بشير صفيرمن هي «فرقة التراث الموسيقي العربي» التي تحيي مساء اليوم حفلة في الجامعة الأنطونية في منطقة بعبدا؟ بدايةً لا بد من القول إنّ كل ما نشأ على أسس متينة، لا يمكن أن يموت. ينطبق هذا المنطق على الفنون وعلى غيرها. وفي مجال الموسيقى الأمثلة كثيرة، أقربها إلينا نهوض الإرث التاريخي لعصر النهضة الموسيقية العربية بعد عقود من الغياب «تتوجت» بالانحطاط (التاريخي أيضاً) في العقدَين الأخيرَين. وعندما نتكلم عن هذا النهوض أو الانبعاث، إنما نقصد إعادة إحياء ما أبدعه فنانو ذاك العصر، بمعنى أنّ لا ابتكار موسيقياً نهضويّاً يُذكَر اليوم، بل هناك نبْشٌ للماضي لتقديمه بأمانة تارةً أو «بتصرُّف» تارةً أخرى. هذا هو المعترك الذي دخلته «فرقة التراث الموسيقي العربي» منذ تأسيسها، فاختارت تحديداً الأمانة النسبية في إعادة إحياء الموسيقى الكلاسيكية العربية، من خلال تقديمها برؤية خاصة لا تمسّ بالمضمون الأساسي.
تأسّست هذه الفرقة عام 2003 على يد مجموعة من طلاب الموسيقى في الجامعة اللبنانية، وقدمت عدداً من الحفلات لا تزال أصداء إحداها تتردّد إلى اليوم في أرجاء «مسرح بيروت» المقفل. أعضاؤها، هيّاف ياسين (سنطور)، سعادة أبو جودة (غناء، وهو غير مشارك في الحفلتين)، أسامة عبد الفتاح (عود)، هشام حلاق (بزق وهو غير مشارك في الحفلتين) وناجي العريضي (رقّ)، تلقّوا دعم عرّاب عصر النهضة في لبنان الموسيقي وعازف الكمان نداء أبو مراد. شجّعهم هذا الأخير على المضي قُدُماً في مشروعهم المخصَّص لهذه الموسيقى. بعد الحفلات، أصدرت الفرقة أخيراً أسطوانتها الأولى «غزل» (إنتاج خاص / توزيع «إنكوغنيتو»).
حوت «غزل» وصلتَيْن (الأولى من مقام الراسْت والثانية من مقام الصَبا تتخلّلهما تغييرات مقاميّة)، تكوّنت كلّ منهما من قوالب موسيقية وغنائية عربية عدّة (موشحات، أدوار، قدود،... إضافة إلى التقاسيم). وإذا كان لا بدّ من الإشارة إلى ميزة واحدة عند الفرقة، فهي من دون أدنى شكّ تركيبتها التي تتضمن السنطور. هذه الآلة غير المألوفة في منطقتنا (مستعملة خصوصاً في العراق وإيران)، أدخلها هيّاف ياسين إلى التخت الشرقي بقوة، بفضل تمكّنه الكلي من إمكاناتها، فجعلها تبدو من صلب التركيبة، لا دخيلة ولا نافرة ولا ركيكة.


8:00 مساء اليوم ــ الجامعة الأنطونية (بعبدا) ــ للاستعلام: 05/924073