة اليوم، فهم من ست جنسياتٍ مختلفة وإحدى عشرة مؤسسة من جامعاتٍ ومراكز أبحاث.
عبر هذا النشاط، تكون بيروت مجدداً ملتقى ومنبراً يطلّ من خلاله الباحثون على منطقة الحروب لأخذ ما فيها من قيّم وطرحه كمادة لمحاربة السيئ الذي يهدّد وجودها. تشكّل بيروت اليوم صدى للمنطقة تقول فيه كلمتها وتعطي من تاريخها الثقافي والحضاري إرثاً جميلاً وراقياً للإنسانيّة، فيما يُرتجى من العاصمة اللبنانية احتضان المزيد من الأنشطة المشابهة.